![](https://i0.wp.com/tfa9eel.com/wp-content/uploads/2022/11/pexels-ds-stories-6991443-scaled.jpg?resize=780%2C470&ssl=1)
أتدرون ما الغيبة؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : أتدرون ما الغيبة ؟
قالوا : الله ورسوله أعلم.
قال صل الله عليه وسلم : ذكرك أخاك بما يكره.
قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟
قال صل الله عليه وسلم : ” إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهته.
رواه مسلم ٢٥٨٩
نهانا الإسلامُ عَنْ مَساوئِ الأخلاقِ ، وحَرَّم الغِيبةَ تَحريمًا مُغَلَّظًا ، فجعَلَها مِن كَبائرِ الذُّنوبِ ،
وهي مِن أكثَرِها انتشارًا بيْن النَّاسِ ، حتَّى إنَّه لا يَكادُ يَسْلَمُ منها إلَّا القليلُ مِن النَّاسِ.
وفي هذا الحديثِ يَسألُ النَّبيُّ صل الله عليه وسلم أصحابَه : «أَتدْرُونَ» ، أي: أَتَعلمونَ
«مَا الغِيبةُ؟» فَأَجابوا : «اللهُ ورسولُهُ أعلمُ» ،
وهذا مِن الأدبِ مع اللهِ سُبحانه ومع النَّبيِّ صل الله عليه وسلم ، فرَدُّوا العلمَ لهما ،
فَأجابَ صل الله عليه وسلم أنَّ الغِيبةَ
«ذِكْرُكَ أخاكَ بما يَكْرَهُ» والمعنى :
أنْ يَتناوَلَ المسْلمُ أخاهُ المسْلمَ في غِيابِه بكلامٍ وأوصافٍ مَذْمومةٍ ، لو كان حاضرًا أو وصَلَتْ له لَكرِهَها ،
سواءٌ كان ذلك في بَدَنِ الشَّخصِ ، أو دِينِه أو دُنياه ، أو نَفْسِه ، أَو خُلُقِه أو خَلْقِه ،
أو غيرِ ذلك ممَّا يَتعلَّقُ به ، سَواءٌ ذَكَرْتَه باللَّفظِ أو بالإشارةِ والرَّمزِ ، وقدْ حذَّرَ اللهُ تعالَى منها في كِتابِه الكريمِ ، فقال تعالى :
{وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات : 12].
فَسَألَ بعضُ الصِّحابةِ عمَّا إذا كانت هذه الأوصافُ أو بعضُها مُتحقِّقةً في صاحبِها ، أيُعَدُّ هذا مِن الغِيبةِ المَنهيِّ عنها؟
إقرأ أيضا: ماذا يفعل القرآن بعد الموت؟
فَأجاب صل الله عليه وسلم أنَّه إن كان فيه ما تقولُ مِنَ العَيبِ والمنقصَةِ ، فَقدِ اغتَبْتَه ،
أي : لا مَعنى لِلغِيبةِ إلَّا هذا ، وهو أنْ تكونَ المَنْقَصَةُ فيه ، وإنْ لم يَكُنْ فيه ما تقولُ ، فقدْ «بَهَتَّهُ»،
أي : قُلْتَ عليه الْبُهتانَ ، وهو الكَذِبُ العَظيمُ يُبْهَتُ فيه مَن يُقالُ في حَقِّهِ ، وذَنْبُه أعظَمُ مِن الغِيبةِ.
والغِيبةُ وإنْ كانت محرَّمةً فإنَّها تُباحُ في بعضِ الأحوالِ للمصلحةِ ؛
ومِن ذلك : دفْعُ الظُّلمِ ، بحيثُ يَذكُرُ المَظلومُ مَن ظلَمَه ، فيَقولُ : ظَلَمَني فُلانٌ ، أو فَعَل بي كذا.
ومنها : التَّحذيرُ مِن شرِّ مَن عُرِفَ بالسُّوءِ ونَصيحةُ مَن يَتعامَلُ معه.
ومنها : المُشَاوَرَةُ في أمْرِ الزواجِ أو المُشارَكةِ أو المُجاوَرَةِ ، ونَحوِ ذلك.
وَمنها : غِيبةُ المُجاهِرِ بفِسْقِه أو بِدعَتِه ، كالخَمرِ ؛ فيَجوزُ ذِكرُه بما يُجاهِرُ به فقطْ
وفي الحديثِ : بيانُ مَعنى الغِيبةِ ، والفرْقِ بيْنها وبيْن البُهتان.
وفيه : النَّهيُ عَنِ الغِيبةِ وَالبُهتان.
وفيه : بَيانُ تَعاهُدِ النَّبيِّ صل الله عليه وسلم لِأصحابِه وتَعليمِهم المفاهيمَ الصَّحيحةَ ، ونَهْيِهم عن مَساوئِ الأخلاق.