أحببت قاتلي

أحببت قاتلي

بعد تخرجي من الجامعة تغيرت حياتي للأسوء ، ظننت أن حلمي بدأ يتحقق وسأبرع بالعمل الذي اردته دوما.

إذ إلتحقت بالمعهد حتى أتطور وأكتسب خبرة أكثر في التخصص الذي نجحت فيه بتفوق.

وفي طريق المثابرة وتحقيق الطموحات صادفت شخصا لم أتوقع أن أحبه بهذه السرعة.

تعلقت به مع الأيام ، وأصبح هو من ضمن الأماني التي برمجتها على دفتري أنتظر تحقيقها بفارغ الصبر.

كانت الساعات والأيام تمر كالقطار السريع من كثرة الإفراط في سرعتها ،

أفرطت وأدمنت على وجود ذاك الإنسان ما بين يومياتي ،

لحد أن توقف القطار فجأة وتوقفت معه الثواني والدقائق ونبض طعم الحياة الحلوة التي ذقتها من قبل.

ومن دون موعد وسابق إنذار ظهر من جديد أمامي الشبح المرعب الذي كان سببا في تحطيم أمالي.

الوحش الذي تصديته بحزم يوما وأبعدته عن طريقي بوضعه في المكان المناسب له الذي يستحقه وراء القضبان.

بعد كل محولاتي بإقناعه سابقا أنني لم ولن أحبه ومستحيل ومن أخر الأيام بالنسبة لي أن أكون له ، ولكن دون جدوى.

عبث أن يستسلم ويقر أنني لن أبادله الشعور بحبه لي ، حتى تمادى فلم يكن سوى أن أحمي نفسي منه بمقاضاته.

ظننت أنني لن أراه مجددا والكابوس قد اختفى نهائيا من على سبيلي ،

ولكن كنت مخطئة يوم رأيته أمامي واقفا والشر يتطاير من عيونه.

علمت أنه حان وقت إنتقامه.

وبدون أن يعطيني مهلة كي أستوعب إذ به يخرج من جيب سرواله قارورة صغيرة ، أفرغ كل محتواها على وجهي ،

وانطلق يركض بعيدا وتركني أصرخ من شدة الألم والحرقة التي شبت على معظم وجهي.

إقرأ أيضا: إمرأة عثرت على ثعبان صغير جائع

بعدها لم أجد نفسي إلا وأنا بالمستشفى ، اعالج التشوهات والعمى الذي خلفتها مياه الحمض التي سكبه ذاك البائس على وجهي.

مررت بأيام وشهور صعبة وقاسية ومدمرة للنفس ، خاصة بعد أن تخلى عني من ظننته سيكون سندي ومستقبلي القادم معه فور رؤيته لي.

أصبحت أيامي كلها مقتسمة ما بين المستشفيات وعمليات الترميم الفاشلة لتعديل جزء ولو بسيط على وجهي.

وأنا غارقة في وحل اليأس والبؤس إذ بيد تنتشلني رويدا رويدا من الموت البطيء الذي حل على كل كياني ،

يد قدمت من السماء لكي تعيد بصيص من النور الذي افتقد رؤيته بوضوح.

لا أدري كيف أو متى حتى ألفت صاحب تلك اليد الحنونة التي لم تتركني في عز محنتي ،

فلم أصدق حينها كيف لشخص ما على كوكب الأرض أن يعجب بفتاة تقريبا مشوهة بالكامل مع فقدان بصرها.

فأردت أن أختبره مرارا وتكرار بمزاجي السيء المتقلب وعدواني المفاجيء له والصمت الذي أرتديه أغلبية الأوقات ،

حتى فقط أمتحن هذا الإنسان قدرته على تحملي.

والمفاجأة في اليوم الذي اعتقد أنه لن يعود لرؤيتي مجددا.

أجده مهتما وعطوفا أكثر من اليوم الذي سبقه.

لم أرى شكله بسبب عدم رؤيتي بوضوح في تلك الفترات التي كنا نلتقي بها بالمستشفى ، وفي الحقيقة لم أكن مهتمة بالموضوع.

كل ما كان يهمني هو اهتمامه بي وتقبله لي كما أنا ، وأحببته دون أن أدري.

وأصبح التفكير في عدم وجوده بحياتي ستكون نهايتي هذه المرة.

لذا قررت أن أعمل المستحيل لكي أعود كما كنت في السابق وأجمل عن ذي قبل من أجلي ومن أجله ،

دون أن يطلب مني ذلك حتى فقط نكمل حياتنا دون شوائب.

إقرأ أيضا: قالت الفتاة يا محمد أريدك أن تكون مسيحي!

وسافرت إلى الخارج مخاطرة حتى أقوم بأكبر عمليتن تجميلية على وجهي.

فاضطررت بعدها أن أمكث هناك شهرا متوعدة أن أعود بحلة تبهره ، وسأعتبرني هدية له على كل ما فعله معي في ضائقتي الكبرى.

وفعلا عدت وأنا لم أعرفني بعد معانات كثيرة من كل ما إجتزته مع أمهر الأخصائيين للتجميل.

فأردت أن افاجيء من كان سببا لعودتي للحياة ، دون أن أعلمه أن بصري عاد لي هو كذلك من جديد.

ولكن من تلقى المفاجاة في تلك الأثناء هو أنا.

حيث كان الشخص الذي أشعر به من داخلي بأنه أصبح النصف الثاني لي من روحي.

فلم أجده سوى هو الشخص الذي كان سببا في تشوهي هو نفس الشخص الذي رمى ماء النار علي.

فاصبت حينها بصدمة كبيرة انتشلت على إثرها مجددا إلى المستشفى.

ولكن هذه المرة كي أعالج من إضطراب نفسي أودى بي إلى الجنون.

والمضحك في الموضوع حتى جنوني كان يعجب ذاك المريض بي فلبس ثوب المجانين وأراه في كل الأماكن المتواجدة بها.

فهل هذا يعقل أم بما أني مجنونة أصبحت أتوهم؟

Exit mobile version