Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الحب في الحياة

أحبته منذ أن إلتقيا في الجامعة

أحبته منذ أن إلتقيا في الجامعة وكان كالحب الذي يقرأ في الروايات حب من أول نظرة ومتبادل بين البطلين.

أغرق البطل حبيبته طوال تلك السنينِ بكلماتِ الغزلِ ، غير إهتمامه بها وخوفهِ عليها كما تخافُ الأم على وليدها ،

ويتزايد ذلك الإهتمامُ في الشتاءِ ، فكانَ يتملَّكَهُ القلقُ دوماً أن يمسَّها الهواءُ الباردُ ويتمكَّنَ منها المرض ،

فتقعُ طريحةَ الفراشِ بضعةَ أيامٍ فيُحْرَمُ مِنْ رؤيتِها ، وكانَ أكثرَ ما يُعجِبُها بِهِ إلى جانبِ إهتمامهُ ، غيرتَهُ عليها.

فقد كان يُشْعِرُها دوماً أنها مَلِكَتُه ، حتى حق النظر إليها له وحده ،

ولم تكن تشعرُ بالضيق من ذلك ، لأنَّ غيرتَهُ كانت محدودةً فلم يبالغ قط.

ما إنْ تَخَرَّجَا حتى تزَوَّجا ، وقرَّرا أن يؤسسا حياتهما يداً بيد ، وبرغم أنها تزوجَتْهُ بمنزل عائلته ،

فلم تمنع المصروف الشهري الذي تقتَطِعَهُ من مرَّتبها عن عائلتها ، فكوْنَ أبيها كبيرٌ في السن ،

كانت تُخَفّفُ عبءَ الحياة عنه بدون أن تُشعِرَه عندما تعطي لأمها مصروفاً شهرياً بيدها.

وكان أكثرَ ما يحبُّه بها أنها مَرْضيَّةٌ لوالديها مثلَهُ ، فقد جَمَعَهُما إلى جانبِ الحب ،الخُلُقُ الحَسَن.

بأول زواجهما ، قرَّرا أن يُؤجِلا الإنجابَ سنتين أو ثلاث سنينَ كحدٍ أقصى ، كي يؤسسا حياةً تليقُ بمولودهما ،

ولا يحرمانِهِ من أي شيء يريدهُ ، فقد كان منزلُ والديه قديمٌ بعض الشيء حتى بأثاثهِ وأدواتهِ الكهربائية ،

لِكَونِه متوسّطَ الحالِ كعائِلَتِها ، وبعد مضي سنة ونصف مَرِضَ أبيهِ وأصبحَ يحتاجُ غسيلَ كِلى بشكل دوري ،

وهما وقبلَ تلك المدة لم يجنيا شيئاً ، فالوارد كان يساوي الصادر.

فمضَتْ خمسُ سنينَ وموضوعُ الأطفالِ مُلغىً من قاموسهما.

بعدَ أنْ رأَتْ كل صديقاتها اللواتي تزَوَّجْنَ بعدها ، يحيَيْنَ حياةً زوجيةً تليقُ بملكاتٍ وأنجَبْنَ أطفالاً ، وهي تَحيا حياةَ الجَواري.

أصبَحَتْ تشعرُ بالسَخَطِ من حياتها ، ولم تعد ترى باهتمامه بها وغيرته عليها التي لم تتغير أبداً ، سوى أنها إزعاجٌ وضَجَرْ.

إقرأ أيضا: سألت إمرأة شقراء زوجها ذات ليلة

أما صديقاتها فقد أصْبَحْنَ يَشْعُرْنَ بالشفقة على حالها ويُعطيْنَها كل ملابِسِهِنَّ التي مَلَلْنَ إرتدائها بعدَ بضعِ مرات ،

ولأنَّها كانت تتأَفَّفُ دوماً من ملابسها الرخيصة الثمن ، التي إرتَدَتها مراراً وتكراراً ،

كانت تأخذ كل ما يُعطيْنَهُ لها كونَها تعتَبِرُهُنَّ كأخواتها ، ولم تكن تأْبَهُ لعدم رضا زوجها ،

لحينِ نصحَتْها أقربُ صديقاتها نصيحةً قلبَتْ حياتها رأساً على عَقِب.

باتَ ضَجَرها منهُ ومن حياتها واضحٌ على ردَّاتِ فعلها ، فَمَضَتْ ثلاثةُ أشهرٍ إنتَقَدَتْ بها كل ما يُحيطُها ،

حتَّى الهواءُ الذي تَتَنَفَّسُهْ ، ولمْ تَعُدْ حتَّى تَبَتَسِمُ لأبياتِ الشّعرِ التي يَقولها لها ،

بل كانَتْ تنظُرُ له باشمئزازٍ وكأنَّه يقولُ أقْذَرَ الشتائم ،

وهو كانَ يغُضُّ الطَّرْفَ عن ذلك ويُرْجِعُ السَّبَبَ لضغطِ العملِ وواجباتِ المنزلِ ؛ لحين طفحَ الكيلُ معهُ وانتَفَضَ غاضباً ،

لأنها صَرَخَتْ بوجهِ أبيهِ عندما أوْقَعَ كأسُ الشايِ من يدهِ بدونِ قَصْدْ ،

وأْسْرَعَتْ لغُرفَتِها وهي تقولُ : حياةٌ لمْ تَعُدْ تُطاق ؛ فَتَبِِعَها ثُمَّ سألها عن سَببِ تَبَدُّلِ حالها ، فلم تُجِبْ واسْتَرْجَعَتْ نصيحةَ صديقتها :

لا يوجد شيءٌ يُجبِرُكِ أنْ تعيشي حياةَ الفَقْرِ والتَّعَبِ ، وأنتِ إمرأةٌ بكاملِ أُنوثَتِكِ ولا يَنْقُصُكِ سوى حياةٍ هنيئة ،

لا تُضيعي شبابكِ بحياةٍ لا جدوى منها ، خُذي بنصيحتي واطلبي الطَّلاق.

وعندَ عودةِ صديق زوجي من أوروبا بَعدَ بضعةِ أشهرٍ ، سأُدَّبِرُ لقاءاً بينكما ، فهو يبحثُ عن إمرأةٍ عربيةٍ تُشارِكُهُ حياتَه.

عاوَدَ سؤالها عندما رآها شارِدَةَ الذّهنِ ، فقالت مُحتَدَّة :

أريدُ الطلاق ، أطلق سراحي من سجني ، فأنا قَرَّرْتُ ذلكَ بعدَ تفكيرِ أشهرٍ.

لم ينطقْ بكلمةٍ واحدة عندما رآها تأخذُ أغراضها لترحَلَ لمنزلِ أهلها ، ثم قالت له عندما وصلَتْ إلى الباب :

سأنتظرُكَ غداً الساعةَ العاشرةَ صباحاً عندَ بابِ المحكمة.

إقرأ أيضا: ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺏ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻷﻭﻻﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ

إلتَزَمَ الصَّمْتَ ، وأتى في الموعدِ المُحدَّدِ ، وتَمَّ الطلاق ، وبعدَ بضعةِ أشهرٍ عادَ العريسُ المنتظر ،

ولاقَتْ إستحسانَهُ ، فقد كانت زوجةً مثاليةً له ، عندما عَلِمَ سببَ طلاقِها ، وهو لا يَنقُصُهُ شيء.

تمَّ الزواج وسافَرَتْ معه ، فَرَأَتْ حياةً لطالما حَلِمَتْ بها ، لحينِ بَدَأْتْ تُشْعُرُ بفراغٍ عاطفي ،

فكانَ لا يُعيرُها أيَّ إهتمامٍ ، وأصبحَ حالها كحالِ أي أثاثٍ في المنزل ، ولا يتناولُ أيّ وجبةَ طعامِ معها ،

وأحياناً ينسى أنْ يُرسِلُ لها رسالةً أنَّهُ سينامُ خارجَ المنزلِ ؛ فأصبَحَتْ جسداً بلا روح.

وباتَتْ كلَّ يومٍ تسترجِعُ أيامها مع طليقها ، وتَتَحَسَّرُ على ما خَسِرَتْ ،

فعلى الرغمِ أنها كانت تعلمُ أنَّ زوجها قد طَلَّقَ زوجَتَهُ الأولى بناءاً على طَلَبِها ،

بسببِ عدمِ إهتمامهِ بها كونَهُ دائمُ الإنشغالِ بالعملِ ، فلم تأبَه لذلك ، فقد كانَ جُلُّ إهتمامها المنزلُ الفخمُ والنقود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?