أحد المشايخ ماتت زوجته رحمها الله فحزن عليها حزنا شديدا واشتهر حزنه عليها.
فأرسلت إليه إحدى صديقات زوجته رسالة تصبره فيها وإليكم رسالتها إليه بحروفها.
السلام عليكم يا شيخ أنا إحدى صديقات زوجتك ، بلغني وفاة زوجتك وغاليتك
أم معاذ ،
وبلغني حزنك الذي مر بك ، فاقرأ قصتي.
ليست أول قصة تحكى عن الفقد والألم ،
فهناك المئات مثلي يعانون الفقد والحرمان ،
إما أحد والديه أو إخوته أو كلاهما.
بدأت قصتي في يوم 27 من شهر رمضان في آخر ساعة من ذلك اليوم.
يومها إتفقنا جميعا نركب سيارة واحدة ونغادر ذهابا لبيت الله الحرام لنؤدي فريضة العمرة.
وهذا قدر من أقدار الله أن إخواني رفضوا يركبون سيارتهم وجاءوا معنا ، فكنا ثمانية أشخاص ،
أنا ووالديّ وأخواتي وأخواني ، كان القائد والدي وأمي بجانبه.
إتفقنا وقتها أن كل واحد منا يمسك المصحف ويقرأ ويدعي إلى أن نصل ، حتى نختم القران بذلك اليوم.
واستمرينا بالقراءة مع صمت وخشوع
كأننا لن نقرأه مرة أخرى.
كانت أختي تقرأ وتبكي والأخرى تنظر إليّ وتبكي وتدعي ،
كنت أسألهم لماذا الدموع؟
فقالت إحداهن : صوت الله قريب مني وأنا أقرأ.
أثناء ذلك ، أظن أن الوالد رحمة الله عليه غلبه النعاس ، وانحرفت السيارة من أعلى العقبة ، هذه العقبة أعلى الجبل.
سقطت بنا السيارة في الوادي مسافة طويلة ، وانقلبت بنا وكل ما تدحرجت يخرج أحدهم من السيارة ويسقط.
إقرأ أيضا: يقول كانت جارتي تبادلنا النظرات
أنا وقعت على شجرة والباقين بالوادي سقطوا.
وقت الحادث كان أذان المغرب وصائمين عندها ، أغمى عليّ ونزفت كثيرا.
أذكر أني صحيت وصرخت أبحث عنهم ،
وكنت رغم الكسور والإصابات أمشي مرة وأحبو مرات ،
لم يشاهدنا أحد أثناء سقوط السيارة ،
وبدأت أزحف إلى أن وصلت لهم.
وحاولت تغطية أخواتي ، وجدتهم فارقوا الحياة وكل واحدة رافعة السبابة وقد تشهدوا ولله الحمد.
وجمعتهم في مكان واحد ، حينها حل الظلام
والخوف من أصوات الحيوانات والظلام ،
لم أجد إخواني أبدا.
زحفت ووجدت أمي قد فارقت الحياة ،
وقد تشهدت ، وعباءتها ملتفة عليها كالكفن ، لم يظهر منها سوى إصبعها وقد تشهدت ،
حتى الغطاء لم يسقط.
بقيت بحضنها أحاول لعلها تسمعني ، ولا فائدة.
وصلت لأبي وما زال حيا وينزف ، فرحت وضميته على صدري فرحت أنه ما زال معي ، فقال لي :
أوصيك بنفسك ، ألا تبقين هنا كثيرا ، واطلعي الجبل ونادي من يساعدك ، ويساعد إخوتك وأمك.
عندها خفت من صوت الكلاب أكرمك الله حولي ومن ظلام الليل ، فبقيت بحضن أبي ،
وقلت له أنزف ولا أستطيع الحركة وسأبقى معك.
وقتها أخذني على صدره ، وكان يوصي بأن أكون كما عهدني ، وبقي يدعوا لي ، وسمعته يتشهد وفارق الحياة.
بقيت لوحدي أبكي وادعي إلى أن دخلت في غيبوبة.
إقرأ أيضا: ماري آن بيفان واحدة من السيدات التي لها قصة
لم أحس بنفسي فقد أغمى علي من النزيف.
في اليوم الثاني عصرا ، تخيل يوم كامل لم يرنا أحد ، وجدنا راعي غنم ، وأبلغ الدوريات ،
ومن هنا جاءت فرق الدفاع من طيارة وسيارات ، وتم إنتشالنا على دفعات.
بعدها لم أفق من الغيبوبة إلا بعد خمسة أشهر ،
وأدركت ما حصل ، وكأنه خيال وحلم.
بقيت أتعالج سنتين في كندا ، أصبت بكسور خطيرة في الرأس والرقبة والظهر والحوض وغير ذلك.
إني فقدت بسبب النزيف نعمة أن أكون أما ،
رغم محاولات كثيرة وفشلت من الأطباء.
فكان الإختيار إما حياتي ، أو العملية التي قد تفقدني نعمة الأبناء.
وكان إختيارا صعبا ، ودمرني كثيرا ، وها أنا بخير وعافية والحمد الله.
وأنا تعمدت أن أخبرك بقصتي يا شيخ ، حتى تعلم أنك لست الوحيد من فقد عزيز وغالي.
وأن الدنيا لن تنتهي بفقد أحدهم ، ولكن علينا الصبر على أقدار الله التي هي من تمام الإيمان.
والحمد الله ها أنا أعود لعملي ، وانتقلت للرياض وبدأت أعيش وأتعايش مع حياتي الجديدة.
والحمد لله على كل حال ، نسيت أن أقول لك ، كان على موعد زفاف إخواتي أسبوعين .،وكنا نريد أن نعتمر قبل زفافهم.
وإلى الآن فساتين زفافهم معي ومحتفظة بها إلى أن أموت.
همسة :
إلى كل الذين تتأخر أمانيهم عن كل ما يحيط بهم ، بضع سنين لا بأس فما حدث مع يوسف يحدث لكل الصابرين.
ما أخذه الله لحكمة ، وما أبقاه لرحمة.
قد تتأخر الأمنيات لتكثر المعطيات
فأحسنوا الظن بالله.