أحيانا الحاسد يصنع لك مجدا

أحيانا الحاسد يصنع لك مجدا

في زمن الأمير فيصل بن تركي آل سعود كان جالسا في مجلسه الكبير وعنده عدد كبير من الضيوف ،

منهم الشعراء وكبار التجار ، ومن هؤلاء التجار رجل من قبيلة ( العنزي ) قد عاد من رحلة سفر طويلة مع قافلة يقودها بنفسه من ثلاثمائة رجل.

فقال الأمير فيصل للتاجر العنزي : احكي لنا ما أغرب شيء شاهدته في سفرتك الطويلة؟

فقال التاجر : أغرب ما صادفني أني أقبلت على مدينة من المدن وفيها قصر كبير ضخم ،

وقابلني رجل مبتسم فرحب بي وسلم علي وعينيه تضحكان ، ثم قال تفضلوا أنتم ضيوفي.

ادخلوا قصري قد عزمتكم على العشاء ، ونحن ثلاثمئة رجل فبصراحة كنا مرهقين من السفر والرجل عزمنا.

فدخلنا نحن وجمالنا فاستقبلنا الخدم وادخلونا في المجالس والحوش فامتلأت ،

وجلسنا كلنا ومرت ساعة ثم ساعتين والخدم يدورون علينا بالقهوة ،

وبعد ثلاث ساعات أو أربع وضعوا لنا العشاء في بساط طويل جدا وكرم رهيب ،

ثم وقفت في مدخل المجلس إمرأة متغطية بالكامل بحجابة ورحبت بنا ، وقالت يا هلا والله ثم هلا ..
من الصمان الى الدهنا ( الصمان والدهنا اسم منطقتين بالسعودية )

اقلطوا على حلال الذي إذا غاب وصى وإذا حضر تقصى.

فتعجبنا كيف ترحب بنا إمرأة على العشاء ، وأين صاحب البيت الذي عزمنا.

فوقفت وسألتها أين صاحب الدار الذي عزمنا وأقسم علينا ، فقالت صاحب البيت مسافر وأنتم ضيوفه وإكرامكم واجب ،

وحياكم الله وخرجت.

فعرفت أن الذي عزمنا ليس صاحب البيت بل رجل حاقد يريد إحراج صاحب المنزل ،

بدعوة هذا العدد الهائل من الرجال لبيته بدون استعداد مسبق.

إقرأ أيضا: قصة حدثت في جمهورية السودان لأحد المعلمين

ولكن الزوجة كانت نعم الزوجة ، رأيتها بيضاء ،

وأدارت المنزل وطلبت من الخدم فذبحوا وطبخوا وقدموا لنا خير عشاء.

وودعناهم ونحن محرجين بصراحة ، وهذا أغرب ما مر علينا بسفرتنا.

فقال الأمير فيصل ولمن كان ذلك القصر ،
فقال العنزي القصر لزيد الخشيم الخالدي.

فأشار الأمير إلى أحد الرجال الجالسين على يمينه ،

وقال هذا هو زيد الخشيم الخالدي ، وهنا تعانق الرجلان.

وهذا الشخص الحاقد الذي دبر هذا المقلب أراد الإساءة لصاحب القصر ،

ولكن هذه الحادثة خلدت سيرة زيد الخالدي وزوجته نورة التميمي وصارت كلمة نورة التميمي ،

(اقلطوا على حلال الذي إذا غاب وصى وإذا حضر تقصى )

كلمات خالدة ، عند العرب في أرقى المناسبات والإجتماعات تقال كلمتها

وخلدت هذه الحادثة أسماء أصحابها فسبحان الله.

عدوهم أراد الإساءة لهم ، فخلد ذكرهم بسببه.

الحاسد قد يصنع لك مجدا لم تكن تتوقعه.

Exit mobile version