أطفال الكرة الجزء الأول
أطفال الكرة الجزء الأول
بعد أن عادت المعلمة إلى شقتها حاولت التركيز أثناء تصحيحها واجبات الطلاب ،
متجاهلة أصوات الركض في الشقّة التي فوقها إلى أن ضاق صدرها ونزلت للطابق الأرضي لتبلغ شكوتها لحارس المبنى عن قلة ذوق جارها ،
قائلة بعصبية : أخبره أن يأمر أولاده بالتوقف عن لعب الكرة فأنا موظفة وأحتاج للهدوء.
الحارس : لكن يا آنسة.
المعلمة مقاطعة : أعرف أنني مستأجرة منذ يومين لكن الضجيج لا يُطاق يا رجل.
يا آنسة الشقة التي فوقك فارغة ، لكني أسمع صوت الكرة طوال الوقت ،
ومستحيل أن يكون مصدرها الشقة المجاورة لأنها فوق رأسي تماما وتتبعني أينما ذهبت كأنهم يقصدون مضايقتي.
الحارس : أنا أخبرتك سابقاً عن قصة العجوز التي انتحرت بالشقة لكنك أصريتي على العيش في مبنانا المسكون.
قالت بسبب إيجاركم المنخفض ولأنني لا أصدّق بالأشباح.
الحارس إذا سأفتح لك الشقة لتتأكّدي بنفسك ، فلا أحد رغب باستئجارها بعد تلك الحادثة.
وحين صعدا للطابق العلوي وجدتها فارغة بالفعل.
الحارس : أرأيتِ لا يوجد أحد هنا.
المعلمة باستغراب : هل تسمح لي برؤية بقية الغرف؟
قال : تفضّلي.
وكانت جميعها عبارة عن جدران متآكلة وأرضية متربة ، وحين دخلت الغرفة الأخيرة وجدت كرةً قديمة هناك!
فنادت الحارس : تعال وجدتها.
وحين اقترب من المعلمة تفاجئا بتحرّك الكرة وحدها رغم النوافذ المغلقة قبل أن تُقذف بقوة لترتطم مباشرةً في وجهها.
مما جعل الحارس يهرب من الشقة فورا ، ولحقته المعلمة المرتعبة لتجد الباب مقفلاً بإحكام.
إقرأ أيضا: أغنى إمرأة في العالم
ورغم صراخها للحارس إلا أن صوتها ظهر خافتاً كأن لا صدى له.
ثم سمعت دحرجة الكرة فالتفتت خلفها لتشاهد أربعة ظلال صغيرة تقترب منها وكان هذا كافياً لتفقد المعلمة وعيها.
حينها رأت مناماً غريبا : أربعة أولاد يلعبون الكرة بجانب الغابة بحماس وسعادة ،
لكنهم توقفوا بعد سماعهم لإمرأة عجوز تناديهم من الكوخ ثم رأت نفسها تركض معهم عائدة إلى المنزل ،
وجلست بجانبهم على طاولة الطعام لترى العجوز تسكب في صحونهم عصيدة مقزّزة.
فقال أكبر الأولاد بضيق : رجاء جدتي لا تطبخي هذا الطعام الرديء ثانية.
فأجابته بحزم : لا أريد إعتراض أساسا ، صحتي تتدهور كل يوم ولم يعد بإمكاني خدمة البيوت ،
والمال الذي ادّخرته انتهى قبل أيام ، ومازلتم أيها الكسالى ترفضون العمل لمساعدتي بمصروف المنزل.
فأجابها الولد الأوسط : مازلنا صغارا يا جدتي فأخي الكبير 13 سنة وأنا 12 وأخواي التوأمان 10 ،
فأي عمل سنجده بعد إجبارنا على ترك المدرسة؟
قالت الجدة بلوم : لأني لا أملك مصاريف تعليمكم أساسا أنتم تضيعون الوقت بلعبكم السخيف؟
فقال الولد الأصغر : نحن نتدرّب كل يوم لنصبح لاعبي كرة ماهرين.
أخوه التوأم : أتعرفين يا جدتي كم يدفعون للاعب كرة القدم.
الأخ الأوسط بحماس : الملايين.
الجدة : أولئك يتدربون في نوادي رياضية وأنا لا أملك المال لذلك ، لهذا عليكم البحث عن وظائف فأنا لست ملزمة بكم.
الولد الصغير بحزن : وما ذنبنا إننا أيتام؟
أخوه التوأم معاتباً : لسنا أيتاما أمي حية ، وستعود إلينا يوما ما ، أليس كذلك جدتي؟
فتنهّدت بضيق ، قبل أن تقول أظنكم كبرتم كفاية لتعرفوا الحقيقية ،
أمكم لا تعمل نادلة في المدينة بل هي فتاة ليل وكل واحداً منكم إبن أحد زبائنها.
إقرأ أيضا: أطفال الكرة الجزء الثاني
فسألها أحد التوأمين : لكن أخي يشبهني تماما.
الجدة : أنتما من ذات الأب وأخويكما من والدين مختلفين ، يعني جميعكم أولاد حرام.
الولد الكبير بغضب : أنت تكذبين.
الجدة : أصمت يا ولد.
الولد الكبير : إذا نريد الإنتقال للمدينة للعيش مع أمي فالحياة معك صعبة للغاية.
الجدة : وأنا تمنّيت ذلك منذ كنتم أطفالا وتركتكم اللعينة عندي لتكمل عملها القذر في المدينة ،
حتى مصروفكم التي كانت ترسله لي توقف منذ سنة.
الكبير : أعطيني عنوان عملها وثمن الحافلة وسأذهب وحدي للمدينة للبحث عنها.
يتبع ..