أعرفُ زوجة يُحبها زوجها حبًا تُحسد عليه ويقدِّر مشاعرها تقديرًا لم أرَ مثله إلا أنني وعلى مدار تسع سنين زواج
لم ألمح له تعليقًا على حسابها الشخصي ولم أرَ منه إشارة لحسابها ولا إعلانًا لحبهما وسفرهما معًا..!
وتخيلوا أيضًا أنني أعرف فتاة ذاعت شهرتها في الأرجاء مؤخرًا حضرتُ حفلَ زواجها وانتظرت إعلانها عنه عبر السوشال ميديا
وانهمار صورها الجميلة عبرها لكنني فوجئت بكتمانها للأمر وعندما استفسرت منها أخبرتني أنها تفضل ألا تجرح سعادتها مشاعر مئات المتابعات ممن تأخر زواجهن..!
وتخيلوا أيضًا أنني أعرف شابًا قضى أول شهر من زفافه في باريس ولم ألمح عبر حسابه صورة واحده له هناك، رغم عشرات الصور التي أرسلها لي بشكلٍ خاص!
وللأسف وسط خضم هذه الأحداث السعيدة لك أن تتخيل أنني منذ دقائق رأيتُ شابًا يضرب والدته في الطريق العام
رغم نشره لحديث شريف عن بر الوالدين أول أمس..!
إحدى صديقاتي لا تكف أبدًا عن إظهار مشاعر الحب بينها هي وزوجها، صورة يتبعها أخرى
وفيديو يتبعهُ آخر وحكايات حُب طويلة من نسج خيالها بالتأكيد في كل تجمع عائلي
وحدي أنا من تحدثها بالساعات عن ظلم زوجها لها وخسة ووضاعة تصرفاته وأخلاقه المنعدمة وصلواته التي لا يلتزمُ فيها بفرض واحد!
إقرأ أيضا: أخيرا قررنا أن نلتقي بعد علاقة إلكترونية
نحنُ نعاشر السوشيال ميديا
أحدهم لا يكف عن النشر عن حُسن الجوار لكنه في الواقع لا يتورع عن أذى جاره
وإحداهن لا تكف عن منح النصائح للمتزوجات وبيتها على شفا جرف هار
وهذا يصمُ أذنيك بالحديث عن الإخلاص و الاكتفاء الزوجي لكن في الحقيقة الخيانة تركض في دمه.
لو وجهنا كل هذه الطاقة المهدرة -لتجميل أنفسنا على مواقع التواصل- لتجميل الواقع فعلًا وإصلاحه لأصلاحناه بسهولة ويسر..
لو انشغلنا في بيوتنا بالحب أكثر من انشغالنا بإظهاره وانشغلنا مع أهلنا بالبر أكثر من انشغالنا بالحديث عنه.
عمومًا لو انشغلنا بتعديل أنفسنا فعلًا بدلًا من الصورة المُعدلة التي نبثُها للآخرين كذبًا
لأنار واقعنا بدلًا من هذا الظلام الدامس الذي نكاد نغرق فيه.