أهم ما تمنحه وسائل التواصل الإجتماعي لجيل اليوم ، هو الفرصة الدائمة للرحيل بشكل هادئ ومسالم من أي علاقة ،
فقط بضغطة زر تمحو وجود الطرف الآخر.
الأمر أشبه ما يكون بوجبة غذائية تشتريها لأيام متتالية ،
وحين تمل منها فإنك تقوم بشراء وجبة أخرى ، ويتكرر الملل مع هذه الوجبة الجديدة ، فتنتقل لوجبة أخرى وهكذا بلا نهاية.
المواد القابلة للإستهلاك مغرية والنفايات منفرة ،
فالتأقيت والمدى القصير اللذان تقوم عليهما حسابات المجتمع الإستهلاكي الحديث يقومان بتوليد الحاجات بشكل مستمر ،
وتحويل كل قديم إلى شيء مستهجن يستحق أن يوضع في سلة النفايات ، بما في ذلك المشاعر والأجساد والصلات.
في هذا المجتمع الذي يطغى عليه هذا النوع من الإستهلاك لكل شيء بما فيها العلاقات ،
يبدو أنه لا يوجد أمام الفرد سوا خيارين :
أولهما أن يخلص لشخص واحد يتحمله بكل ما فيه من محاسن أو عيوب.
والخيار الثاني هو أن يتنقل الفرد بين العلاقات باحثا عن إشباع رغباته ،
دون الحاجة إلى تقديم إلتزامات أو حمل عبء إصلاح العلاقة حين يواجهها أي خلل.
لأن مجتمع اليوم الإستهلاكي يدعم الخيار الثاني ويقدمه للأفراد على أنه الخيار الأفضل.
نجد هذا المجتمع يعاني من الهشاشة في علاقاته ، وإنتهاء كل ما ميز الحب قديما من صفات الديمومة والتلقائية والعفوية.
يقول «باومان» «عندما يخذلك الكيف ، فإنك تطلب النجاة في الكم.
وعندما يكون الدوام غير معقول ولا مقبول ، فإن سرعة التغيير هي التي يمكن أن تنجيك.
السؤال هنا
لماذ يتم تقييم الأفراد الآن بمقدار شهرتهم في محيطهم الإجتماعي ،
أو عدد متابعيهم على وسائل التواصل الإجتماعي ، ونوع ماركة الملابس ، والمظهر الخارجي وغيرها؟