أولاد الحطاب الجزء الأخير
أولاد الحطاب الجزء الأخير
إمتلئ أولاد الحطاب الثلاثة رعبا وهم يرون الغولة وهي تركض نحوهم على يديها ورجليها حتى اكتسحت في طريقها سميرا فجثت فوقه ثم رفعت ساطورها وهي تصرخ.
فسارع سمير وسحب من جعبته السكين التي أخذها من كوخ الغولة وأغمدها في ساقها ،
فزعقت الغولة وترنحت فجائت ضربة الساطور على الأرض بمحاذاة أذنه تماما بعد ذلك.
تمكن هاني ومها من سحب أخيهما سمير من تحت الغولة المفترسة ثم انطلقوا جرياً نحو الكوخ ،
فيما نهضت الغولة ولحقت بهم وهي تعرج.
فلما شاهدتهم يدخلون الكوخ أومأت بيدها فانطبق الباب عليهم فضحكت وهي تقول :
ها قد احتجزتم داخل وكري يا لكم من أغبياء شجعان نعم لكن أغبياء.
وفي داخل الكوخ تصرف سمير بسرعة فقذف باللوحة المعلقة جانبا فبان خلفها تجويف يضم ما كان الثلاثة يتوقعونه تماما ،
قفاز من نحاس تحيط بأربعة من أصابعه أربعة خواتم ثمينة.
ومع اقتراب الغولة من الكوخ أخرج سمير الخاتم الخامس من جيبه على عجالة ،
فيما أخواه يحثانه على الإسراع لكنه ولفرط توتره وحماسته فقد أسقط الخاتم أرضاً فهرع أخويه يبحثان عنه.
وهنا رفست الغولة الباب ودخلت كوخها وهي تطلق صيحات مفزعة لترهب الصغار ،
فقامت مها بمهاجمة الغولة بمكنسة خشبية طويلة لتكسب بعض الوقت لشقيقها ،
فمددت الغولة ذراعها بشكل مخيف وقبضت على مها من رقبتها ثم جذبتها إليها وقربتها من وجهها وأخذت تلعق وجه الفتاة بلسانها المشقوق ،
ثم كشّرت عن أنيابها وأرادت أن تلتقم وجهها بقضمة واحدة.
فصاحت مها : أخي سمير أسرع أرجوك.
وهنا عثر هاني على الخاتم فأسرع برميه إلى سمير الذي ما إن تلقفه حتى ألبسه في القفاز الذي يرتديه آنذاك.
توهج القفاز فأثار انتباه الغولة فألقت بمها وتوجهت نحو سمير وهي مشغولة بالنظر إلى القفاز ثم قالت بتعجب :
كيف فعلتموها يا أولاد؟
إقرأ أيضا: قصة المتسول الغني
قام سمير بتوجيه القفاز نحو الغولة فانطلق منه شعاع أصاب الغولة وقذفها خارج الكوخ ،
ثم رفعها عاليا وهي ما تزال مغمورة بالشعاع الصادر من القفاز.
هنا ضحكت الغولة وقالت وهي طافية في الهواء بتأثير الشعاع : أهذا كل ما تقدرون عليه؟
من بين كل الخواتم الخمسة فإنك لا تستطيع التحكم سوى بخاتم قوة الطفو وهو الخاتم الأخير الذي يبدو إنكم قد عثرتم عليه ،
بخلاف بقية الخواتم فهي ذات قوى تدميرية فظيعة والآن أنزلني يا فتى وأعد لي قفازي.
بدأت يد سمير تؤلمه وقوة الشعاع تضعف ، فأخذت الغولة تهبط قليلا نحو الأرض ،
فخشي الثلاثة مما سيحدث لو بلغت الغولة الغاضبة أرض المزرعة.
وهنا خطرت لسمير فكرة عبقرية فشرع بتنفيذها في الحال ،
إذ انطلق يجري ويجري رافعا ذراعه وهو يدفع أمامه الغولة بواسطة الشعاع الذي يغمرها تماما ويشلّ حركتها حينذاك.
فهمت الغولة فكرة سمير فصاحت عليه وهي مرعوبة وأخذت تصرخ وتصرخ متوسلة إياه أن يتوقف ،
لكن سمير استمر بالجري حتى بلغ حدود المزرعة مع الغابة فواصل جريه آلى أن دفع بالغولة وهي طافية إلى خارج المزرعة ،
وهو يقول : أخبرتني أنكِ ستحترقين لو خرجتي من المزرعة فلنتأكد من صحة هذه المعلومة.
أخذت الغولة تنكمش مع نفسها وهي تنتحب والدخان يتصاعد منها بشدة حتى اشتعلت فجأة بلهيب مستعر ،
لكنها ورغم ذلك فقد حاولت الإفلات من قبضة الشعاع فتراخت قبضة سمير وكادت ذراعه أن تهوي ،
لكن هنا وصل إليه هاني ومها فأمسكو بذراعه ورفعوها له فاستند عليهم سمير وواصل ضغطه على الغولة حتى احترقت تماما ،
وسقطت أشلاؤها خارج المزرعة وانتهى أمرها إلى الأبد.
بعد أن احتفل الإخوة الثلاثة بنصرهم المثير ، قام سمير بنزع الخواتم وإعادة القفاز إلى الضريح ،
وعند نهاية تلك الليلة المرعبة وبزوغ فجرٍ جديد قرر الإخوة الخروج من المزرعة والعودة إلى البيت.
إقرأ أيضا: الأميرة وأوراق الشجر
فلما وصلوا إلى حدود الغابة شعروا بشخصٍ قادم من الجهة التي احترقت فيها الغولة ،
فاختبئوا خلف الأحراش وتطلعوا فإذا هي أم هاني.
حالما شاهدها هاني حتى هرع إليها فذهلت هي لرؤياه وعانقته وهي تبكي ،
ثم خرج التوأم وسألوها عن حالها فأجابت : عندما اكتشفتُ أن هاني قد لحق بكم وأن زوجي قد عاد بدونه ،
أصابني الجزع فطلبت من زوجي أن يعود إلى هنا ليبحث عنه.
فأخبرني أن الغولة لابد وأنها قد قضت عليه وأن علينا أن ننسى أمره ونهاجر القرية كما يفعل الكثيرون.
صدمني موقفه وأغضبني قيامه بإلقائكم هنا وكذبه علي ،
فطلبت منه الطلاق ففعل وتركني ليلتحق بركب الهاربين من الحرب ،
لقد كان حطابا طيبا لكن الخوف من الجوع جعله يفقد صوابه ،
أما بالنسبة لي فقد هرعت إلى هنا بلا هوادة حتى رأيت نارا تشتعل في الفضاء فأتيتها وإذا بي أعثر عليكم سالمين يا أولادي الشجعان.
أنا آسفة أيها التوأم هلا غفرتم لي؟
هنا نظر سمير إلى أم هاني وقال أنتي أمنا التي نعرفها وستظلين كذلك ،
ثم أخرج الخواتم ذات الأحجار الياقوتية وقال : ولن نخشى الفقر بعد ذلك أبدا.