إذا خشع جبار الأرض رحم جبار السماء
إذا خشع جبار الأرض رحم جبار السماء
قال الحسن بن محمد : قحط الناس في بعض السنين آخر مدة الناصر
(وهو الخليفة عبد الرحمن الناصر وهو من أحفاد عبد الرحمن الداخل وكان خليفة على الأندلس آنذاك )
فبعث رسوله إلى القاضي منذر بن سعيد
يدعوه للإستسقاء ،
فقال للرسول : ها أنا سائر ، فليت شعري ما الذي يصنعه الخليفة في يومنا هذا؟
فقال : ما رأيته قط أخشع منه في يومه هذا ، إنه منفرد بنفسه ، لابس أخشن الثياب ،
مفترش التراب ، قد علا نحيبه واعترافه بذنوبه ، يقول :
رب هذه ناصيتي بيدك ، أتراك تعذب الرعية ، وأنت أحكم الحاكمين وأعدلهم ، أن يفوتك مني شيء.
فتهلل منذر بن سعيد وقال : يا غلام احمل الممطرة معك ، إذا خشع جبار الأرض رحم جبار السماء.
فخرج للمصلى فصلى ثم صعد المنبر فلما أقبل على الناس بوجهه قال :
{سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوء بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم }
فجعل يكررها فأخذ الناس في البكاء والنحيب والتوبة والإنابة فلم يزالوا كذلك حتى سقوا.
هكذا كان الإستسقاء عند سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى ، يقدمون علماءهم وصلحاءهم للإستسقاء ،
ويتوب الحاكم من ذنوبه قبل الرعية وعامة الناس ، ويقدمون قبل الصلاة والدعاء التوبة والبكاء والإنخلاع من تقصيرهم والإعتراف بذنوبهم.
فهل إذا ذهبنا لنستسقي فعلنا كما يفعلون ، وأخلصنا كما يخلصون ، إن فعلنا أجبنا كما أجيبوا.
فكم نطلب السقيا ولا نُسقى؟
وكم ندعو فلا يستجاب لنا؟