إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب
يحكى أن رجلا أصابه فالج فأقعده في البيت ، وكان الرجل لحوحا كثير التذمر ، لا يستقر على حال ولا يهدأ له بال.
فابتكر أولاده طريقة لتسليته ، قبل أن يموت فيستريح ويريح ،
فاستأجروا له من يجلس معه باستمرار ويسليه بما عنده من قصص وأخبار ، لقاء قطعة نقدية من الفضة لكل يوم.
فأنجز الرجل مهمته حتى وافت المنية المريض المفلوج.
وحدث بعدئذ ، أن رجلا آخر في القرية ، شاخ وأقعده عجزه عن القيام والقعود ،
وكان كثير الكلام ويسعده أن يجد من يصغي الى أحاديثه باهتمام ،
ففطنت زوجته إلى الشخص الذي ذكرناه في السابق فهو رجل مجرب وقد نفذ مهمته بكل إتقان.
فتوجهت إليه وقالت له :
قد دفعوا لك من قبل نقدا من الفضة لقاء حديث متواصل وسرد القصص والأخبار ،
وها أنا أعرض عليك ما هو أيسر وأدفع لك نفس الثمن.
كل ما أطلبه منك هو أن تجلس فقط إلى زوجي وتصغي إلى أحاديثه ، بدون أي عناء.
فوافق الرجل وباشر عمله بالجلوس والإصغاء إلى زوجها لكن هذا الزوج الهرم كان لسانه لا يزال سليما معافى ،
فصار يتكلم بدون إنقطاع ، فيسمعه الأجير حتى إذا إنتهت القصة ، حكاها له العجوز مرة ثانية من جديد.
وإذا كان حظه جيدا كان يحظى بقصة جديدة ، إلا أن الرجل العجوز كان يرويها له عدة مرات ،
مرة يسردها له من ربعها ومرة من أولها ومرة من نصفها.
ولم تكد تمر بضع ساعات من الزمن حتى ضاق صدر الأجير وفرغ صبره ، فنادى زوجة الرجل وقال لها :
من قال لك أن السكوت أجرته كأجرة الكلام؟
إن كان الكلام أجرته من الفضة فالسكوت أجرته من الذهب.
إستلمي زوجك ورزقي على الله.