إعتزال الفتن
وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا.
من سورة الكهف آية 16.
قبل مئات السنين ، ساد الظلم وخيم الظلام على إحدى المدن ، وأُجبر الناس فيها على تغيير معتقداتهم ،
وإنكار أديانهم ، وإعتناق أفكار جديدة منافية لفطرتهم.
فوقف فتيةٌ هداهم الله في وجه ذلك التيار الفاسد ، ورَبَط على قلوبهم فرفضوا الإنصياع للفكر الجاحد.
فخرجوا من المدينة إلى الكهف ، فهيّأ الله لهم فيه من أمرهم رحمةً ورشدا.
وضرب على آذانهم سنين عدداً ، فكان لهم مأوى ، ولإيمانهم وعقيدتهم ملجأ.
ذلك الكهف باعتقادي لم يكن فقط مَعلما مادياً يقتصر على تلك القصة ، وتلك المدينة ، وذلك الزمن ،
بل يحمل رمزا ومعنى أكثر عمقا.
فنحن نعيش في زمن مشابه ، غزت فيه أفكار الشذوذ والإنحلال الأخلاقي عالمنا وبيوتنا وعقول أبنائنا.
وقد أصبحنا بحاجة إلى اللجوء لكهف مماثل حتى نحافظ على ما تبقى من فطرتنا وهويتنا وإرثنا ،
هذا الكهف هو الإعتصام بكتاب الله وسنّة نبيّه المصطفى ، المأوى والملجأ الوحيد المتبقي لنا.
وبناء على ذلك ، يتجلّى سرّ الربط بين سورة الكهف والعصمة من فتنة الدّجال ،
الذي نعيش بدون أي أدنى شك في مملكته وزمانه وبين أعوانه.