إفعل الخير تجده
يحكي أن في ليلة عاصفة شديدة البرودة ، كان هناك طبيب شاب ساهرا في طوارئ إحدى المستشفيات الصغيرة ،
وفجأة دخلت عليه إمرأة كبيرة في العمر تبدو عليها مظاهر الإجهاد والمرض واضحة ، يظهر من ملابسها وهيئتها حالتها المادية البسيطة.
وكان معها شاب في العشرين من عمره ، تبدو عليه هو الآخر علامات التعب والإرهاق وقلة النوم واضحة ، وقد أخذ الزمن ضحكته وطاقته.
إقترب الطبيب من المريض وسألها : أخبريني يا سيدتي ما الذي يؤلمك ؟
أجابته المرأة بصوت خافت متعب : أعتقد أن السكر والضغط مرتفعان ، إبتسم لها الطبيب في هدوء وهو يجيبها :
حسناً فلنبدأ الكشف على الفور.
في هذه الأثناء رن هاتف الشاب المصاحب للمرأة فخرج من غرفة الكشف معتذرا بأدب حتى يجيب على الهاتف ،
وبعد دقائق معدودة عاد إلى الغرفة وعيونه مغرورقة بالدموع دون أن يقول أي شيء ،
ثم سأل الطبيب عن حالة المريضة في إهتمام فأخبره الطبيب أنها بحاجة ضرورية إلى الأنسولين وهو غير متوفر في هذا المشفى.
فأجاب الشاب : سوف أحضره حالاً من الصيدلية ، قالت له المرأة :
ولكن البرد قارس بالخارج يا بني ، لا أريدك أن تتعذب يكفي ما قمت به حتي الآن.
أجابها الشاب بلا تفكير : المهم سلامتك.
ثم انصرف ، قال لها الطبيب : لا تقلقي ، إن من واجبه رعايتك فأنت أمه.
أجابته المراة بنظرة إستغراب : ولكنني لست أمه ، لقد كنت في طريقي إلى المستشفى سيرا على قدمي في هذا الجو البارد ،
حتى أوفر ثمن المواصلات ، فتوقف هذا الشاب بسيارته بجانبي وعرض علي أن يقوم بإيصالي إلى المكان الذي أريده.
إقرأ أيضا: إذا أردت أن تكسب الجميع إلى صفك وتحسن جميع علاقاتك
وها هو أيضًا ذهب ليجلب لي الدواء ويدفع ثمنه من جيبه!
وبعد مرور دقائق معدودة عاد الشاب ومعه الأنسولين ، ومن جديد رن هاتف الشاب فخرج ليجيب هذه المرة ،
وعاد وعلى وجهه إبتسامة عريضة وهو يردد : الحمد لله ، الحمد لله ، أشكرك يا رب ، ألف حمد وألف شكر لك يا رب.
لم أتمكن من كبح فضولي وسألته : ما الموضوع ؟
فأخبرني أنه يعمل هنا بمفرده في هذه البلاد ، وزوجته تعيش في بلدة أخرى ،
وهي حامل بعد سبع سنوات من الزواج ، واليوم هو موعد ولادتها ، وقد نزفت كثيرا.
وفي الإتصال الأول أخبروه أن حالتها خطيرة وتحتاج إلى دم ولا يوجد من فئة دمها في المستشفى ،
وخلال طريقه إلى الصيدلية لإحضار الأنسولين كان يدعو لها الله عز وجل حتى ينجيها وينجي إبنه القادم ،
وفي الإتصال الثاني أخبروه أنّه فجأة تقدم ثلاثة أشخاص من جمعية التبرع بالدم غرباء ومعهم أكياس دم تبرع للمستشفى من جميع الفصائل ،
وهكذا تم إنقاذ زوجتي وإبني وهما الآن ، بصحة تامة الحمد لله.
في ذهول قال له الطبيب الخير الّذي فعلته مع هذه السيدة عاد إليك بالخير.