إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون
إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون
لماذا حرق عثمان بن عفان المصاحف على عهده؟
فقد روى البخاري في صحيحه أن الصحابة لما كتبوا المصاحف أرسل عثمان إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ،
وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق ،
وفي رواية للطبراني وابن أبي داود : وأمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف المصحف الذي أرسل به.
وقد ذكر إبن حجر في الفتح أنه لم ينكر ذلك أحد من الصحابة رضوان الله عليهم ،
فذكر عن مصعب بن سعد أنه قال : أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك أو قال لم ينكر ذلك منهم أحد.
ونقل عن إبن بطال قال : في هذا الحديث جواز تحريق الكتب التي فيها إسم الله بالنار ،
وأن ذلك إكرام لها وصون عن وطئها بالأقدام.
وقد ثبت أن الصحف التي كانت عند حفصة لم يحرقها عثمان ولكن أحرقها مروان بعد وفاة حفصة.
والجواب أن الأمة الاسلامية كانت على عهد عثمان كأي جيل من المسلمين ينقسمون إلى قسمين :
قسم من الحفاظ للقرآن في الصدور (عن ظهر غيب)
والقسم الثاني يحفظه في السطور (أي يحتفظ بالمصحف في بيته)
لكن على عهد عثمان كان أول جيل حامل للقرآن هناك مشاكل :
كان بعضهم عنده المصحف وقد نسخت بعض الآيات تلاوة ، وهو لا يدري فلا زال يحتفظ بها في مصحفه.
كان بعضهم قد دون المصحف على يده بخطه هو وقد يأتي آخر لا يستطيع قراءة خطه من أهل بيته أو أصحابه فيقرأ القرآن خطأ.
وكان بعضهم يظن أن (بسم الله الرحمن الرحيم) مرة واحدة أول القرآن كله فلا يكتبها في مطلع كل سورة.
كان بعضهم عنده بعض السور فقط ولم يتابع الجديد من الوحي وسافر بما معه ،
فربما مات وظن ورثته بعد زمن أن هذا هو المصحف فقط.
(وما هو إلا بعض المصحف)
إقرأ أيضا: لأهل القرآن
كان بعضهم يضع كلمات على هامش الصفحات كشرح لمعنى آية وهو يعلم أنها ليست من القرآن
ولكن ربما أمسك المصحف غيره فظن أن ما في الهامش كلمات من القرآن فحفظها أو تلاها وما هي بقرآن.
ولما دخلت في الإسلام أقطار أخرى لسانها وإن كان عربي ، لكنه يختلف بعض الشيء في المنطوق وطريقة الكتابة.
بدأت تظهر مثل هذه المشكلات بوضوح
وهناك مشاكل من هذا النوع كثيرة لكنها أقل ،
وكان عند أبي بكر وعمر وعثمان النسخة التي عرضت على النبي ووافقها وأقرها كل الحفاظ بعد موته عليه الصلاة والسلام.
فأخرج عثمان هذه النسخة على الناس وأمر بمرسوم ملكي أن تكون هي فقط السائدة بين الناس أيضا برسم متفق عليه ،
وحرق أي مصحف غيرها حتى دون النظر فيه ومراجعته.
وظلت الأمة كلها على هذه النسخة المعتمدة من رسول الله ثم من أبي بكر وثم من عمر ثم من عثمان ،
وإجماع كل القراء والحفاظ في هذا القرن الأطهر في هذه الأمة.
وقضى بذلك عثمان على أي خطأ يمكن أن يطرأ على كتاب الله.
(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)