قصص منوعة

إنتماء

إنتماء

خرجت في أحد الأيام متجهة نحو المدينة القديمة للبحث عن كتاب معين ، دخلتها والشوارع شبه خالية من الناس ،

قاصدة أحد الأزقة القديمة الضيقة ، حيث توجد المكتبات ،

ولأنني جئت مبكرة لذا فالمكتبات لم تفتح بعد.

لكن الغريب أن أغلب المكتبات لم تغلق أبوابها والكتب في كل مكان في الزقاق أو كما تسمى ، بالدربونة ،

وأنا بمفردي في هذا المكان بعوالمه الأثرية ، وجدرانه التي لا تزال محتفظة بعبق تاريخ النجفي القديم.

وألوانها التي توحي للمار من أمامها أنه في سفرة قصيرة ممتعة حيث الماضي البعيد.

وجدت نفسي أمام كل هذه الكتب ، برائحتها المميزة والفريدة من نوعها ، شعرت أنني قد دخلت عالما آخرا منعزلا تماما.

لا صخب ولا ضجيج ولا رائحة لبشر أو أي شيء آخر سوى رائحة الكتب القديمة التي تحيطني.

إنقطع بي التفكير إلا من شيء واحد كيف ومن أين سأبدأ بتقليب وقراءة كل هذه العناوين؟

هل سأبدأ من الفلسفية أم الإجتماعية أم السياسية ، أو من التاريخية او الدينية أو أو ،

في وسط هذا الزخم من العناوين نسيت ما جئت لأجله ،

فجأة أحسست بأن المكان أدار برأسي ، وضبضبت الرؤية لدي ، تسللت إلى أنفي رائحة أعرفها جيدا ،

وسمعت وقع أقدام قريبة مني ، وإذا بشخص يمر من أمامي ، من يا ترى؟

ظهر كأنه أبي لكن لا بالفعل إنه أبي بشحمه ولحمه ، ما الذي أتى به إلى هنا.

ناديته أبي ، أبي ، ولكنه كان يتنقل بين المكتبات مشغولا بتقليب الكتب ، حتى أنه لم يشعر بوجودي.

ناديته مرة أخرى ، قل لي يا أبي عن أي كتاب تبحث لعلي أجده لك ، أيضا لم يسمعني أبدا ،

تقدمت نحوه أومئت له بيدي ، ولكن أيضا لم يرني.

فجأة إنشرح وجه أبي ، وظهرت على شفتيه إبتسامة جميلة ، وكأنه وجد ما كان يبحث عنه ،

وحين وقع نظري على العنوان ، وجدته هو نفسه الذي جئت باحثة عنه ،

1 3 4 10 1 3 4 10

عجيب لكني لم أذكر أني أوصيت أبي بشراء الكتاب لي.

إقرأ أيضا: يا ليتها كانت القاضية

لكن لا يهم المهم أنني وجدته ، أخذت الكتاب من يد أبي ، ورفعت رأسي لكي أشكره ،

لحظتها إستدار المكان مرة أخرى برأسي وضبضبت الرؤية لدي ،

وإذا بي واقفة بنفس مكاني والكتاب بيدي ،
عندها بدا المكان صاخبا ، والضجيح يملئ الأركان ،

والدربونة مزدحمة بالمارة ، وأحدهم يقول لي سيدتي هل هذا ما تبحثين عنه أم أبحث لك عن غيره.

لحظة أين أبي.
ماذا قلتي.

لا لا شيء، لم أقل شيئا.
نعم أرجوك ضعه لي في كيس ، وقل لي كم ثمنه.

إبتسمت مع نفسي ، وقلت رحمك الله يا أبي لقد كنت تحب القراءة كثيرا ،

لا زالت أشم رائحتك بين ثنايا هذا المكان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?