إنتهك أهل عكا الهدنة مع المسلمين بالإعتداء على بعض التجار المسلمين فسار إليها السلطان قلاوون على رأس جيشه بعد أن أقسم في رسالة بعث بها إلى النصارى ،
ألا يترك في المدينة مسيحيا على قيد الحياة لكنه لم يكد يبدأ بالمسير ، حتى سقط مريضا ،
وبعد ستة أيام فقط قضى نَحْبه وهو في طريقه للجهاد ،
فاستدعى إبنه الأشرف وهو على فراش الموت ، وحَمَله على أن يقطع وعدا بأن يواصل حملته ، ويحقق هدفه.
سار الملك الأشرف لفتح عكا بجيش يضمُّ ستين ألف فارس ، ومائة وستين ألفا من المشاة ،
ومعهم العرادات ، والمجانيق التي اشتهرت باسم ( الثيران السوداء ).
واحتشد النصارى – من الدَّاوِيَة والأسبتارية – وفئة من الإنكليز والألمان ومقاتلي قبرص ، وانضم إليهم بعد مدة ملك قبرص هنري.
وكانت تحصينات المدينة قوية ومتينة.
ونصب السلطان الأشرف على عكا إثنين وتسعين منجنيقا ، وقاتل من بها من الفرنج أربعة وأربعين يومًا حتى فتحها عنوة ،
في يوم الجمعة السابع عشر جمادى الأولى ، وهدمها كلها بما فيها وحرقها.
لله در الأشرف ، حين أرسل إليه الملك هنري – أثناء الحصار – فارسين من الداوية لمحاولة عقد هدنة ،
فاستقبلهما الأشرف خارج خيمته ، وسألهما في إيجاز ما إذا كانا قد أحضرا معهما مفاتيح المدينة ؛
فلما أنكرا ، قال لهما : إن ذلك هو الموضع الذي يطلبه ، ولا يهمه مصير سكان المدينة ، غير تقديرا منه لشجاعة الملك ؛
بقدومه للقتال وهو لا زال حَدَثًا ، فضلا عن مرضه.
إقرأ أيضا: رجل واحد أسلم على يديه أكثر من مليون أمريكي
فإنه سوف يُبقي على حياتهم إذا ما استسلموا له ، وفي أثناء حديثه لهما ، قذفت عرادة من الأسوار حجرًا سقط قُربهم ،
فاستشاط السلطان غضبا ، وسل سيفه وهم بقتل السفيرين ، ولكن الأمير ( الشجاعي) تدخل فمنعه من ذلك ،
وقال له بأنه لا يصح أن يدنس سيفه بدماء الخنازير ،ثم سمح للفارسين بالعودة إلى ملكهما.
ولم تكد عكا تقع في قبضة الأشرف ، حتى شرع في تدميرها ، واستباحة دورها وأسواقها ،
ثم إشعال الحريق بها ، كما تم تدمير الأبراج والقلاع المنيعة ؛
إذ عزم على ألا تكون مرة أخرى رأس حربة لما يقوم به الفرنجة الصليبيون من إعتداء على بلاد الشام.