Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

ابن رئيس القبيلة

ابن رئيس القبيلة

ساد في قديم الزمان حكم القبيلة الأقوى على بقية القبائل ، يذهب أقويائهم كل شهر ليقاسمونهم أرزاقهم ،

وعلى رأسهم الإبن الوحيد لرئيس القبيلة.

وذات يوم عندما ذهبوا لأضعف قبيلة ، لمح الإبن فتاة لم يجد حتى شبيهة لها بقبيلته ، فقد كانت ذا جمال أخاذ ، فسألها :

أنت إبنة من؟!

أجابته : إبنة رجل مُسِّن ، وهو الأكبر سنا في القبيلة.

ماذا يعمل ؟!

يرغى أغنام من لا وقت لديه لرعاية أغنامه ، وأنا بدوري أسانده في المسير.

رمقها بعينين تلمعان ثم قال لرجاله بغضب :
خذوا من والدها كل الأغنام ، فلا يجب أن يعمل من الآن فصاعدا.

إنهالت دموعها وهي ترجوه أن لا يؤذي والدها برزقه ، لكنه لم يستمع إليها.

بعد أن عَلِمَ كل أفراد القبيلة ، ومالكي الأغنام بما حصل ، قاموا بطرده مع إبنته من القبيلة ، بعد أن قالوا له :

لو لم تُسِئ إبنتك الأدب مع إبن رئيس القبيلة لما فعلوا ما فعلوه.

ما إن خرجت مع أبيها مكسورة الخاطر ، حتى رأت رَجُلاً يمتطي حصانا بعربة وكأنه ينتظر أحد وما إن رآهما حتى قال لهما :

سيدي إبن رئيس القبيلة بانتظاركما.

ركبا العربة وقلبهما يرتعش خوفا من أن تكون فعلا قد أساءت الأدب بنبرة صوتها أو طريقة ردِّها ،

وأنه ينتظرها مع والدها عقابا شديدا على سوء تربيته لها.

أدخلهما الرجل لمنزل فخم ، فرأيا بالغرفة مائدة بها ما لذ وطاب ،

لم يجرؤا على الإقتراب بالرغم من جوعهما الشديد لو لا أن الرجل قال لهما :

سيدي يأمركما بتناول الطعام ثم الراحة والنوم ، لحين قدومه لرؤيتكما.

إقرأ أيضا: قصة إلى كل من يقول أريد تأمين مستقبل أولادي

تناولا بضعة لقيمات بخوف أن يكون به سم قاتل ، ثم إستسلما للنوم ، وفي الصباح الباكر قامت خادمة بإيقاظهما ،

بعد أن أعدت لهما مائدة إفطار نفس التي تعدها لرئيس القبيلة.

بعد أن إنتهيا أقبَلَت الخادمة وقالت لهما :
سيدي يأمركما بالتجوّل في الفناء الخلفي للمنزل ، لحين موعد الغداء.

بعد أن تناولا الغداء ، دخل رجل إليهما ثم قال :

سيدي يأمركما بالعمل في المزرعة المقابلة للمنزل ، أنت مشرفة على النساء اللواتي يجنين المحاصيل الزراعية ،

وأنتَ تشرف على الرجال ، وستستمرا بالعمل شهرا كاملاً لحين أن يَبُتَّ بأمركما .

مضى ذلك الشهر وهي تعمل كأنها مالكة الأراضي وصاحبة الأرزاق ،

فقد حدد عملها من الصباح حتى الظهيرة فقط عكس باقي النساء اللواتي يعملن لمغيب الشمس ،

مع أنها حاولت أن تساعدهن مرارا لكن وبكل مرة كُنَّ يقلنَ لها :

سيدتي ، نرجو منك أن لا تتعبي نفسك يكفي أن تشرفي علينا ، وإن قصرت إحدانا أن تُنَبّهيها.

كانت تعود إلى المنزل فتجد الغداء جاهزا والمنزل نظيف ،

وبعد الغداء تتجول في الفناء الخلفي للمنزل وتعود فتجد أطيب أنواع الفاكهة التي لا وجود لها بقبيلتها كلها ،

ولم يكتف بذلك بل أرسل لها سيدة عجوز تقص لها القصص والروايات المسلية.

وفي المساء تأتيها إمرأة تُدَلِّكُ ظهرها وأكتافها ورأسها خشية من أن تصاب بصداع أو ألم في العضلات ،

وبالمثل كان ذلك الأمر لوالدها بعد أن نقلوه لمنزل مجاور ،

فقد أرسل لها أمرا من الرجل الذي لم يفارقها إلا حين تدخل للمنزل ، بأن لا تجتمع بوالدها سوى في الفناء الخلفي المشترك للمنزلين.

إقرأ أيضا: عاد الثور الأسود إلى القبو متعبا من كثرة العمل

أراد أن يجعلها تنسى بذلك الشهر أنها لا تستطيع الحراك سوى برفقة والدها ،

وأنها طوال حياتها كانت ترعى أغنام الأهالي ، لكنها لم تشعر بالراحة ولا ليوم واحد ،

فقد كان خوفها من القادم المجهول يعمي ناظريها عن العز والرخاء الذي لم تفكر أنها ستحياه حتى بأحلامها ،

لكن وبعد مرور الشهر عندما أتى وقابلهما ، شعرت بالندم على كل دقيقة أضاعتها بالقلق ،

وأخذت عبرة بأنها كان يجب عليها أن تعيش كل لحظة بلحظتها ، وتدع القادم يأتي كيفما يشاء.

فبعد أن إنتهى الشهر ، أتى لمنزلها ممتطيا فَرَسه مع عدد لا بأس به من الرجال ، وما إن فتحت الخادمة الباب وقالت :

سيدي بانتظاركِ خارجا.

حتى إرتعش قلبها خوفا وهرولت إليه ، وعندما رأى وجهها إبتسم وعيناه تتراقصان فرحا وهو يقول :

كيف حالك؟! هل أزعجك أحد بنظرة ، كي أمحوه من الوجود؟!

تلعثَمَت وناظريها نحو الأرض : لا، لا ، كلهم طيبون.

سار نحوها بضع خطوات ، ووضع إصبعيه على ذقنها ورفع وجهها نحوه ، وقالَ بنبرة صوت لطيفة لأول مرة في حياته :

أنتِ الوحيدة التي يحق لها النظر في عيني ، ثم إن نسيتي ما فعل أهل قبيلتَكِ ،

فأنا لم أنسَ والآن حان وقت القصاص ، إتبعيني.

أجلَسَها أمامه وامتطى الفَرَس ، وأمر الرجال أن يتبعوه لقبيلتها ، وما إن دخل حتى صرخَ قائلاً :

يا أهل القبيلة الجبناء ، إجتمعوا أمامي وأخبروني ماذا فعلت هذه الفتاة ووالدها حتى قمتم بطردهما.

إجتمع كل من سمع نداءه ، وتقدم كبيرهم قائلا :

إنها فتاة بلا تربية ، قامت بالحديث معك بطريقة لا أخلاقية جعلتك تأخذ كل الأغنام من والدها ،

ولأنه لم يُحسِن تربية إبنته قمنا بطردهما.

إقرأ أيضا: في سنة 1987م المواطن الأمريكي ستيف ورثستين

فقال له بكل هدوء : إذا أنتَ رأيتها كيف كلمتني؟!

لا ، لم أر.

فصرخ قائلاً : إذا قمتم بالحكم عليها دون أن تروا ، وبرَّرتم أخذي للأغنام على أساسه ، أي ظلمتم من عاشا معكم طوال حياتهما ،

وعذرتم من يقاسمكم أرزاقكم طوال حياتكم ، هذا دليلٌ أن أخذنا لنصف أرزاقكم قليل ومن الآن فصاعدا ،

أرزاقكم كلها لزوجتي بنت قبيلتكم التي طردتموها من غير وجه حق.

كادت أن تتمزّق جفونهم مما سمعوا ، فالتفَت وقال لها على مسامعهم :

هل تتزوجيني؟!
تساقطت دموعها فرحا وهي تقول نعم ، لكن عندما قالت له :

أرجوكَ سامحهم.

زمجَرَ بوجهها : لا تناقشيني في قراراتي ، ومن هذه الليلة أنت مالكة هذه القبيلة العفنة ، بأهلها العبيد.

أخذها معه لمقابلة والده ، وعندما قص عليه ما جرى منذ أن رآها إلى تلك اللحظة ، صرخ بوجهه قائلا :

لا حقَّ لتلك العبدة بقبيلة الضعفاء تلك ، ثم من سمح لكَ أنْ توزِّعَ أرزاقي عليها وعلى أبيها ، اللعنة عليكَ وعليهما ،

أنا المُخطئ الذي سمحت لك أن تكون قائد رجالي ، ومن الآن أنتَ معزول ،

وتلك العبدة التي أغوتك ستجلَد مع والدها حتّى الموت.

فزأرَ إبنه قائلا : اليد التي ستلمسها مجرد لمس ، ستُقَطع ، وبقراركَ هذا لقد أعلنتَ إستقالتك عن رئاسة القبيلة.

خرج مسرعاً وهو يمسكها كطفلة صغيرة بحنيَّة وحرص أن لا يسحبها أحد من يده ، وسابق الرياح للوصول إلى منزله ،

ثم جمع رجاله المخلصين له ، ولأنه كان يعاملهم بأحسن معاملة عكس والده الذي كان يعتبرهم عبيد ،

إقرأ أيضا: دجاجة القاضي

وقفوا بجانبه ، وسحبوا رجال أبيه لصفهم ، وبعد أن جهَّزَ جيشاً من الرجال بالأحصنة والسيوف ،

إتجه نحو قصر أبيه وأخرجَه بعنفٍ ، كما كان يعامل أهالي القرى الضعفاء ،

وقام بنفيه لأبعد الحدود بعد أن أرسل معه أكبر الخدم سنا بنقود تكفيه لكي يحيا حياة كريمة طيلة حياته ،

ثمَّ أقامَ زفافاً حضره كل أهالي القبائل المجاورة ، لكنه لم يتراجع عن قراره بخصوص قبيلة زوجته.

إستمر على مقاسمة بقية القبائل أرزاقهم ، وبعد أن مضت ثلاث سنوات وأنجبت زوجته صبيّاً ،

أمر بإعداد موائد الطعام والتوزيع على الضعفاء ، حينها أتت نساء قبيلة زوجته اللواتي كُنَّ يعطِفنَ عليها ،

وتوسَّلْنَ لمقابلتها وتهنئتها ، ولأنه كان سعيداً بابنه وافق على السماح لهن بمقابلتها ولكن بحراسة مشدَّدة ؛

فتوسَّلْنَ لها أن ترجو زوجها كي يصفح عن أهل القبيلة ، وبعد أن ذهَبْنَ قالت له :

هل تريدُ أنْ يستمرَّ إبننا بالعمل الذي ورثته عن أبيك؟ افرض أن يصبح أشدَّ بأساً وبطشا من أبيك ،

ويقومَ بطردنا بعدَ أنْ نصبحَ مسنَّيْن.

أرجوك أن تصفح عن أهل قبيلتي فلولا أنهم مقهورون لما ظلموني ووالدي ،

ثمَّ إنَّ منهم من كانوا طيّبين ودودين معنا ولم يشاركوا بطردنا وبرغم ذلك ذهبوا بذنب الذين ظلمونا ،

فلتصفح عنهم ودعهم يأخذون كل أرزاقهم لأنفسهم ، مع القبائل المجاورة.

رمقها بطرف عينه وهو يفكر بكلامها قائلا :
أمهليني بعض الوقت.

فكَّر بكلامها مليَّاً وأيقن أن به بذرة خير ، كونه لم يقم بنفي والده بدون نقود أو خدم ، وقال في قرارة نفسه :

إن ابني سيأخذ من أخلاقي وطباعي ولذلك سأتغير ولن أبقى على الشخصية التي صقلها لي أبي.

وفي اليوم التالي ، أعلن حرية بقية القبائل ، وأولها قبيلة زوجته ، وحذر كل ظالم تسول له نفسه أذية غيره ،

أنه سيكون القاضي الذي سيحكم عليه بأقسى العقوبات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?