ازدواجية المعايير
كلنا نحكم ويحكم علينا والبعض (إلا من رحم ربي) تكون معايير حكمه مختلفة عندما يكون حكما عنها عندما يكون محكوما.
فالحماة تريد من زوجة إبنها كل شيء ، ولكن تريد أن تعطي إبنتها لحماتها أقل القليل.
والتاجر يريد كل ما في جيب الزبون ، ولكنه عندما يحصل على سلعة أو خدمة يريد أن يدفع أقل من قيمتها.
الأب يريد من المعلم تدليل إبنه ، ولكن عندما يكون معلما فيبرر العقاب.
والطبيب يفرض فيزيتا مرتفعة مبررا أن هذا نتاج كفاح وفكر ،
ولكن عندما يذهب لمركز صيانة سيارته لا يعترف بقيمة الفكر الذي يحدده لنفسه المهندس كما حدد هو لنفسه.
والأمثلة كثيرة لا تنتهي ، والمحصلة النهائية هي أنه لا أحد يرحم الآخر ،
وسيادة الأنانية والوحشية واتهام الكل للكل ومن ثم تفسخ المجتمع.
وهذه سمة المدنية الحديثة والتي ينطبق عليها القول ” أنا ومن بعدي الطوفان”
ولكن رسولنا الكريم وضع العلاج حين قال صل الله عليه وسلم :
﴿لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه﴾ رواه البخاري ومسلم.
فهذا الحديث لخص جميع أسس وقواعد المعاملات وينشأ من هذا أن يحب الشخص للآخرين أن يكونوا خيرا منه ،
لأنه لا يرضى لهم أن يكونوا على مثل حاله ، كما أنه لا يرضى لنفسه بما هي عليه.
وعن النبي صل الله عليه وسلم قال : ﴿المؤمن لِلْمؤْمن كالبُنْيان يَشُدُّ بَعْضُه بَعْضا ، ثُمَّ شَبّك بين أَصابعه﴾ رواه البخاري
وهنا أوصي نفسي أولا أن أضع نفسي مكان الآخر قبل الحكم عليه ، وأن ألتمس الأعذار وافترض حسن النوايا.
فالسلام المجتمعي لن يأتي إلا بالتسامح وحب الخير بعضا لبعض.