استشهاد الإمام الحسين رضي الله عنه
استشهاد الإمام الحسين رضي الله عنه
ولد سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما في المدينة المنورة في السنة الرابعة من الهجرة ،
ولقد قضى من عمره 6 سنوات مع جده النبي محمد صل الله عليه وسلم في بيت النبوة ،
وكان يقول عنه رسول الله صل الله عليه وسلم : حسين مني وأنا منه أحب الله من أحب حسينًا.
ولقد كان رحمه الله صوامًا قوامًا كريمًا متصدقًا ، وقد حج سيدنا الحسين رضي الله عنه خمس وعشرين مرة ماشيًا على قدميه.
وبعد وفاة سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه غسل والده وكفنه ثم قتل الجاني ،
وبعد أن بايع المسلمين أخوه الحسن رضي الله عنه على أن يكون خليفة المسلمين سنة 40 هجرية ،
أرسل سيدنا الحسن رضي الله عنه إلى معاوية بن أبي سفيان للمبايعة لكنه رفض.
ومن هنا بدأ القتال وذهب سيدنا الحسن رضي الله عنه لقتال معاوية ، فلما بلغ معاوية الخبر جهز جيشًا كبيرًا لقتال سيدنا الحسن رضي الله عنه وحينها أثر أن يقتتل المسلمون ،
وكتب إلى معاوية يشترط شروطًا للصلح ولوئد الفتنة ،
وهو أن يتعهد معاوية بأن لا يعهد لأحد للخلافة من بعده ، وأن يكون الأمر شورى للمسلمين من بعده.
وبهذا تنازل سيدنا الحسن رضي الله عنه عن الخلافة لمعاوية سنة 41 هجرية ،
ولكن سيدنا الحسين رضي الله عنه ظل معترضًا على ذلك ولكنه سكت ردءً للفتنة.
وبعد وفاة سيدنا الحسن رضي الله عنه عام 50 هجرية حافظ سيدنا الحسين رضي الله عنه على عهد أخيه الحسن مع معاوية ،
ولكن معاوية لم يحافظ على العهد فقد كان يخطط لتولية إبنه يزيد من بعده خلافًا للعهد.
وبالفعل بويع يزيد بن معاوية للخلافة سنة 60 هجرية ، لكن الحسين بن علي رضي الله عنهما رفض مبايعته هو وعبد الله بن الزبير ،
وترك المدينة واتجه إلى مكة المكرمة مع أهله وأصحابه.
إقرأ أيضا: قصة وثيقة المدينة
ولما وصلت أخبار رفض سيدنا الحسين رضي الله عنه لمبايعة يزيد على الخلافة إلى الكوفة بالعراق ،
أراد الكثيرون من أهلها ومن القبائل والعشائر بها أن يكون الإمام الحسين هو خليفة المسلمين ،
فكتبوا للحسين رضي الله عنه يبايعونه بالخلافة ويطلبون منه القدوم للكوفة ليبايعوه.
فبعث الإمام مسلم بن عقيل يستطلع الأمر بالكوفة فوجدهم يؤيدون مبايعته ،
ولما علم بذلك الخليفة الأموي يزيد قام بعزل والي الكوفة وعين عبيدالله بن زياد الذي هدد رؤساء القبائل بسحب دعمهم للحسين رضي الله عنه ،
أو ينتظروا الموت على يد جيش جرار سيبيدهم عن بكرة أبيهم ، وقام بن زياد بقتل مسلم بن عقيل رسول الإمام الحسين.
ولم يعرف سيدنا الحسين رضي الله عنه بمقتله عندما قرر الخروج من مكة متوجهًا إلى الكوفة ،
حيث خرج ومعه أهله وبعض الفرسان وكان عددهم 40 رجلًا و32 فارسًا ونسائه وأطفاله فقط.
ولما اقترب سيدنا الحسين ومن معه من الكوفة قابل جيش كان على رأسه عمر بن سعد بن أبي وقاص.
وقد علم بتخاذل أهل الكوفة عن نصرته فعرض عليه الإمام الحسين رضي الله عنه ثلاثة حلول :
( الأول أن يرجع إلى مكة ، أو أن يذهب إلى ثغر من ثغور المسلمين يجاهد فيه ،
أو أن يذهب إلى يزيد بن معاوية في دمشق ويطلب منه أحد الحلول ) ،
وقد بعث عمر بن سعد بتلك الحلول إلى والي الكوفة الجديد ابن زياد.
ولكن أحد معاونيه ويسمى شمر بن ذي الجوشن رفض ، وأصر على أن يحضروه بنفسه إلى والي الكوفة أو يقتلوه ،
وتم الرد بالرفض على تلك الحلول التي عرضها الإمام الحسين رضي الله عنه.
فرفض الإمام أن يسلم نفسه لهم وبدأ القتال الغير متكافئ مع جيش يزيد عن خمسة ألاف ،
يقابل أطهر من على وجه الأرض في هذا الوقت.
إقرأ أيضا: إذا مات الطفل فإنه لا يدعى له بالمغفرة
واستمر القتال في مدينة كربلاء وبدأ يتساقط أصحاب الإمام ويستشهدون واحدًا بعد الأخر ،
حتى حاصرت جيوش يزيد بن معاوية سيدنا الحسين رضي الله عنه وحرقوا خيامه وقتلوا ولده علي الأكبر ،
وأخواته عبد الله وعثمان وجعفر وأبناء أخيه سيدنا الحسن رضي الله عنه أبو بكر والقاسم.
وبعدها حمل اللواء العباس بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ولكنه وقع شهيدًا أيضًا.
ولم يبقى في المعركة إلا الإمام الحسين رضي الله عنه ، وكان كلما يقترب منه فارسًا من جيش يزيد ويهم بقتله ،
كان يرجع خوفًا من أن يقتل ابن بنت رسول الله صلّ الله عليه وسلم ،
ولكن رجلًا يسمى شمر بن ذي جوشن هو من تقدم وقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما ،
وقام بفصل رأسه عن جسده وكان هذا يوم الجمعة الموافق 61 هجرية عن عمر يناهز 54 عامًا.
وهكذا استشهد سيد شباب أهل الجنة بعد معركة ضروس مع جيش لم يضاهيه في الكثرة والعدد فرحمة الله على الأسد الجسور وعلى آله أجمعين.
ويقول الشاعر في رثائه :
بكى البيت والركن الحطيم وزمزم ط ودمع الليالي في محاجرها دمُ
أُصبنا بيوم في الحسين لو أنه أصاب عروش الدهر أضحت تُهدّمُ
ألابن زياد سوَّد الله وجهه معاذيرُ في قتل الحسـين فتُعلمُ
يقاضيه عند الله عنا نبيه بقتل ابنه والله أعلم وأحكم
على قاتليه لعنة الله كلما دجى الليل أو ناح الحمام المرنّم.