قصص منوعة

الأخوين وقصر الفضة الجزء الأول

الأخوين وقصر الفضة الجزء الأول

عاش قديما أخوين أحدهما فقير والثاني ثري ، والإثنان متزوّجان ، وكانت زوجة الفقير إمرأة جميلة ،

وتشتغل عند سلفتها من الصّباح إلى الليل ، وبسبب غيرتها منها لا تعطيها مالا ، وتقول لها آخر اليوم :

إجمعي بقايا القمح الذي سقط من الغربال على الأرض ، وخذيه أجرك!

وكانت تستمتع لما تراها تجمع القمح بالتراب ، وتدمي يديها بالأشواك ، وهكذا تمرّ الأيام والليالي،

والاخ الفقير وزوجته صابران على ذل إمرأة أخيه من أجل أولادهما الصّغار ،

ويدعوان الله كلّ مساء لكي يرزقهما من نعمته ، ويرفع عنهما الظلم.

أحد الأيّام ، قال الأخ الفقير لامرأته : لم أعد أطيق صبرا على هذه الحياة ، فنحن لا نربح إلا القليل ،

وأخي لا يخجل من سبّي ، وبأني لولاه لمتّ من الجوع ، ولهذا السّبب سأرحل في أرض الله ، ولن أزيد يوما آخر هنا!

ثم وضع زاده على ظهره ، وخرج لا يعرف أين يذهب ، ومشى حتى دخل غابة كبيرة مليئة بالأشجار والنباتات ،

بقي يدور لكي يخرج منها ، لكن حلّ المساء ، وأظلمت الدنيا ، ومازال هناك ، فأحسّ بالخوف في هذا المكان الموحش ،

وندم على ترك إمرأته وأولاده دون مال وطعام ، وبدأ بالبكاء على حظّه العاثر ،

لكنّه فجأة رأى بنتا ملتفة برداء أسود تمرِّ أمامه بسرعه ، فناداها لكنها إختفت ، فجرى ورائها ،

وهو يتسائل ماذا تفعل هذه الشّقية هنا؟ لا شكّ أن هناك من يسكن هذه الغابة ، وسيرشدني إلى الطريق!

في النّهاية توقّف أمام قصر كبير غارق في الظلام ، وسمع نعيق البوم ، فخاف وهم بالهرب وهو يتعوّذ بالله ،

فماذا لو كانت تلك الفتاة من الجنّ أو أحد الأشباح ؟ ثم تشجّع ، وقال في نفسه :

ليس لدي ما أخسره فأنا فقير ، ولو متّ فربّما تتزوّج إمرأتي من رجل آخر ينفق عليها وأولادها ، فهي جميلة ، والنّاس تحسدني عليها.

ثمّ أخذ عود حطب أشعله ، وتقدّم نحو القصر ، ثم دفع الباب فانفتح على مصرعيه ،

وعلى ضوء النّار رأى غرفة واسعة مليئة بالتّحف ، وفي آخرها مدفئة مشتعلة ، وعليها قدر يغلى ،

وقد تصاعدت منه رائحة اللحم ، فأطفأ عود الحطب ، واقترب من القدر ، وفجأة سمع صوتا وراءه يقول له :

1 3 4 10 1 3 4 10

يبدو أنك جائع إلى درجة أنّك لم تهتم بالتّحف واللوحات النّفيسة المذهّبة.

إقرأ أيضا: الأخوين وقصر الفضة الجزء الثاني

فارتعد الرّجل حتى كاد يسقط أرضا ، ولمّا إلتفت رأى البنت التي صادفها في الغابة تبتسم له ، وقد ظهرت أنيابها.

قالت له : لا تخف ، إسمي مسعودة ، وأنا لست كأمّي ، تعال نأكل ، وقصّ علي حكايتك!

فأنا أعيش معظم الوقت وحدي ، وقلّما يأتي أحد إلى هنا ، وإذا حدث ذلك ، فمن يأتي يحاول سرقة تلك التحف الثمينة ،

وحينئذ أقتله ، لأنها ملك لعائلتنا منذ مئات السّنين ، وأنا وأمّي نحرسها ،

والأن قل لي ما الذي أتى بك لهذه الغابة الموحشة التي لا يدخلها النّور!

كان الرّجل يأكل ويستمع ،ثمّ همّ بوضع قطعة لحم في فمه ، لكنه توقّف ، فضحكت البنت وقالت :

إنه لحم خروف ، بدأ يحسّ بالإطمئنان رغم وجها المخيف ، ثم حكى لها عن أخيه الكبير وكيف تزوّج إمرأة غنيّة لكنها لئيمة ،

أمّا هو فتزوّج إمرأة جميلة وطيّبة القلب لكنّها فقيرة ، وكانا يشتغلان عند أخيه الذي يسخر منه لأنّه فكّر في الحبّ عوضا عن المال ،

وهو لا يتردد عن إذلاله مع إمرأته ،

حتى اليوم الذي قرر فيه الرحيل من تلك البلاد لكن قلبه يتقطع ألما حين يتذكّر أنّه يأكل أحسن الطعام ، وأولاده وأمّهم يبيتون جوعى.

بكت البنت لمّا سمعت هذه الحكاية ، ثم مسحت دموعها ، وقالت له : إسمع عندما تخرج من هذه الغرفة ستجد رواقا طويلا فيه سبعة غرف ،

ولمّا تصل السّابعة خذ منها ما تقدر على حمله من الفضّة ، وانصرف!

شيء آخر إيّاك أن تفتح بقية الغرف ، فما فيها ليس من شأنك ، وإذا خرجت من هنا فلا تعد مرّة أخرى ،

فأنا لا آمن عليك من أمّي ، ولا تعلم أحدا بما جرى مهما حصل ، هل تعدني بذلك؟ أجاب الرّجل : سرّك في بئر.

يتبع ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?