الأصدقاء الثلاثة
الأصدقاء الثلاثة
كان هناك في القديم يعيش ثلاث شبان أصدقاء تربطهم علاقة وطيدة كالأخوة ما بينهم.
منذ الصغر لم تفرقهم الأيام ، ولا الظروف ولا حتى المسافات.
كان كل واحد منهم يحمل أحلام تختلف عن الآخر ، ينتظرون معجزة تتحقق لأنهم يعيشون في قرية تضيع فيها الأحلام ، وسط الفقر والجوع.
كانوا كلما إجتمعوا في خيمتهم الصغيرة وهم يمارسون مهنتهم المعتادة.
العمل على صيانة أسلحة جيوش المملكة على كل أنواعها من السيوف والخناجر والأقواس ،
مقابل أموال ضئيلة لا تسد من جوع.
كانوا كل يوم يتذمرون من وضعهم المزري ومن أعمارهم التي تذهب سدى ،
وهم يقبعون في مكان واحد دون التقدم خطوة واحدة نحو الأفضل.
وفي أحد الأيام وهم يعملون كالمعتاد وإذ بعربة تشبه عربة الملوك تمر بجوار خيمتهم.
وبالصدفة وهي على مقربة منهم مالت العجلة إثر إرتفاع طفيف فوق صخرة أودت بذلك إلى كسر العجلة ،
فتوقفت الأحصنة على الفور بما أنها لم تستطع جر العربة وهي تعرج حتى توقفت نهائيا.
نزل سائق العربة الذي كان يمتطي إحدى الأحصنة وتوجه نحو العربة ، فتح إحدى أبوابها وأمسك بيد مجهولة ،
حتى بدأت تظهر تدريجيا للفتية الثلاثة.
وإذ بفتاة تفوق الوصف من حسن جمالها وفخامة ثيابها تنزل من العربة ،
وبينما هي تعدل من نفسها لاحظت وجود الفتية الوقفين غير بعيدا عنها.
فهمست للسائق الذي بدوره إتجه نحوهم يطلب مساعدتهم في تصليح عجلة العربة لو كان بإمكانهم فعل ذلك.
فسر الفتية وتسابقوا على تقديم خدماتهم ، وكل فرد منهم يظهر شطارته أمام الحسناء التي تقف مبتسمة على تصرفاتهم الصبيانية.
وعند إنتهائهم شكرتهم الفتاة وودعتهم دون أن تذكر لهم من تكون وإلى أين وجهتها.
وفور رحيلها أصبح كل واحد من الأصدقاء يستعرض تخيلاته.
فالأول يقول الحسناء أعجبت بي وبدقة عملي في تصليح العجلة.
أما الآخر كان يقول أنه من كانت تبتسم له أكثر.
إقرأ أيضا: قالت إحداهن كان طموحي الوحيد هو إرضاء زوجي
أما الثالث فكان يضحك على سذاجتهما في إعتقاده وأخبرهما أنه هو الوحيد الذي كلمته وسألته عن نوعية العمل الذي يتقنونه جميعا.
هنا بدأ النزاع والتكذيب والقذف ما بينهم ، ولأول مرة شن عراك بينهم.
وفي الغد عاد نفس سائق العربة يطلب الفتية الثلاث أن يذهبوا معه في أنر مهم يخصهم.
فوافقوا على الفور وركبوا معه العربة حتى وصلوا إلى قصر حاكمهم.
هنا شعر الفتية بالخوف وكل واحد منهم تبخرت أمانيهم بلقاء الحسناء ،
وتغيرت لتصبح مجموعة أسئلة وظنون لماذا هم في قصر الحاكم؟
وما الأمر الذي أخطأوا به حتى يستدعوهم بنفسه؟
وما إن دخلوا الفتية إلى قاعة الجلوس حتى وجدوا بإستقبالهم الحسناء مع الحاكم في إنتظارهم.
لم يسر الشبان مما رأوه أمامهم رغم قبل ذلك تمنوا لو يلتقون بالجميلة ثانية.
إلا أنهم في تلك الأثناء ظنوا أن الفتاة قد أوشت بهم للحاكم عن أمر لم يرق لها من قبلهم .
حتى بعد لحظات قليلة عادت الحياة دبت في أجسامهم عندما رحبت بهم وهي تبتسم لهم.
هنا قبل أن تعرفهم الحسناء بنفسها شكرهم الحاكم على إنقاذ إبنته العزيزة فلولاهم لما تمكن اللصوص وقطاع الطريق من أذيتها.
فاستغرب الفتية من كلام الحاكم فأول مرة يسمعون بوجود إبنة له غير الصبية الأربعة الذين هم يكونوا أولاده.
فأردفت الفتاة تعرفهم بنفسها بأنها تكون إبنة الحاكم الوحيدة التي كانت مغتربة مع والدتها المطلقة سابقا.
وأخبرتهم عن سبب إستدعائها لهم.
فقدمت لهم مرسوم ذكر فيه بموجب إنتقالهم للعمل داخل القصر عربونا على خدمتهم لها.
رغم أنها خدمة صغيرة إلا أنها تعتبر كبيرة فهي منقذة للفتاة في وسط الطريق دون أن يخدش أحد منهم عفتها.
إقرأ أيضا: فضيحة فتاة في الجامعة أمام الجميع
وهذا ما يحتاجه القصر إلى شبان محترمين يقتدى بهم في أمانتهم.
كانت المفاجأة كبيرة بالنسبة للثلاثة الفتية فهم لم يتوقعوا أن يتقابلوا وجها لوجه مع الحاكم ، فما بالك العمل عنده.
وعلموا أن العمل الشريف البسيط قد يوصلهم إلى أكبر ما كانت تطمح إليه أحلامهم.
ومن بين تلك الأحلام كذلك التي حققت لأحد الشبان ولم تكن تصدق.
ذاك الفتى الذي ضحك على سذاجة أصدقائه واعتقدنا أنه هو من كان الساذج بينهم ، بل كان هو الحادق فيهم.
فكلام الحسناء معه عن دونهم ، رأى فيه الإعجاب الذي شعره من قبلها.
وبعد مرور الأيام وكثرة مقابلاته معها داخل القصر ، تكونت قصة الحب معه ومع إبنة الحاكم.
وفي الأخير تزوج بها وانتقل معها إلى البلدة التي تقطن به مع والدتها هناك ، وكونا أسرتهما السعيدة ، وقلما كانا يزوران المملكة.
أما بقية الشباب ، فأحدهما إرتقى وأصبح أحد كبار الوزراء للحاكم ، والآخر كان من أحد أكبر قادة الجيوش.
وفي الأخير تحققت الأمنيات بالغنى ، ولكن تفرقت الصداقات.