الأم
نحن أربع شباب وكل يوم خميس منخلص شغلنا ومنجتمع ومنسهر أنا وإخوتي عند بيت أهلي.
بالبداية كنا نأتي نحن وزوجاتنا وأولادنا الصغار.
وكانت أمي تعمل غداءا للكل ونجلس نأكل وننبسط ونسهر ، ومن ثم يذهب كل واحد إلى بيته.
لكن بعد ما كبروا الأولاد صرنا نجتمع أنا وإخوتي الشباب فقط.
وكانت أمي كل خميس تعمل لنا صينية حلو ونسهر للصبح ونحن نضحك ونمزح ونحكي ماذا حصل معنا خلال الأسبوع.
وكانت أمي تجلس وهي ماسكة المسبحة وابتسامتها لا تفارق وجهها ، وهي عم تسمع لقصصنا وحكاياتنا ،
ويا إلهي شو كانت تضحك على نكت أخي خالد.
الحمدلله أنا وإخوتي متفقين ونحب بعضنا البعض والعالم كلها تحسدنا على هذا الشيء ،
بزمن فيه الإخوة مثل الأعداء.
حتى بعد وفاة الوالد ما قطعنا ولا خميس عند أمي.
وفي يوم خميس ذهبت عند أمي فاستغربت أن إخوتي لم يكونوا عندها ، فلما سألت أمي قالت لي :
إن أخاك الكبير مريض وأخي خالد عنده سفرة على الشام ، وجمال عندو شغل ضروري.
فأنا أكلت هم شو بدي أحكي مع أمي لأنو هي كلامها قليل وما بعرف أي موضوع أفتحو معها ،
فحتى لا تأخذ على خاطرها قلت بقعد معها شوي.
أنا : كيفك أمي شو أخبارك طمنيني عن صحتك؟
فقالت : اليوم رحت عند الدكتور
أنا : خير يا أمي سلامتك ؟
أمي : والله يا إبني أنا صرلي فترة ما عم نام من وجع المفاصل.
إقرأ أيضا: توفيت زوجة أبي الأولى وتركت خلفها إبنة واحدة عمرها 15 سنة
أنا إستغربت كثير لأنو أول مرة بعرف أنو أمي معها وجع مفاصل ، والغريب أنه كل خميس كنا نجتمع عندها ولا مرة حكت إنها موجوعة.
أو بالأحرى يمكن ولا مرة سألناها شو عم يوجعها.
أنا : أمي لماذا لم تقولي لنا أنك نريضة حتى نأخذ عند الطبيب.
أمي : إنتو جايين تنبسطوا ما بدي ياكم تاكلو همي وهلق إذا عرفوا إخواتك إني موجوعة بيجوز يبطلوا يجو كل خميس ويسهروا منشان ما يضايقوني.
ومن ثم نظت إلي وقالت : شبك حاسستك مهموم.
فقلت لها : أحوال المحل صعبة شوي ورغم أن بضاعتي أحسن وأرخص من بضاعة جاري ،
بس المشكلة الناس عم تشتري من عندو وما عم تشتري من عندي.
فاطلعت فيني وقالت لي : أي صحيح إنت كان بدك زيت حلو ليك فيه واحد قرايب جيراننا عم يبيع التنكة أرخص من السوق بكتير إذا بدك لوصيلك على وحدة.
أنا : ليش عم يبيع أرخص من السوق ما يكون من هديك السنة ؟؟ أو بجوز مغشوش لاء ما بدي.
أمي : عرفت ليش الناس ما عم تشتري من عندك.
يا إبني الناس بتخاف من الرخيص
أنا قايمة أعملك فنجان قهوة.
نظرت إليها وأنا مستغرب قديش إلي بالسوق وقديش إجتمعت مع إخوتي وعالم كثير ،
بس ما حدا قلي هل الكلام العميق هيك وعطاني الحل لمشكلتي بدقيقتين.
المهم أمي أخيراً غلتلي القهوة شربتها وأنا حاسس أنو عم أشرب أغلى ترياق بالعالم ،
لانه صدقا ولا حدا بالعالم بعرف يساوي فنجان قهوة مثل أمي.
مرت الأيام ونحن كل خميس منجتمع أنا وإخوتي الشباب ، نحن منحكي وأمي بس بتسمع وهي ماسكة مسبحتها.
إقرأ أيضا: يقول شاب أعجبت بفتاة ملتزمة لم أتأخر بإخبار أمي عنها
وابتسامتها لا تفارقها وآخر السهرة كانت أمي تدخل علينا وهي جايبة صينية القهوة بإيديها يلي عم ترجف يلي كان بالنسبة إلنا أطيب فنجان بالعالم.
أمي توفت بعد فترة بس إتفقت أنا وإخوتي إنو بيت العيلة راح يضل مفتوح وكل خميس لازم نجتمع مع بعض.
اجا أول خميس بعد وفاتها إجتمعت مع إخوتي بس فجأة ساد الصمت ،
ولا حدا منا فتح تمو بكلمة وكل واحد فتح موبايلو وصار يتفرج عليه وبعد شوي كل واحد راح على بيتو.
ثاني خميس الكل إعتذر عن الإجتماع وكل واحد كان عندو حجة شكل.
والخميس يلي بعدو ما عاد حدا سأل
وبالآخر إتفقنا نبيع البيت.
إكتشفت إنو نحنا كنا عم نروح منشان نحكي شو صاير معنا حكاياتنا وهمومنا وفرحنا لأمي مو منشان نشوف بعض ،
عم نروح لنرى إبتسامة أمي يلي كانت تنسينا كل هموم الدنيا.
وعم نروح لنشوفها وهي ماسكة مسبحتها ونسمع صوتها ونرتاح وهي عم تذكر رب العالمين وتدعيلنا ،
عم نروح منشان نشرب من إيديها أحلى فنجان قهوة بالعالم.
