قصص منوعة

الأميرة البكماء

الأميرة البكماء

كان يا ما كان في قديم الزّمان سلطان إسمه منصور يحكم مملكة شاسعة ، وله من الدواب والخدم والذهب ما يملأ قصور ويعمر بلدان.

وله جيش من خيرة الجنود الشّجعان ، وفي أرضه العزّ والأمان.

لكنّه رغم كل ذلك كان بائسا تلفّ أيّامه الأحزان ، فقد ماتت زوجته التي يحبّها ، وهي مازالت في مقتبل العمر ،

وتركت له بنتا صغيرة إسمها بدر البدور ، ولشدّة صدمتها على موت أمّها فقدت النطق ، وصارت بكماء.

وانزعج السّلطان عليها ، وأحضر لها الأطباء والمشعوذين ، لكن لم ينفع علاجهم وسحرهم.

كبرت تلك البنت ، وزاد جمالها وكانت ذكيّة ، وتزوّجت صديقاتها اللواتي في مثل عمرها ،

أمّا هي فلم يخطبها أحد من الأمراء وأبناء الملوك ، ولا حتى من كبار التّجار ، فمن الذي يقبل بفتاة بكماء!

وناس زمان قالوا يا ويح من أخرج قفّة ، ولم يملئها.

وكبرت إبنته ولم يزوّجها ، وكان كلّ من عنده ولد مليح من الرّعية يسارع بتزويجه خوفا من أعوان السّلطان الذين يبحثون عن زوج لإبنته.

مرّت الأيّام ، وبدأ إسماعيل يقلق ، وقال في نفسه البنت تهان بعد أبيها حتى ولو كان حاكم البلاد ،

فأطرق قليلا ، ثم أرسل في طلب الوزير ، وقال له اليوم لم أستدعيك كسلطان ، وإنما كأب ،

وكما تعلم لقد أصبحت بدور في سنّ الزواج ، وأنا قد تقدّمت في السّن ، وأخشى عليها لو متّ فهي لا تجربة لها ،

وقد يطمع فيها الناس ، لهذا لا بدّ من تزويجها بمن يليق بها!

كان الوزير يسمع وهو مطرق برأسه ، ثم قال : يا مولاي لقد شاء الله أن لا أرزق سوى البنات ،

لكن أمهلني يومين وسأفكر في حلّ

بينما هو يمشي في الزّقاق رأى عجوزة السّتوت ، فقال في نفسه : هذه المشكلة لا تحلها سوى تلك اللئيمة.

ثم حكى لها عن بنت السّلطان ، فقالت له : وماذا تعطيني إذا فعلت ذلك؟

فرمى لها صرّة من الذّهب ، وقال لها : سأزيدك إن نفّذت ما أطلبه منك!

إقرأ أيضا: الضرائر

فركبت حمارا ، وأخذت تدور في الممالك المجاورة ، وهي تدّعي أنها عراّفة تسهّل المكتوب ، وتقرأ الطالع ،

1 3 4 10 1 3 4 10

وكانت تذهب أمام ديار الأعيان ، وتقول لهم أنّه من ينجح في جعل الأميرة تنطق ، يتزوّجها ،

ويعطيه أبوها نصف مملكته ، لكن لم يهتمّ بها أحد ، وطردوها من أمامهم.

وذات يوم وصلت إلى مملكة صغيرة ، وفي طريقها رأت فتى حسن الوجه جالسا تحت شجرة ،

ويبدو عليه الحزن الشّديد ، فقالت في نفسها : سأرى قصّة هذا الولد ،ثم إقتربت منه وقالت له :

أنا عرّافة ، سأقرأ لك طالعك.

أجابها : لن ترين سوى الأحزان.

سألته لماذا ، وأنت لا تزال شابا ، ويبدو من حالك أنّه لا ينقصك المال!

أجابها أنا إسمي نادر الوجود إبن رجل يقصّ الحكايات والأسمار ،

ولقد أحببت أحد بنات الجيران ، ورغم كل شيء كانت تنظر إليّ باحتقار ، ولا تعتبرني في مستواها.

قالت العجوز : لعلّ مكتوبك في مكان آخر يا ولدي!

هات كفّك ، فنظرت في الخطوط ، وقالت :أرى أنّك ستتزوّج من أميرة مملكة البربر ،

قال لها أسمع عنها ، وعن ثرائها ، لكن هل سيقبل أبوها بتزويجها ، وأنا لست من الأمراء؟

أجابته : أنا لا يصعب عليّ شيء ، لكن الأميرة بكماء ، فهل تقبل؟

فكّر قليلا ، ثم قال : هل هي جميلة ؟

قالت له : نعم ، وكلّ نسائهم جميلات ولذلك من بها عيب لا يتزوّجونها ، وهذا هو الحال عندهم!

كلّم الولد أبيه ، لكنّه ردّ عليه : ويحك ، كيف تتزوّج بكماء حتى ولو كانت أميرة؟

لكن الولد أصرّ على رأيه ، ولماذا يحتاج للكلام ، فلم يسمع من تلك الفتاة التي أحبّها إلا كلاما سّيئا آلم قلبه ،

والحبّ لا يحتاج إلاّ للغة العيون وذلك يكفيه!

إقرأ أيضا: عروس تخون زوجها بأول أسبوع زواج

لمّا جاء الولد لخطبة الأميرة ، إبتهج السّلطان لمّا رأى حسن هيئته ، وعذوبة لسانه ، وقال له :

أنا موافق على زواجك من بدر البدور ، والله لو جعلتها تنطق ، لأعطيتك النّصف من مالي ومملكتي.

ويوم الزّواج لبس نادر الوجود جبّة من الحرير المنقوش بخيوط الذّهب ، ووضع عمامة على رأسه ، وكلّ من رآه إعتقد أنّه من الأشراف ،

لكنّهم تعجّبوا كيف وافق على الزّواج من بكماء ، وفي بلادهم أجمل النّساء.

ولمّا دخل غرفته جلس معها ، وأمسك يدها ، ثم قال لها :سأحكي لك حكاية فما رأيك ، فأنا أعرف الكثير منها.

أومأت له برأسها موافقة ، ثمّ أخذ شمعة ، وأشعلها ، وقال :

يحكى أنّ ثلاثة رجال واحد نحّات ، والآخر رسّام ، والآخر خياّط ، إلتقوا ذات ليلة قرب جبل فلجئوا إلى مغارة ليحتموا من الذئاب وقطاع الطريق ،

فأشعلوا نارا ، ثمّ اتّفقوا أن يأخذ كلّ واحد منهم دوره في الحراسة ، فابتدأ الرّسام ،

فلمّا جلس ، رأى قربه جذع شجرة مقطوع ، فرسم عليه صورة فتاة ،ثمّ رجع إلى المغارة.

وجاء النّحات فنحت ذلك الجذع ، وزيّنه فصارا تمثالا جميلا.

ولمّا جاء الخيّاط فصّل لها ملابس ، وفي النّهاية تحوّل ذلك الجذع إلى عروسة فائقة الجمال ،

ثمّ أطفأ الشّمعة ، وقال لها : لمّا حلّ الصّباح أطفئوا النّار ، وسلّموا على بعضهم ، وراح كلّ واحد في سبيله.

كانت بدر البدور تستمع بلهفة إلى الحكاية ، وقد زالت عنها حمرة الخجل ، ثمّ نظرت إليه بعينيها الواسعتين ، وسألته :

لكنّك لم تقل لي من أخذ العروسة الجميلة في النّهاية؟

إبتسم الفتى ، وضمّها إليه بحبّ ، وقال: لقد أخذتها أنا!

فرحت بدر البدور لمّا إكتشفت أنّ حكاية الفتى ملكت عليها جوارحها ، وجعلتها تتكلّم من جديد.

في الصّباح جاء السّلطان والحاشية لتهنئتها ، ومعهم الهدايا والبخور والعطور ، فاستقبلتهم الأميرة بدر الدور بحفاوة ، وقبّلت يد أبيها ، وقالت له : لقد أصبحت جميلة داري بوجودك يا والدي!

إقرأ أيضا: رجل له بنتان

فتعجّب السّلطان وظنّ أنّه يتخيّل أشياء لا وجود لها ، لكنّها طلبت من الحضور أن يجلسوا ،

وهنا سمعها الجميع ، ولم يعد شكّ عند أبيها أنّها رجعت تتكلّم.

فعلت التّكبيرات ، وبكى السّلطان من شدّة الفرح ، وحضنها بين ذراعيه ، وقبّل رأسها.

ثمّ إلتفت إلى نادر الوجود وقال له : لا أعرف كيف أشكرك يا ولدي ، لكن قل لي بربّك ماذا فعلت لتجعل إبنتي تنطق؟

فقصّ عليه الحكاية ، فاندهش إسماعيل من ذكائه ، وقال له : ليشهد الجميع أنّي أعطيتك نصف مملكتي ، ونصف مالي كما وعدت ،

وليعلم الحاضر الغائب ، وسأرسل المنادي في الأسواق لتعمّ الأفراح في المملكة سبعة أيام وسبعة ليالي ،

والكلّ يشبع من الطعام ، وسأتصدّق حتى لا يبقى فقير واحد عندنا!

حين سمع الوزير كلام السّلطان تحيّر ، فكيف سيصبح ذلك الصعلوك بين عشية وضحاها أميرا على نصف المملكة ،

وله ثروة كبيرة لم يتعب عليها ، وماذا ربح هو مقابل تعبه؟

ضيعة صغيرة لا تساوي شيئا أمام ما حصل عليه الولد من الضّياع والمواشي والأموال ،

وقال في نفسه : لا بدّ أن يفسد هذا الزّواج.

ولم أكن أتصوّر أن السّلطان سينفّذ وعده ، فهذا كثير جدا ، والأدهى من ذلك فلو توفّي سيصعد الولد على العرش ،

ويصير السلطان ، وهذا ما لا أقبل به أبدا ، فأنا الأحقّ بذلك.

وفي الغد ذهب الوزير إلى عجوزة السّتوت ، وطلب منها أن تصنع له سحرا من يشربه يفقد عقله.

فضحكت وقالت : سأحضر لك ما تطلبه ما دمت تدفع بسخاء.

وبعد يومين أحضرت له قارورة صغيرة فيها سائل أحمر اللون ، وقالت له : إسمع!

قطرة واحدة يجعل المرء ينسى أمّه التي أنجبته ، وأوصيك بالحذر ، فهو لا علاج له.

إقرأ أيضا: السفيرة عزيزة سيد شكري دحروج (١٩١٩ – ٢٠١٥م)

أمّا السّلطان فأصبح يستدعي في كلّ أمسية نادر الوجود ليقص عليه حكاياته ،

وذات يوم حكى له عن ملك ذهب للصّيد ، فوجد خيمة أعرابي ، وطلب منه أن يشرب ، فحلب ناقته ، وملأ قدحين من اللبن.

فجاءت ذبابة وسقطت في قدحه ، فأخرجها بطرف إصبعه ، واستكره أن يشرب منه ، فأخذ طبقا ،

ووضع فيه القدح ناحية الملك ، وملأ واحدا آخر ، وجعله ناحيته ، لكن الملك تفطن له ، ولمّا إقترب منه ، قال له :

ما أجمل ذلك الطائر ، وحين إلتفت البدوي أدار الملك الطبق ، وأخذ اللّبن السّليم ، وأصبحت عادة لديه يفعلها كلّما جلس للشّراب مع أحد.

بعد أياّم أراد السّلطان إسماعيل أن يروّح عن نفسه ، فخرج في موكب من الجواري والعبيد ،

وبعد الطّعام أخرج الوزير قدحين وضعهما في طبق ، ثمّ صبّ فيهما نبيذ العسل ،

وكان السّحر في القدح الذي أمام السّلطان ، وفجأة تذكّر حكاية نادر الوجود ، فقال للوزير :

ما أجمل ذلك الطائر! ولمّا إلتفت ، أدار إسماعيل الطّبق ، ثمّ شرب كلاهما ، وابتسم الوزير بمكر ،

وقال في نفسه : بعد قليل ستفقد عقلك ، وسأقول للحاشية أنّك مجنون ، وسيبطلون كلّ ما أعطيته لذلك الولد ،

وسأقتله ، وأتزوّج الأميرة رغما عن أنفها وأصير أنا السّلطان.

لكنّه بدأ يحسّ بتشوّش أفكاره ، ولم يعد يتذكّر شيئا ، فاستغرب إسماعيل لمّا سمع الوزير يحكي له عن أشياء قديمة حصلت له ،

وكيف كان يحتال للزيادة في ثرائه ، عن عجوزة السّتوت التي أعطته السّحر ، وكيف كان يخطّط لقتل زوج الأميرة ،

والوصول إلى الحكم.

إنتهى السّلطان من سماع وزيره الذي فضح نفسه ، وبعض الوزراء والقادة ،

ثم قبض عليهم جميعا وزجّ بهم في سجن مظلم أمّا عجوزة السّتوت فسخّن الزّيت ثمّ رماها حتى زال لحمها عن عظامها.

إقرأ أيضا: الحب الإلكتروني الجزء الأول

وقال في نفسه : لولا حكايات نادر الوجود المليئة بالحكمة لما نطقت إبنتي ،

ولما عرفت بتآمر الوزير على عرشي ، الآن عرفت قيمة الحكايات ، وسأسمع منها كلّ يوم.

أحد الأيّام جاءت البنت إلى أبيها ، وقالت له أريد أن أذهب للعيش في مكان لا يعرفني فيه أحد ،

فلقد مللت من همسات النّاس وراء جدران القصر ، والتي تقول أن نادر الوجود زيّن لك التخلص من الوزير وعدد من الأمراء والقادة ليصفو له الجوّ ،

وهذا يألمه ، ودفعه للسّكوت فلم يعد يقصّ لي حكاياته الجميلة ، كما كان يفعل من قبل !

فكّر إسماعيل قليلا ثمّ قال : لقد تعوّد الناّس على حياة الدّعة والتّرف ، وأصبحوا يهتمّون بنقل الأخبار ،

يبدو أنّي أكثرت من اللين معهم ، وسأعاقب كلّ من يتعرّض لك أو لزوجك ، أجابته : لا داعي لذلك يا أبي.

غدا سأحزم أمتعتي ، وأرحل إلى القرية التي يعيش فيها زوجي ، وحتى لو ذهبت لن تسكت ألسنة السّوء.

عاشت الأميرة مع نادر الوجود ، وكان يحبّ الرّمي بالقوس ، ولا يخطأ أبدا هدفه وعلّم بدر البدور فبرعت في ذلك أيضا ،

وأصبحت أكثر قوّة ، وتأكل من الفرائس التي تصطادها.

أحد الأيّام توغّلا في البادية يتبعان قطيعا من الظباء حتى إبتعدا كثيرا عن القرية ،

وفجأة لاح من بعيد غبار كثيف وشاهدا جيشا من الفرسان يتقدم نحو مملكة إسماعيل ، فاقتربا من القوم ،

وسمعا أحد الجنود يقول للآخر : لقد تقدّم إسماعيل في السّن ، وليس له من يخلفه سوى جارية ضعيفة ،

وزوجها حكواتي لا يصلح للحرب ولا للتّدبير ، ولن يحتاج الأمر لعناء كبير كي نهزمه ، ونتقاسم ما عنده من غنائم.

قال نادر الوجود لإمرأته بنت السّلطان : أبوك في خطر ، لا بدّ أن نجد حلا لإبعاد هؤلاء الغزاة!

فردّت عليه :وما الذي يمكننا فعله ، ونحن بمفردنا؟

فالتفت حوله ، ورأى ظبيا يرعى غير بعيد عن الجيش ، فقال لها عندي فكرة ، سنرميه معا في رأسه ، واتركي الباقي لي !

إقرأ أيضا: يحكي رجل أنه تزوج من فتاة لا يحبها ولا يكن لها أي مشاعر

كان محمّد بن همّام ملك تبسّة يسير في المقدّمة ، فرأى سهما يطير في الهواء ويصيب رأس الظّبي ، الذي يبدأ يترنّح ،

فتعجّب من دقّة الرّمية ، وزاد تعجبّه لمّا رأى جارية ترميه بسهم آخر في جبينه ، ويسقط دون حراك.

فأرسل الملك في طلب الولد والفتاة ، فوجد أنهما لا يزالان صغيرين ، فسألهما عن حالهما ،

فأجاباه أنّهما من عبيد منصور أرسلهما ليصيدا له شيئا يأكله ،

وأنّ كلّ العبيد والجواري عنده يحسنون الرّمي وهم يتعلّمون ذلك في القصر ، ثمّ حكى له عن الأميرة التي أعدّها أبوها للحرب منذ مولدها ،

ويكتم ذلك ، حتى يفاجئ بها أعداءه.

كان نادر الوجود كعادته بارعا في الحديث ، فجمع الملك قادة جيشه ، وأخبرهم أنّه إذا كان العبيد والجواري يرمون بمثل هذه البراعة ، فكيف بالجنود؟

وأنّه يخشى أن يكون جيش منصور متربّصا بهم في بعض الأودية ،

والرأي أن نبعث له الهدايا مع هاذين العبدين ، ثم نعود أدراجنا ونرجو أن لا نكون قد أثرنا غضب السّلطان ،

وأنا أخشى أن ذلك الوزير المحبوس لا يفكّر إلا بمصلحته ، ويخفي عنّا الحقيقة ليشجّعنا على القدوم!

رجعت بدر البدور وزوجها نادر الوجود ومعهم ثلاثة جمال محمّلة بالذهب والفضة والألبسة الملكية وريش النعام ،

وعلم الناس أنّ الجيش قد رجع بعدما كان الذعر قد دبّ في المملكة وذلك بفضل شاب وفتاة ، وتسائلوا من يكونان ؟

ولمّا رأوهما يدخلان باب المدينة هتفوا باسميهما ، وأصبحا بطلين ،ثم إستقبلهما السلطان ، وعانقهما ، ثمّ قال :

والآن هيّا إلى الطعام ، فلا شكّ أنّكما جائعين ، وبعد ذلك سنشرب القهوة ، ونتسامر ، فالليلة ستكون طويلة ، وممتعة.

إقرأ أيضا: موعد مع الموت

وبعد أن أكلوا وشربوا طلب منصور من نادر الوجود أن يقصّ عليه كيف غلبا محمّد بن همام ، الرّجل الذي لا يخاف!

فبدأ يسمع ، وهو يتعجّب فلمّا تمّت الحكاية ، هتف: هذه لا شك ستكون أجمل الحكايات ، وسيرويها الناس جيلا بعد جيل !

ثمّ إلتفت لبدر البدور ، وقال لها : لقد حان الوقت يا ابنتي لأتنازل لك عن الحكم وأنا مطمئنّ البال ،

فما دام نادر الوجود بجانبك ، فأنت لن تخشين شيئا بإذن الله.

في الغد خرج المنادي للأسواق يصيح أنّ الأميرة بدر البدور ستعتلي عرش مملكة الأوراس ،

وسيكون زوجها نادر الوجود الوزير ، ففرح الناس بأميرتهم الجديدة التي ردّت لوحدها جيشا كبيرا بفضل شجاعتها ،

وبدأوا يتجمّعون عند القصر لرؤيتها ، ولم يبق لا كبير ولا صغير إلا ذهب إلى هناك.

أمّا خصوم السلطان منصور وعلى رأسهم الوزير ، فقد إنزعجوا من ذلك الخبر ،

وهم الذين إتفقوا مع محمّد بن همّام ملك تبسّة للمجيء ، وتنصيب الوزير على العرش ،

لكن فشلت المؤامرة ، وانحاز كلّ القادة والأمراء إلى بدر البدور بعد أن رأوا قوّتها ، ووشوا بالوزير ، فكافأتهم على إخلاصهم.

وأمرت بالوزير فضربت عنقه ، وبذلك توحّد كلّ الشّعب حولها مع أنّها إمرأة.

وبدأت النّاس تحكي عن شجاعتها وكيف عاشت في الغابة ، واصطادت الوحوش وغلبت الجيوش ،

وعاشت مملكة الأوراس في رخاء ورفاهيّة.

ورغم مرور زمن طويل ، لم تنته الحكايات عن تلك الأميرة التي كانت بكماء ونطقت بفضل الله سبحانه وتعالى وعلى يد ولد جاء من أرض بعيدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?