الأميرة الكردية
عصمة الدين مؤنسة خاتون ، إبنة الملك العادل سيف الدين أبو بكر بن أيوب ، وشقيقة الملك الأوحد قطب الدين أحمد ،
فقد ولدت في عام 603هـ/1206م ، وعاشت في مصر ، وتعلمت بها ،
وبرعت في دراسة الحديث حتى أصبحت من أشهر محدثات عصرها ،
فسمع منها وتخرج على يديها الكثير من المحدِّثين ؛
ومما يؤكد هذا أن الحافظ أبا العباس أحمد قد خرج لها أحاديث كثيرة حدثتْ بها.
لم يقتصر جهد السيدة عصمة الدين مؤنسة خاتون في الحياة العلمية على دراسة الحديث وتدريسه فقط ،
بل إهتمت بالأدب ودراسته ، فضلاً عن ذلك فقد أنشأت مدرسة في مصر في أول حارة زويلة برحبة كوكاي ،
عرفت بالمدرسة القطبية ، نسبة إلى أخيها الملك الأوحد قطب الدين أحمد.
وكانت تلك المدرسة بمثابة معهد علمي كبير خُصِّص لدراسة العديد من العلوم الدينية ؛
إذ كانت مركزا لدراسة الفقه الشافعي والحنفي إلى جانب أنها كانت دارا لإقراء القرآن الكريم ، يدرس فيها القرآن الكريم وعلومه.
ولكي يستمر سير العملية التعليمية في تلك المدرسة أمرت السيدة مؤنسة خاتون بشراء وقف ينفق من إيراده على متطلباتها.
ولعل ما سبق يؤكد أن عصمة الدين مؤنسة خاتون قد لعبت دورا كبيرا في الحركة العلمية ؛
إذ كانت ضمن أشهر علماء عصرها في العلوم الدينية والأدبية ، ولكنها برعت بصفة خاصة في علم الحديث ،
وقد أنشأت المدرسة القطبية التي عنيت بدارسة العديد من فروع العلوم ، مما يدل على إسهاماتها الفعّالة في إثراء الحركة العلمية.
إقرأ أيضا: هرب من الحروب الأهلية في إفريقيا
ليس في العصر الأيوبي فحسب ، بل امتد جهدها أيضا إلى العصر المملوكي ،
حيث امتد عمرها منذ ولادتها في عام 603ﻫ/1206م إلى أن توفيت في عام 693هـ/ 1293م ،
عن عمر يناهز التسعين عاما.
ويقول المقريزي عنها : إنها كانت عاقلة ، ديّنة فصيحة ، لها أدب وصدقات كثيرة وتركت مالاً جزيلاً.
ولا شك أن رواية المقريزي إنما تدل على فصاحة وسعة علم وتدين هذه السيدة الفاضلة ؛
كما تدل على أن دارها كانت قبلة للعلم والعلماء فضلاً عن كثرة صدقاتها وبِرّها بالفقراء ودُور العلم.