الإخوة الأعداء
قصة حقيقية مؤثرة جداً :
يقول أحد الإخوة : أنا وأخي كنا أعداء في صغرنا ، حتى عندما كبرنا ، كانت الوالدة رحمها الله تقول :
يا أبنائي أنتم إخوان ما لكم غير بعض ، ومهما وقف الناس معكم ، هم ناس يا أبنائي.
والوالد رحمه الله كان دائماً غير راضٍ عنا ، ولا يتكلم معنا وكلامه معنا رسمي جداً ، والسبب عداوتي أنا وأخي .
وكان دائماً يقول للوالدة : ( الله يهديهم ) سوف يأتي اليوم الذي يعرفون فيه قيمة بعضهم ويتذكرون كلامنا.
كان يقول لنا : الأخ لا يُعوّض وعندما يتألم أحدهم فإنه يقول : ( أخ ) ولا يقول : صاحبي أو صديقي.
كانت هذه جملة أبي دائماً.
ومرت الأيام وتزوجنا أنا وأخي ، وزادت عداوتنا أكثر عندما كانت تجتمع زوجاتنا في بيت أبي وتحدث المشاكل بيننا أكثر.
أمي وأبي إحتاروا معنا كثيراً وكانا يخافان إن وقفوا إلى جانب أحد منا أن يغضب الآخر ،
واستمر بنا الحال على هذا الوضع سنوات طوال.
ماتت أمي وبعدها بخمس سنين مات أبي ، وقمنا ببيع أملاك أبي ، و كل منا أخذ حقه في الميراث ،
وبعدها لم يعد أحدنا يعرف شيء عن الآخر!
كبر أولادنا ولو أنهم تقابلوا مع بعضهم ، لا أحد فيهم يعرف إبن عمه !
وفي يوم من الأيام ، وهنا الطامة الكبرى ، عملت في مجال الأسهم وخسرت كل أموالي تقريباً ، وحالتي أصبحت صعبة جداً.
مرضت بمرض السكري ، ومع الضغوط اليومية أصابتني جلطة أفقدتني عيني اليمنى من كثرة التفكير في حالتي وفي أبنائي ،
لأنني ضيعت كل شي في لحظة طمع.
وفي يوم وأنا أصلي الفجر بكيت ودعيت ربّي، وقلت : ياربّ، إرحم أمي وأبي وارحم ضعفي وقلة حيلتي وعوضني خيراً في أبنائي.
إقرأ أيضا: يقول أحدهم عند النظرة الشرعية وجدتها ليست جميلة كما وصفوها
بعد أيام قليلة شاهدت أحد أصدقائي وكان جاراً لنا عندما كنا صغاراً ، سلّم عليَّ ،
وتحدثنا مع بعض وعرف عني كل شيء.
و بعد أسبوع زارني في بيتي وقال لي : أريد منك طلب ؟
قلت : تفضل
قال : هذا شيك بمبلغ (نصف مليون ريال) إبدأ به حياتك من جديد ، اعتبرها دَين ، وحين يفرِّج الله عنك رُدّها لي.
أخذت الشيك وأنا غير مصدق ، وقمت بعمل مشروع صغير ، وبفضل الله بعد فترة من الزمن عوضني الله كل الذي فقدته ،
وكنت كل يوم أشكر الله وأحمده ألف مرة من أعماق قلبي!
وفي أحد الأيام تفاجئت بصديقي يزورني و يقول لي : أنا أتيت إليك لأمر مهم جداً و لا يحتمل التأجيل!
قلت له : إذا كان عن المال الذي أقترضته منك ، فإن الله عزّ وجلّ قد فرّج عني ، وعوضت ما فقدته ، وسوف أسدد لك القرض قريباً جداً!
قال لي : الأمر أكبر بكثير!
قلت : خير إن شاء الله ، قد أقلقتني ، ما القصة ؟
قال : إن الذي أعطاك المال هو أخوك ، لست أنا ، وقد قال لي : يا فلان ، أسألك بالله هذا الأمر تجعله سرّاً بيني وبينك ،
لا أستطيع أن أرى أخي محتاج وأتركه في هذه الحالة ، ولا أستطيع أن أعطيه المال مباشرة ،
خذ هذا المبلغ وأعطيه إياه ولا تخبره بأنه مني ، بل منك أنت.
وأنا جئتك اليوم حتى أخذك معي لتزور أخوك في المستشفى ، لأنه الآن بين الحياة والموت.
على الأقل إذهب وتسامح أنت وأخوك ، فوالله إنه يحبك.
فذهبت مسرعاً إلى المستشفى ودموعي تغسل كل كره السنين لأخي إبن أمي وأبي ،
دخلت غرفة الإنعاش وشاهدت أخي عليه أجهزة في كل جسمه ، أمسكت يده و قبّلت رأسه ، و قلت له : أرجوك سامحني ؟!
فتح عيناه ونظر إليّ والدموع تنهمر من عيونه وضم يده على يدي وشهق أنفاسه الأخيرة وهو يبتسم لي.
إقرأ أيضا: الليلة الأخيرة
أخي مات ، كان ينتظر حضوري ، مات أخي بين يدي.
كنت كالمجنون أردد هذه العبارة طوال الوقت
كل يوم جمعة أذهب إلى قبره ، و أبكي ، وأتذكر كلام أمي : يا أولادي أنتم إخوة.
وأقول في نفسي : صدقتي يا أمي ، لم يقف أحد معي في شدتي الا أخي ، روحه الطاهرة لم تفارق جسده إلا عندما رآني.
رحمة الله عليه.
العبرة :
الأخ لا يعوّض
كم نشاهد هذه الأيام من قطيعة بين الإخوة والأخوات لسنوات طوال حتى أصبحت تمتد هذه القطيعة إلى الأبناء!
يقول تعالى :
( سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ).
لم يختّر الله تبارك وتعالى من اﻷقارب لشد العضد إلا اﻷخ.
أخوك أو أختك
تخاصمت معهم لسبب تافه دُنّيوي
وقد كنتم تعيشون سنوات تحت سقف واحد وتتقاسمون اللقمة سوياً ، أتذكرون ؟
أين فضل الأخوّة ؟!
قال تعالى : ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾
يقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
ما أقبح القطيعة بعد الصلة والجفاء بعد المودة
والعداء بعد الإخاء.
تأملوها جيداً .