الاسكافي الجزء الأول

الاسكافي الجزء الأول

إسكافيا فقيرا متزوجا له زوجة تذكره كل يوم بفقره وعجزه عن توفير حياة أكثر راحة لها.

وذات يوم رأت زوجته وهي تتجول في السوق سيدة ترتدي رداء فاخرا وتحلي أصابعها بخواتيم الماس ،

وتعلق على صدرها عقود اللؤلؤ وتتدلى أقراط الذهب وتسير حولها مجموعة من الخادمات الجميلات.

وعندما سألت عن هذه السيدة قالوا لها : إنها زوجة رئيس المنجمين عند الملك؟ سألت وماذا يفعل المنجم؟

قالوا لها يتطلع إلى النجوم في السماء ثم يتنبأ بما سيحدث في المستقبل ويقرأ أفكار الناس ويعرف أماكن الأشياء المفقودة.

قالت زوجة الإسكافي لنفسها ولما لا يصبح زوجي منجما حتى أصبح غنية كهذه السيدة.

ثم اندفعت إلى المنزل بأقصى ما تستطيع من سرعة.

عندما رأى الإسكافي وجه زوجته المتلهف سألها ماذا حدث يا عزيزتي؟

قالت في غضب ما الذي جعلك تختار هذه المهنة التافهة ، وتظل طول حياتك تعمل في إصلاح الأحذية ،

لماذا لا تصبح منجما فتربح مالا كثيرا وبذلك ينتهي فقرنا وجوعنا ونصبح من الأثرياء؟

صاح زوجها هل أنتي مجنونة يا زوجتي ، كيف أصبح منجماً وأنا لا أعرف شيئاً عن النجوم؟

قالت الزوجة كفى لا تحدثني ولا تقترب مني إذا لم تبدأ غداً في عملك كمنجم سأعود إلى منزل أسرتي ولن أعيش معك بعد اليوم.

حزن الإسكافي لحالة زوجته وقرارها واحتار فيما يفعل إنه يحب زوجته ولا يريد أن يفقدها ، لكن كيف يصبح منجماً ؟

أما زوجته التي تحلم بالثراء ، فقد جمعت له بعض الكراسات القديمة واستعارت من منزل والدها سجادة صغيرة ،

وقالت له هذا هو كل ما تحتاج إليه لتصبح منجما.

وفي صباح اليوم التالي أخذت الزوجة تلح على زوجها ليجلس بين المنجمين في السوق ،

فقال لها لماذا تجبرينني على عمل شيء لا أعرفه سيسخر الناس مني ويضحكون علي!

لكن زوجته أصرت على ما تقول وأخذت تهدده بالافتراق عنه إذا هو لم يفعل.

وأخيراً نفذ الرجل ما تريد وأخذ السجادة والكراسات وذهب إلى السوق ،

وجلس في المكان الذي اعتاد المنجمون أن يجلسوا فيه وقلبه يدق في عنف خوفا ورهبة.

إقرأ أيضا: أرض الجن قصة قصيرة

وتصادف أن زوجة السلطان كانت ذاهبة إلى السوق لتشتري ملابس لطفلها الأول الذي تتوقع مولده خلال أيام ،

فشاهدت الاسكافي يجلس وحده وحوله كراساته القديمة فاستغربت شكله وطلبت من إحدى جواريها أن تستفسر منه عن صناعته.

عادت الجارية إلى سيدتها وقالت هذا منجم جديد يقول إنه يعرف المستقبل.

فقالت السلطانة اذهبي إليه وأعطيه هذا الدينار واسأليه هل المولود الذي أنتظره سيكون ذكراً أم أنثى؟

مضت الجارية تسأل الاسكافي وأعطته الدينار فتناول منها القطعة الذهبية وهو لا يصدق ما يرى ،

فهذه أول مرة في حياته يمسك في يده تلك العملة الغالية ، ثم أخذ يقلب كراساته ورقة بعد ورقة ويعض شفته وهو ساكت لا يتكلم.

كان يقول لنفسه إن أسلم الإجابات هي الإجابة التي قد يخطئ نصفها ولا تخطئ كلها ،

إذا قلت إنها ستلد ولدا فقد تلد بنتا وإذا قلت بنتا فقد تلد ولدا ،

أما إذا قلت إنها ستلد ولداً وبنتا فإن نصف إجابتي فقط ستكون مخطئة ،

سواء ولدت ولدا فقط أو بنتا فقط أو ولدين أو بنتين وستكون إجابتي صحيحة كلها.

إذا ولدت ولدا وبنتا لذلك رفع وجهه وجهه إلى السماء وهز رأسه وقال : ولد وبنت ليس كمثلهما في الأرض أحد.

أسرعت الجارية إلى السلطانة ونقلت إليها إجابة الشيخ المنجم وقبل أن يطلع الصباح كانت السلطانة قد ولدت ولدا وبنتاً كما قال الاسكافي المنجم ،

وامتلأ القص بصيحات الفرح والابتهاج.

وفي اليوم التالي أسرعت السلطانة فأعطت بعض خدمها بغلة وملابس فاخرة وألف دينار هدية للمنجم ،

وقالت لهم ابحثوا عنه وأعطوه الألف دينار واجعلوه يرتدي هذه الملابس الجميلة ويركب البغلة ،

ثم أحضروه إلى باب القصر لأشكره على أنه بشرنا بهذا الميلاد المبارك.

إقرأ أيضا: الاسكافي الجزء الثاني

أما الاسكافي المنجم فما أن تركت الجارية الدينار في يده وانصرفت حتى جمع الدفاتر والسجادة وانطلق يجري هارباً ،

حتى وصل إلى البيت وبحث عن زوجته وقال لها لقد أخذت اليوم دينارا ،

لكنني كذبت على زوجة السلطان غدا ينكسف كذبي ويشنقونني خذي هذا الدينار ،

وإذا جاء أحد يطلبني قولي إنني لست هنا وأعطيهم دينارهم ليذهبوا عنا.

وبات عصفور مهموما حزينا يفكر فيما يمكن أن يحدث له في الغد.

يتبع ..

Exit mobile version