Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

الباسل قصة قصيرة الجزء الثاني

الباسل قصة قصيرة الجزء الثاني

صمت الحاكم برهة كأنه لامس من الشاب كلاما منطقيا يؤول للصدق ، وجرأة من الشجاعة لم يرى مثلها قبلا.

فهو حقا قد كان يستطيع الهرب وأن ينفذ بجلده قبل أن يمر على كل هذا ويلقي بنفسه في التهلكة.

ثم طالبه الحاكم ببرهان يثبت أن الصقر هو ملكه ،

حينها اطلق مهيب تصفيرا قويا من تحت لسانه ، ففوجئت أجاويد أن الصقر انتفض مكانه من فوق كتفها ،

ثم بسط جناحيه عاليا ليطير محلقا بجهد رغم إصابته البليغة متجها نحو صاحبه ليحط فوق ذراعه.

فذهل الجميع ، وبهذا أثبت مهيب أن كلامه صادق ولم يكن له ذنب في موضوع إتهامه بمس حرمة نسائهن.

وعلى الفور أصدر الحاكم قرارا ، أن الشاب سيسج به في قفص الميدان حتى اليوم الموالي ويصدر الحكم النهائي بشأنه.

بعد منتصف الليل وكل أهالي القرية نيام ، ظهر ظل من بعيد يقترب من قفص مهيب المسجون داخله ،

حتى رويدا رويدا بين ضوء القمر عن وجه غريمه ، فهو وجه بدر منير يكاد أن يكون أجمل منه بكثير ،

إنها أجاويد بلحمها وشحمها.

فدهش مهيب من قدومها في وقت متأخر كهذا ، وما هي لحظات قليلة حتى علم أنها تود مساعدته بالفرار والرحيل من قريتها نهائيا ، قبل أن ينالوا منه أهل قريتها.

وعندما سألها لما تفعل هذا معه؟

أخبرته أن ضميرها سيؤنبها لو مسه مكروه ، خاصة أنها أدركت أنها مخطئة بشأنه.

ثم فتحت قفل القفص ، وحملت الصقر ما بين يديها لتداعب ريشه قليلا وقبلته كأنها تود وداعه ،

فهي ألفته رغم الأيام القليلة التي قضاها معها بعد أن وجدته ملقا على الأرض جريحا بسبب رمح أحد الصيادين.

وحثته أن يحافظ عليه جيدا ، فهو صقر نادر وجوده هذه الأيام.

أومأ مهيب برأسه ، ثم شكرها على حسن جميلها معه بعد أن تركت القفص مفتوحا ورحلت بعيدا عنه كأن شيئا لم يكن.

إقرأ أيضا: الباسل قصة قصيرة الجزء الأول

استيقظ أهالي قرية بن فاس على فاجعة هروب السجين من القفص الحديدي الذي سج به ،

مستغربين كيف له أن يخرج منه رغم صلابة وقوة قفله المتين.

فاتهموا حاكمهم بالإهمال وعدم اتخاذ قراره الصائب بحق المجرم الذي انتهك حرمتهم.

حيث منحه فرصة الهرب بدلا أن يقوم بفرض العقوبة القسوى عليه في حينه.

لم يشأ الحاكم أن يبرر ما وراء قراره ، بل ألزم الصمت لحين أثبت عكس ظنون أهل عشيرته.

إذ وهم مجتمعون يتناوشون ما بينهم ويتوعدون بقتل الشاب بأن يلحقوا به قبل أن يعود إلى قريته ،

فجأة ظهر لهم ذاك الهارب من بعيد يحمل شيء ضخم ما بين يديه.

حتى اقترب منهم وهم في ذهول مما يشاهدونه أمامهم ، فأصبحوا يتمتمون ما بينهم ويرددون أنه الوحش ، لقد اصطاد الوحش.

تقدم الحاكم ما بين الجموع مرافقا أجاويد نحو مهيب وهو مبتسما له ،

يسأله كيف له أن يقوم بفعل مالم يستطع فعله شباب ورجال قريته.

فرد عليه مهيب ، أنه استغرب كيف لسجين ليس له سجان يحرسه؟!

فهو لاحظ أنه منذ أن حل الليل تفرق الجميع إلى دياره يغلقون الأبواب بإحكام حتى أنهم يضعون بعض الطعام أمامه.

ولم يرى بعدها فردا واحدا أخطأ وفتح نافذة بيته أو تجرأ وخرج منه رغم أن الوقت لم يزل في بداية حلاكه.

فبدأ يحلل تصرفاتهم حتى رأى النمر المرقط المتوحش بالصدفة يجول ما بين الديار يلتقط الطعام من هنا وهناك.

وعندما لم يشبع تبعه مهيب فوجده متجها نحو الزريبة ليحاول إصطياد خروف من بين الخرفان التي هلعت من وجود النمر في وسطهم.

حينها تمم مهيب حديثه بأنه أظهر نفسه أمام النمر ليلاحظ وجوده ،

فترك الخروف جانبا الذي كان يمسكه من عنقه ليعيد أنفاسه بأعجوبة.

إقرأ أيضا: كثرت المشاكل بين أبيه وأمه فتطلقا

ثم تبع النمر خطوات مهيب الذي أبعده قليلا عن الديار ، ثم أوقعه في فخ داخل حفرة كبيرة ألقى فيها دجاجة ذبحها بنفسه ،

وجدها في طريقه وهو يخرج من الزريبة ، ثم إختبأ فوق غصن الشجرة.

وعندما وجد النمر منهمكا في أكل الطير انقض عليه بالخنجر من الأعلى ،

فطعنه بسرعة فائقة عدة طعنات مميتة حاول فيها النمر أن يهاجم فريسته ، ولكن لم ينجح ،

فتلك الطعنات بعد لحظات أردعته قتيلا.

شكر الحاكم مهيب أنه أنقذ أهله فالبعض من أطفال عشيرته تأذى وقتل بسببه ،

حتى الأنعام التي يسترزقون بها لم تسلم من جشعه.

هنا إستدارت أجاويد نحو الحاكم لتناديه بوالدها ، تهنئه أن نظرته للشاب كان محقا فيها.

وخطته معها بإطلاق سراحه كانت مجدية.

مع أن الخطة ارتسمت من الأول ليثبت فقط هل الشاب كما كان يظهر عليه حقا ذوا ثقة ،

وكل كلامه كان على صواب وذلك بعدم هروبه من القفص حتى وإن فتح له بطريقة ما.

دهش مهيب من كلام أجاويد ، متفاجئا أنها تكون ابنة حاكم قرية بن فاس.

ولكن الحاكم قاطع اندهاشه بصدر قرار ببراءته مطالبا الفتى الشجاع كما لقبه به ،

أن يطلب أمنية يحققها له قبل أن يعود إلى دياره ،

رغم أنه حنث الحاكم بالعهد القديم بقتل كل من يخطوا خطوة داخل قريته من القرية المنبوذة.

صمت مهيب قليلا ثم رفع رأسه موجها كلامه للحاكم أن ما فعله لا ينتظر منه جائزة ،

ولكن أمنيته إن أراد تحقيقها له هو قبوله بالزواج من إبنته أجاويد.

حينها صعق الجميع ومنهم أجاويد نفسها بجرأة الفتى الذي كان قبل قليل كان سيقتل على يد أهاليها.

ولكنه إسترسل بالكلام ليسكت اللغط الدائر حوله ، أن وراء طلب الزواج أيضا بعيدا عن إعجابه برجاحة عقل أجاويد وشجاعتها ،

بهذه الطريقة الوحيدة سيكون قد ألغي الثأر الذي دام من سنين ما بين القريتين.

إقرأ أيضا: كانت في منزلها وكانت ترتبه

وبهذا سيعم السلام والأمان لكليهما وتحقن دماء أخرى بلا ذنب في المستقبل.

لم يفكر الحاكم كثيرا بطلب مهيب ، لأن في سره لن يجد شابا قويا مثله يصون إبنته الوحيدة بعد عمر طويل.

بل استشار على الفور إبنته أجاويد أمام الجميع إن كانت تقبل به زوجا أم لا.

فلم تكن هي إلا لحظات قليلة حتى عمت الزغاريد وانغمرت القلوب بالفرح والسرور داخل القرية أجمعها ،

وهذا بقبول أجاويد أن يكون زوجها المستقبلي مهيب الذي منح أثناءها صقره شهاب لأجاويد كمهر لها.

وبالفعل عم السلام والأمان لكلا القريتين بعد أن أقنع مهيب أهالي قريته بالصلح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?