Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

البخيل وشيخ الذهب الجزء الأخير

البخيل وشيخ الذهب الجزء الأخير

سار عمير وراء الشيخ حتى وصلا إلى مكان مقفر مليء بالخرائب والأعمدة ، ثم إلتفت حوله وقال أين الكنز لا يوجد هنا إلا البوم؟

طلب منه الشيخ أن يسكت ويساعده في جمع الحطب ،ثم أوقد نارا ، ورمى عليها بخورا من صرة صغيرة كانت في حزامه ،

وبدأ يهمهم ويعزّم.

بعد قليل إنشقّت الأرض وظهرت حفرة فيها مدرج ، فقال له الشيخ : إنزل وسط الحفرة ، وأخبرني عن ما تراه هناك!

لما وصل عمير إلى القاع ، أشعل عودا من الحطب ، ومشى قليلا ثم توقف ، وقد علت وجهه الدّهشة.

لقد كان هناك أكوام من الذّهب والجواهر ، والسّيوف المرصعة بالياقوت ، فاحتار في أمره ،

ولم يصدّق عينيه وأخذ يدور ، ويتفرج على النفائس ،

وكلما هم بالصّعود رجع يجري ، فلقد كان هناك عدد لا يحصى من الأشياء ، وكل ما هناك من المرايا ، والأكواب ،

والصحون هي من الذّهب والفضّة.

ناداه الشّيخ وقال : يجب أن نحمّل الجمال بسرعة ، وإلا إنغلق باب الحفرة ، ولا يمكننا فتحه!

أخبرني بربّك ماذا أفعل ببضاعة التجار ، وفيها الدّقيق والتمر؟

أجاب عمير : ألقها في الصّحراء ، سأزعم لهم أن اللصوص سرقوها.

تعجّب الشّيخ من خسّته ، وقال : يا له من لئيم ، سيحصل على أربعة أكياس من الذّهب والأحجار الكريمة ،

بإمكانه على الأقل ّدفع مقدار منها للتّجار ، فهو لن يفقر طول حياته!

بدأ عمير والشيخ يملآن الأكياس ، ويخرجانها ، ولمّا إمتلأت حمولة جملين ،

قال عمير في نفسه : لقد إتفقنا أن آخذ جملا واحدا ، ومعي الآن جملين ،

من الأفضل أن آخذهما ، وأتركه وشأنه!

إقرأ أيضا: حكاية عامر الجزء الأول

ولمّا همّ بالذّهاب ، تذكّر أنّ ذلك الشّيخ مشعوذ يستحضر الجن وخاف أن يجده وينتقم منه ،

فرجع إلى الحفرة بعد ساعات حمّل الرجلان تسعة وسبعين جملا بالذّهب والفضة والمجوهرات ، ولم يبق إلا واحد.

وضع عمير كيسا على ظهره ، وملأ جيوبه ، ولمّا كان يهمّ بالخروج رأى الشيخ ينحني ، ويأخذ علبة فضّية من أحد الأركان ،

ويرميها في جيبه ، ثم أخذ الكيس الأخير ، وبدأ الرجلان في الصّعود ،

ولما بلغا منتصف المدرج بدأ باب الحفرة بالإنغلاق.

صاح الشّيخ : بسرعة يا عمير ، وإلا بقيت هنا ، أفرغ جيوبك ليخفّ وزنك ، لكنّ عمير أصمّ أذنيه ،

وما كاد يخرج حتى إنغلق الباب.

قال الشيخ :لقد حذّرتك من الطمع ، ولو تأخرت لحظة واحدة لبقيت في الحفرة!

أمسك عمير بزمام جمله ، وهم بالذّهاب ، لكن قال في نفسه : هذه القسمة ليست عادلة!

كيف يأخذ هذا الشّيخ تسعة وسبعين جملا وأنا آخذ واحدا فقط؟

ثم ماذا سيفعل بكل ذلك الذّهب ، وهو شيخ طاعن في السنّ؟

ناده وقال له : لقد تعبت في إخراج الأكياس ، وأستحق جملا آخر!

ردّ الشّيخ : لا بأس ، خذ الجمل ، لكن عمير كان طمّاعا ، وقال تعبي يساوي عشرة جمال.

إبتسم الشيخ ، وقال : لك هذا!

إبتعد الرّجل قليلا ثم رجع ، وقال : العدل أن نقتسم الجمال : نصف لي ، ونصف لك ، ما رأيك؟

أجاب الشيخ : لا مانع عندي ، لكن عمير ، قال الأفضل أن آخذ كلّ الجمال ، وتتفرّغ أنت للصلاة والعبادة ، فماذا بقي من عمرك؟

فكّر الشيخ قليلا، وردّ : كلامك صحيح ، فالمال يأدّي للمعاصي ، ويسألني الله يوم القيامة فيما أنفقته!

خذ يا رجل جمالك ، ودعني أنصرف.

إقرأ أيضا: البخيل وشيخ الذهب الجزء الأول

قال عمير: أريد أيضا العلبة الصّغيرة التي رميتها في جيبك.

وهنا إستغرب الشيخ وصاح سبحان الله! لك من الذّهب ما لا يملكه ملوك العرب والعجم ، وتطمع في علبة صغيرة؟

ماذا يجب أن يعطيك الله لكي تحمد نعمته عليك؟

هيا إرحل قبل أن تندم ، لمّا سمع عمير ذلك قال : لا بدّ أنّ في العلبة شيئا أغلى من كل ما تحمله الجمال من ذهب ،

لذلك لا يريد إعطائها لي!

ثمّ إلتفت إلى الشيخ وقال : والله لن أذهب من هنا قبل أن تمدّ لي العلبة وأعرف ما فيها.

أدخل المشعوذ يده في جيبه ، وقال : حسنا!

هذه هي العلبة ، فإنّ فيها مرهما لو دهنت بها أحد عينيك ، لرأيت كلّ ما في باطن الأرض من كنوز ، ففتحها عمير ،

ودهن عينه اليمنى فلمح الكنز الذي تحت قدميه ، وأخذ يجري في كلّ مكان فرأى جرارا من الذهب ، وسيوفا ،

وصناديق من أمتعة الملوك ، ففرح ، وقال : كل الكنوز ، والخبايا المدفونة في البراري ستصبح ملكي.

رجع إلى الشيخ ، وقال له ماذا سأرى إن دهنت العين الثانية؟

إنزعج الشّيخ ، وأجابه : أنصحك أن لا تفعل فستصاب بالعمى ، فما وراء ذلك من علم الله!

لكن عمير كان من النوع الذي لا يشبع أبدا ، وقال في نفسه : من المؤكد أن هناك شيئا يريد هذا اللعين أن يخفيه عنيّ ،

ولمّا دهن عينه اليسرى لم يعد يرى إلا الظلام ، فبدأ يصرخ ، وقال : للشيخ خذ كل شيء وارجع إلي بصري ، أرجوك!

لكنّ الشّيخ قال له : لقد نصحتك أن تحمد ربّك على القليل الذي يعطيك الله إياه ، لكنّك لم تسمع ، ولم تحمد الله على صحتك ورغيفك.

لقد كنت مستعدّا على التّضحية بكنوز الدنيا مقابل أن تستعيد بصرك!

وما أحلى أن تغمس خبزك في صحفة زيتك ، وتتأمّل غروب الشّمس ، وتحمد الله على كلّ ما أعطاك ، إحمد الله دائما وأبدا.

ثم أخذ علبته ، وساق قافلة الجمال ، ومضى في سبيله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?