البط يشكو والنسور تحلق فوق الجميع
يقول كنت في خط الإنتظار لركوب سيارة من المطار إلى الفندق ،
فكان نصيبي سيارة في غاية النظافة ، يلبس سائقها ملابس غاية في الأناقة.
نزل السائق من السيارة وفتح لي الباب الخلفي للجلوس ، وقال:
اسمي أحمد ، وأنا سائقك هذا الصباح ، ريثما أضع حقائبك في صندوق السيارة تستطيع أن تقرأ مهامي المدونة في هذه البطاقة.
قرأت في البطاقة:
أسعد الله أوقاتك : مهمتي أن أوصلك إلى هدفك: بأسرع طريقة ، وأكثرها أماناً ، وأقلها كلفة ، وبجو ودي مريح.
جلس أحمد خلف عجلة القيادة بهدوء ، وقبل أن يتحرك بالسيارة نظر إليّ في المرآة وقال :
هل ترغب في فنجان قهوة ، لدي ثيرموس لقهوة عادية وآخر لقهوة بدون كافين! فقلت مازحاً : شكراً أنا أفضل المشروبات الباردة.
فقال: مرحباً لدي مياه غازية عادية ، وأخرى بدون سكر ، وعصير برتقال ، فقلت أفضل عصير البرتقال ، فناولني كأس العصير.
ثم قال: بسم الله ، وبدأ المسير ،وبعد دقيقة ، ناولني بطاقة عليها قائمة المحطات الإذاعية وقال تستطيع أن تختار ما تريد أن تسمعه من الأخبار أو الموسيقى ،
أو الدردشة حول ما تراه في الطريق ، أو عما يمكنك أن تزوره في المدينة ، أو أتركك مع أفكاركر، فاخترت الدردشة.
وبعد دقيقتين ، سألني عما إذا كانت درجة التبريد في السيارة مناسبة ، ثم قال إن لدينا حوالي أربعين دقيقة ،
فإن شئت القراءة فلدي جريدة هذا الصباح ومجلتا هذا الأسبوع.
إقرأ أيضا: تاكيو أوساهيرا سبب نهضة اليابان
قلت له يا سيد أحمد : هل تخدم جميع الزبائن بهذه الطريقة دائماً؟!
فقال للأسف بدأت هذه الطريقة قبل سنتين فقط ، وكنت قبلها مثل سائر السائقين لمدة خمس سنوات.
معظم السائقين سياراتهم غير نظيفة ومنظرهم غير أنيق ، ويصرفون كل وقتهم بالشكوى والتشاؤم وندب الحظ.
وجاء التغيير الذي قمت به عندما سمعت عن فكرة أعجبتني إسمها: “قوة الاختيار”.
وتقول: بإمكانك أن تختار أن تكون بطة أو نسراً: البطة تشكو بؤسها ، والنسر يرفرف مبتهجاً، ويحلق عالياً.
فقررت أن أمارس التغيير شيئاً فشيئاً حتى وصلت إلى ما ترى.
أشعر بالسعادة ، وأنا أنشر السعادة على الزبائن ، وتضاعف دخلي في السنة الأولى ، ويبشر دخلي هذا العام بأربعة أضعاف.
والزبائن يتصلون بي لمواعيدهم ، أو يتركون لي رسالة على الهاتف ، وأنا أستجيب.
الدرس والعبرة من هذه القصة:
توقف عن أن تكون بطة تندب حظها وتكثر الشكوى ، وابدأ مسيرك لتكون نسراً سعيداً تحلق فوق الجميع ،
لن تحقق ذلك مرة واحدة، إبدأ في الخطوة الأولى ، ثم واصل المسير ، خطوة خطوة ، ولو خطوة واحدة كل أسبوع.
وسترى ما يحدث لك من تغيير إيجابي.
طابت أوقاتكم بذكر الآية الكريمة:
{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ }
(سورة الرعد)
التغيير يبدأ من عندك.