التاجر الذي ورثه إبنه حيا الجزء الرابع
التاجر الذي ورثه إبنه حيا الجزء الرابع
نادى الرجل ابنه الصّغير ، وأمره بالذهاب إلى الإسطبل ، وجلب لحاف الحصان القديم لجدّه.
دخل الولد إلى الإسطبل ، وحمل اللحاف ، ثمّ أخذ سكّينا وقطعه إلى نصفين ، وسلّم جدّه النصف ، واحتفظ بالثاني.
تعجّب جدّه ، وسأله : لماذا قطعتها؟ أجاب الحفيد : قطعتها ، وانتهى الأمر!
سأل الشيخ : عجبا ، ألم يأمرك أبوك بأن تسلّمها لي كاملة؟
رد الحفيد : لا ، لن أسلّمك سوى نصفها!
هزّ الشيخ رأسه وقال : هذا الولد أكثر شؤما من أبيه! ثمّ ذهب إلى إبنه وقال: وهبتني اللحاف لكنّ الولد قطع نصفه ،
فقال إبن الشيخ عجبا، لماذا فعل هذا اللئيم ذلك؟
ثمّ إقترب من الولد وسأله : ويحك! لماذا قطعت لحاف جدّك؟
وما أنت فاعل بنصفها الثاني ، هيّا أخبرني بسرعة؟
أجابه الولد : سأحتفظ به لك يا أبي.
تعجب إبن التّاجر ، وقال : لي أنا؟ كيف ذلك ؟
قال الولد : نعم ، حين تصبح مثل جدّي سأطردكَ! وأمنحك نصف اللحاف ، لكي تنام ، وفي أنفك رائحة البهائم!
صاح إبن التاجر ماذا؟ تطردني؟ هذا ما تفكّر فيه؟
قال الولد : سأعمل لك ما عملته لجدّي ، هذا هو العدل يا أبي ، أليس كذلك؟
وقف إبن التاجر مندهشا ، وأحس كأن غشاوة زالت عن عينيه ثمّ جثى على ركبتيه باكيا ، وقبّل رِجل أبيه وقال :
لقد أسأت في حقك ، إغفر لي! اللعنة على النّساء ، ومن يأخذ بتدبيرهنّ ثمّ دخل المنزل ، واختار أحسن غرفة ،
وقال هذه الغرفة لأبي ومن لم يعجبه ذلك فليغادر المنزل!
إقرأ أيضا: المشعوذ الجزء الأول
إستحمّ الشيخ بهاء الدين وحلق شعره ، وتعطر ولبس ثيابا جديدة ، فانتعشت روحه ، وقال له إبنه :
سأزوّجك اليوم من أحد جواري بيتي ، وسأفتح لك دكانا أملئه لك بالبضائع ، وستعود سيّدا كما كنت ،
فأنا أعرف قيمتك ، ونسبك ،ولن أترك أحدا يفرّق بيننا مرة أخرى.
في المساء دخلت زوجة الإبن ، فوجدت الشيخ متصدرا مع عروس جميلة من جواريها فأنكرت ذلك ،
وصاحت ماذا يفعل هذا الغريب في بيتي؟ هيّا أخرجوه من هنا.
فلم يتحرك أحد لا العبيد ولا زوجها ، قالت حسنا سأرجع إلى دار أبي ، قال إبن التاجر ، سأرمي بملابسك في الشارع ،
ولن ترجعي إلى هنا! وسأتزوج اليوم من أحد الجواري ، وسيبقى إبني معي ، فهو ليس منكم.
جزعت المرأة لما رأت الولد يجلس في حضن جده ، فغضبت ، واقتربت من الباب لكي تخرج ، لكنها توقّفت ثمّ رجعت ،
وقالت لزوجها : الآن عرفت قيمتكم ، فمن لا يحسن إلى أبيه وأمّه لا خير فيه.