التاجر والمحتال

التاجر والمحتال

لم يكن هناك في المدينة شخص لا يعرف التاجرَ «ميما». التاجرُ «ميما» كان إنسانًا شريفًا ،

دائمًا كان جاهزًا لخدمة الناس وكان يساعد الفقراء في حل مشكلاتهم.

والناس بدورهم كانوا لا ينسون هذا الجميل ، فمنهم من كان ينقل بضاعة التاجر على حماره ،

ومنهم من كان يحمل الماء إلى منزله ، ومنهم من كان يعد الشاي له.

هذا ، عدا اللص «بيانبا» الوضيع الذي كان يكره ميما لأنه كان يشبهه تمامًا سواء بطول قامته أو بمشيته أو بشكله.

كل سكان المدينة كانوا يحبون ويحترمون «ميما» ، بينما كانوا يكرهون المحتال بيانبا ، ولذلك قرر «بيانبا» الانتقام من شبيهه.

ذات مرّة ، نوى «ميما» الذهاب إلى المدينة المجاورة لبيع ما لديه من أقمشة الحرير.

رآه «بيانبا» وعلى الفور ارتدى رداءً يشبه إلى حد كبير الرداء الذي يرتديه «ميما» وذهب في أثره.

وعندما أصبحت بيوت المدينة المجاورة في مرمى البصر ، انطلق «بيانبا» جريًا نحو «ميما» ،

واختطف من على كتفه سلة لفافات أقمشة الحرير.

صرخ «ميما» بكل ما أوتي من قوة : أمسكوه يا ناس أمسكوه.

توقف «بيانبا» الذي لم يكن يفكر بتاتًا في الهرب.

تجمع الناس حولهما وهم في حيرة من أمرهم مما يدَّعي الخصمان.

يقول الأول : هذه سلتي ، كان ينوي أن يأخذها مني! أنا التاجر ميما!

ويقول الثاني : لا تصدقوه ، هو الذي نزع السلة من على كتفي!

وهنا خرج من بين الحشد عجوز وقال : نحن لا نعرف من يكون من!

إنكما متشابهان جدًا فطول قامتيكما واحد وصوتاكما متطابقان ، ويصعب التمييز بين ردائيكما.

فلنذهب إلى القاضي وليقرر هو من منكما صاحب الحق ومن منكما المذنب.

وأخذوهما إلى القاضي.

إقرأ أيضا: يحكى أن نجارا كان يعيش في إحدى القرى البعيدة

بعد أن سمع القاضي العجوز كلا منهما قال : ضعا لفافة واحدة من الحرير على الطاولة ،

وعندما ألّوح بهذا الصولجان يسعى كلاكما في نفس الوقت بجرِّ أقصى ما يمكن من القماش إليه ،

ومن يستحوذ على كمية أكبر فسيكون هو «ميما» الحقيقي.

وبعد أن انتهى القاضي من كلامه لّوح بالصولجان.

ارتمى «بيانبا» على الحرير بجسده ، وأمسكه بشدة ثم جذبه بقوة مما جعل القماش يطقطق.

أما «ميما» فقد وضع يده برفق وحذر على الحرير لأنه كان حريصًا على ألا يتمزق القماش الجميل!

الآن أدركت من منكما ميما الحقيقي.

هذا الحرير لم يكن ملكك أبدًا.

وجه القاضي كلامه إلى «بيانبا» ، إنك لم تحافظ على القماش ومزقته ،

وهذا يعني أنك لست صاحبه ، لست «ميما».

أما أنت أيها التاجر المحترم «ميما» فقد حافظت على بضاعتك ولم تمزقها.

خذ السلة واذهب بسلام ومارس تجارتك في مدينتنا.

ثم نادى القاضي على الحراس وأمر بسجن بيانبا عقابًا له على فعلته.

Exit mobile version