التوسل والتضرع
التوسل والتضرع
المسلم إذا دعا وتضرع إلى الله فهو على خير عظيم ، مأجور ومثاب ، وقد تعجل دعوته وقد تؤجل لحكمة بالغة ،
وقد يصرف عنه من الشر ما هو أعظم من المسألة التي سأل ،
لكن لا يتوسل إلى الله إلا بما شرع ، بأسمائه سبحانه وصفاته ، أو بتوحيده سبحانه ،
كما قال الله سبحانه : وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180]
يعني : اسألوا الله بأسمائه ، كأن يقول الإنسان : اللهم إني أسألك بأنك الرحمن الرحيم ،
بأنك الجواد الكريم ، اغفر لي ، ارحمني ، اهدني سواء السبيل ، ونحو ذلك ؛
لأن الدعاء عبادة وقربة عظيمة ، كما قال الله سبحانه : ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم.
وكما في الحديث : اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد ، أو بأعمالك الصالحة ،
تقول : يا رب! أسألك بإيماني بك ، وإيماني بنبيك محمد عليه الصلاة والسلام ،
اللهم إني أسألك بحبي لك أو بحبي لنبيك محمد عليه الصلاة والسلام ، أو اللهم إني أسألك ببر لوالدي ،
أو عفتي عما حرمت علي يا رب ، أو ما أشبه ذلك ، تسأله بأعمالك الصالحة التي يحبها وشرعها.
وأما التوسل الممنوع فهو الذي لم يأمر الله بابتغائه ، وهو توسل بغير ما شرعه وأراده الله ورسوله ،
مثل التوسل إلى الله – عز وجل – بذوات المخلوقين ، كأن يقول المتوسل : اللهم إني أتوسل إليك بفلان – أي بذاته – ،
أن تقضي حاجتي ، في طلب رزق أو علم أو فك كربة أو غيرها.
وهذا النوع من التوسل لم يكن الصحابة يفعلونه مع رسول الله صل الله عليه وسلم لا في الإستسقاء ،
ولا في غيره لا في حياته ولا بعد مماته ، لا عند قبره ، ولا عند غير قبره ،
ولا يعرف هذا في شيء من الأدعية المعروفة المشهورة بينهم ، وكل ما نقل في هذا إنما هو أحاديث ضعيفة ،
أو عمن ليس قوله حجة. ولهذا ذهب جمهور العلماء إلى أنه غير مشروع.
إقرأ أيضا: خذ أوامر الله بقوة
وأما توسل الصحابة برسول الله صل الله عليه وسلّم فالمقصود به التوسل بدعائه في حياته ، لا بذاته في حياته أو بعد مماته ،
كما يقول ابن_تيمية رحمه الله : (وأما التوسل بالنبي صل الله عليه وسلّم ،
والتوجه به في كلام الصحابة فيريدون به التوسل بدعائه وشفاعته) (29).
وبيّن رحمه الله التوسل الصحيح بالأنبياء ، وأن التوسل بذواتهم لا يجوز ، ولا منفعة للعبد حاصلة منه :
فقال : (التوسل إلى الله بالنبيين هو التوسل بالإيمان بهم ، وبطاعتهم ، كالصلاة والسلام عليهم ،
ومحبتهم ، وموالاتهم ، أو بدعائهم وشفاعتهم.
وأما نفس ذواتهم فليس فيها ما يقتضي حصول مطلوب العبد ، وإن كان لهم عند الله الجاه العظيم ،
والمنزلة العالية بسبب إكرام الله لهم وإحسانه إليهم ، وفضله عليهم) (30).
فالتوسل بالأنبياء لا يكون إلا بأحد سببين :
إما سبب منه إليهم : كالإيمان بهم ، والطاعة لهم.
أو بسبب منهم إليه ، كدعائهم له ، وشفاعتهم فيه.
وقد نهينا عن التوجه إلى ذات من الذوات إلا إلى الله – عز وجل – وأمرنا بالإخلاص لله – سبحانه – في دعائنا ،
وتوجهنا ، واعتقادنا ، وأعمالنا ، وأقوالنا ، كما قال – سبحانه -: { أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر : 3] ،
(تَوسَّلوا بجاهي فإنَّ جاهي عندَ اللهِ عظيمٌ : وبعضُهُم يرويهِ بلفظِ : إذا سألتمُ اللهَ فاسألوهُ بجاهي ؛ فإنَّ جاهيَ عندَ اللهِ عظيمٌ ).
المحدث : الألباني | المصدر : التوسل للألباني
الصفحة : 115.