قصص منوعة

الجزيرة الخضراء الجزء الأول

الجزيرة الخضراء الجزء الأول

بينما كان النقيب مجدي بشارة يتفقد حالة جنوده في الجزيرة الواقعة ما بين بورتوفيق والسويس ،

والتي تبعد عن تلك الأخيرة بمسافة أربعة كيلو متر باتجاه الجنوب ،

وما أن أشارت الساعة للتاسعة صباحا ، حتى رأى طائرات العدو تدور على ارتفاع منخفض حول الجزيرة.

لم تكن تلك المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الأمر ، ففي الثلاثة أيام الماضية تكرر خمس مرات ،

بدأ الشك يدب في قلبه بأنه من المحتمل أن يتعرض موقع الجزيرة لعملية عسكرية في وقت قريب.

تأكدت شكوكه بما لا يدع مجالا للشك ، حينما أخبره أحد الجنود المكلفين بالمراقبة بأن هناك حركة غير طبيعية في مطار (عيون موسى) الواقع بالقرب منهم.

حيث تم رصد أكثر من خمسون طائرة هليكوبتر قامت بالهبوط في غضون ثلاث ساعات بواقع عشر طائرات في المرة الواحدة.

بدأ النقيب يستعد للهجوم المتوقع ، بعدما وردت إليه معلومات مؤكدة من الإستخبارات العسكرية ،

تفيد بقيام القوات المعادية بشن هجوم على الموقع الذي يتولي قيادته ، وفي الغالب سيكون ليلا.

أخذ يدرس الأمر ويضع خطة لصد ذلك الهجوم ، فحسب المعلومات المتوفرة لديه ،

عن عدد الطائرات التي قامت بنقل الجنود بالتأكيد سيتراوح عدد المهاجمين ما بين ستمائة إلى سبعمائة جندي ،

وفي الغالب سيكونوا من الصاعقة البحرية والضفادع البشرية.

يعلم جيدا أن تلك العناصر مدربة تدريب على أفضل ما يكون ، وكل ما لديه من أفراد خمس وستون جنديا ،

بالإضافة لخمس ضباط برتبة ملازم مهمتهم القتالية هي الدفاع الجوي ، لا التصدي لقوات تحاول اقتحام الموقع.

بدأ يشعر بالقلق فتلك معركة غير متكافئة على الإطلاق ، يخشى أن تسقط الجزيرة في أيدى العدو ،

الذي سيقوم كما هو معتاد منه بنشر ما حدث في كافة وسائل الإعلام للتباهي بنصر جديد.

كما أنه لو حدث ذلك ، فالروح المعنوية للجيش المصري سوف تنخفض لأقل مستوى ممكن ،

إقرأ أيضا: الأخوين وقصر الفضة الجزء الأول

فما حدث في سيناء قبل عامين لم تزل أثاره باقية في النفوس ، والجرح مازال يقطر دما.

أقسم بأغلظ الأيمان على أن يبذل قصارى جهده في الدفاع عن الجزيرة ، حتى لو كانت حياته هي الثمن ،

1 3 4 10 1 3 4 10

فذلك ثمن بخس في مقابل أن يحافظ على تراب الوطن ولا يدنس تحت أقدام هؤلاء المعتدين.

قام بعقد اجتماع عاجل بالضباط المتواجدين على الجزيرة والذين لا يتجاوز عددهم خمس ضباط ،

يحملون جميعا رتبه الملازم والملازم أول.

أعلمهم بالأمر ، عرض عليهم خطته التي أعدها للدفاع عن الجزيرة ، وأخبر كل واحدا منهم بالمهمة الموكلة له.

بعدما انتهى القائد ، تحدث الملازم محمد سعيد قائلا :

سوف نلقنهم درس لن ينسوه ، فما حدث في ٦٧ كان مجرد غلطة فنحن لم نحارب من الأساس.

بينما أكمل الملازم (إيميل جرجس) قائلا :
سوف نجعل من الجزيرة قبور لهم.

دب الحماس في قلوب المتواجدين ليتحدث الملازم (إبراهيم الدسوقي) قائلا :

أود أن أذكركم وأذكر نفسى بقوله تعالى :

“الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل”.

وأردف قائلا : والله لو أتوا بعدد يفوق ما جاءوا به عشر أضعاف ما زادنا ذلك غير قوة وصلابة.

ارتسمت ابتسامة ثقة على وجه النقيب (مجدي) بعدما رأى الروح المعنوية المرتفعة التي يتمتع بها رجاله ،

فقد كان يخشى أن تهبط عزيمتهم عند علمهم بما هم مقدمين عليه ،

فالمعركة بكل حسابات العقل والمنطق محسومة للجانب الآخر ، ولكنه تأكد من أن عقيدتهم صلبة قوية لن تفل مهما حدث.

في تمام الرابعة عصرا وصلت الإمدادات التي كان قد طلبها من قيادة الجيش ،

بالإضافة لثلاثين مجند جاءوا كتدعيم لقوة الجزيرة ليصبح بذلك عدد المتواجدين قرابة المئة جندي.

عند الثانية عشر إلا خمس ليلا ، تلقى النقيب (مجدي) إشارة من الملازم (محمد سعيد) يخبره فيها بأنه يشعر بحركة غير طبيعية في الجهة الشرقية المكلف بمراقبتها هو ومجموعته ،

فكان رده أن يشتبك على الفور في حالة ظهور أي فرد من العدو.

إقرأ أيضا: الجزيرة الخضراء الجزء الثاني

في تمام الثانية عشر رأى أحد الجنود فردين من الضفادع البشرية يحاولون تسلق الجزيرة مستترين بالظلام الذي يحيط بالمكان ،

حيث كانت تلك الليلة حالكة السواد والقمر في المحاق ، فما كان منه إلا أن صاح بصوت مرتفع : حرس سلاح.

قالها وهو يفتح النيران على المتسللين الذين لقوا حتفهم على الفور وسقطوا في المياه.

أسرع إليه عددا كبير من الجنود لصد الهجوم ، ما أن شعر العدو بأن خطته قد تم كشفها ،

حتى قام بفتح نيرانه الكثيفة باتجاه الجزيرة.

قاموا بعمل إنزال للجنود في عشرين قارب مطاطي لضمان سهولة الحركة والإقتراب من الجزيرة بسرعة ،

كما قامت مجموعات كبيرة من الضفادع البشرية بالتسلل والإلتفاف حول الموقع ليتمكنوا من الصعود لسطح الجزيرة.

اشتد القتال وقفت كل مجموعة من المجموعات التي تم توزيعهم على الإتجاهات الأربع تقاتل ببسالة منقطعة النظير ،

بينما كان النقيب (مجدي) قائد الموقع واقفا في منتصف الجزيرة يصدر الأوامر لرجاله ويتلقى البلاغات الصادرة منهم.

يتبع ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?