الجزيرة الخضراء الجزء الثاني
بعد مرور نصف ساعه اشتد القتال بين الطرفين ، وبنظرة خبيرة لأعداد المهاجمين أيقن القائد بأنهم قرابة ثمان مئة مقاتل أو أكثر.
أخذ الضرب يشتد عليهم ، نظر لجندي الإشارة المتواجد بجانبه وخاطبه قائلا : قم بالإتصال بقائد الجيش بسرعة.
ما أن قالها حتى أصابت عدة طلقات صدر الجندي الذي سقط أرضا بينما يده ما تزال قابضة على جهاز الإتصال.
انحنى النقيب (مجدي) أرضا يحتمي بأحد الضخور القريبة منه ، وهو يقوم بسحب جهاز الإتصال لجواره حتى لا يصاب بأذى.
لم تمر ثواني حتى كان يتحدث لقائد الجيش طالبا منه إرسال الإمدادات ،
لأنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه ، في غضون ساعة سوف تسقط الجزيرة في يد العدو.
بالفعل أرسل قائد الجيش قوة مكونة من خمس وأربعون فرد صاعقة لنجدة إخوانهم بالجزيرة ،
لم يكد اللنش الذي يستقلونه يتحرك مسافة كيلو متر مبتعدا عن ميناء الأدبية ،
حتى وقع في كمين كانت قد أعدته قوات العدو فاستشهد جميع أفراده.
بعد مرور عشر دقائق عاود النقيب (مجدي) الإتصال بقائد الجيش مستفسرا عن الإمدادات التي قام بطلبها ، فأخبره القائد بما حدث.
كرر النقيب طلبه مجددا بإرسال إمدادات جديدة ، لكن طلبه قوبل بالرفض.
وجاءه رد قائد الجيش قائلا : أي قوة سوف نقوم بإرسالها سيكون مصيرها الموت ، عليكم الصمود لأخر جندي وأخر طلقة رصاص.
أغلق النقيب (مجدي) الخط بعدما أصبح في موقف لا يحسد عليه ، قام بالإتصال بالملازم (محمد سعيد) ليتبين طبيعة الموقف لديه.
جاءه الرد من أحد الجنود ليخبره بأن الملازم قد أستشهد بالإضافة لعدد كبير من الجنود ،
ولم يتبقى سواه وثلاثة أفراد أخرين في مواجهة ما يقرب من مئتان من جنود العدو الذين أخذوا يقتربوا بشدة من الجزيرة.
إقرأ أيضا: ترك لي زوجي إرثا غريبا
أغلق الخط ليقوم بالإتصال بالملازم (إيميل) ليطلب منه إرسال بعض الرجال لمعاونة من تبقى من مجموعة (محمد سعيد) ،
ليأتيه الرد من أحد الجنود ليخبره بأمر استشهاد الملازم (إيميل).
ما أن أغلق الخط ، حتى رأى أحد الجنود يهرع إليه مسرعا ويده تنزف بشدة ، ما أن اقترب منه حتى خاطبه قائلا :
سيدي لقد استشهد الملازم إبراهيم الدسوقي ولم يعد متبقي من المجموعة سواي وسبع جنود أخرين.
شعر النقيب بأن سقوط الجزيرة أصبح مسألة وقت لا أكثر ، بعدما استشهد ثلاثة من ضباطه وأصيب الإثنان الأخرين ،
ولم يعد هناك سوى أربع وعشرون جنديا لا غير.
كما أن الذخيرة قاربت على النفاذ ، ولم يعد هناك سوى مدفعين مضادين للطائرات فقط بحالة جيدة بعدما تم تدمير الباقي.
كانت الساعة تقترب من الخامسة صباحا وحسب تقديره للموقف مع أول ضوء سوف يتمكن العدو من الصعود للجزيرة والسيطرة عليها ،
وإما أن يقوموا بقتله وباقي رجاله ، أو أن يقوموا بأسرهم ، وهذا أمر لم يكن ليقبل به مطلقا.
عاود الإتصال بقائد الجيش مجددا طالبا منه إمدادات بعدما قام بإطلاعه على الأمر ،
للمرة الثانية يقابل طلبه بالرفض حيث أعاد القائد ما أخبره به من قبل قائلا :
أي إمدادات تطلبها سوف يتم تدميرها قبل أن تصل إليك ، لا يمكنني التضحية بالمزيد من الرجال.
لكن الجزيرة على وشك السقوط في أيديهم.
قاتل حتى أخر رجل وآخر طلقة.
يتبع ..