Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الحب في الحياة

الحب وحده لا يكفي

الحب وحده لا يكفي

لم يكن يرغب بالزواج لمجرد أنه وصل إلى السن المناسب ، بل كان يريد أن يخفق قلبه تلك الخفقة التي تعلن وقوعه بالحب ،

غير أنه كان رافضا لفكرة الإرتباط عن طريق التعارف خارج الخطوبة العائلية ،

مما جعل أمه ومنذ أن وصل لسن الثالثة والعشرين ، تطرق بابا تلو الآخر ، وترى فتيات جميلات وخلوقات من عائلات معروفة.

مطابقات للمواصفات التي يريدها ، وبعد أن يتم الإتفاق على كل شيء ، ويصل الوقت لرؤيته لها ،

تلغى الخطوبة مع إعتذارات الأم الشديدة وخجلها وهي تقول :

إبنتكم لم تعجب إبني.

وكان ذلك بعد أن يقول لها : لم تعجبني ، لم أحبها ، لم يخفق قلبي لها.

مضت عشر سنوات ، سَئِمَت الأم بها من الزيارات المتكررة لمنازل شتى الطبقات الإجتماعية ،

وقبل أن تقطع الأمل من زواجه ، أتى وقال لها :

أمي لقد وجدتها ، وجدت من سرقت قلبي ، وأريد خطبتها.

إنهالت دموعها من الفرح ، وكأن إبنها قد عاد إلى الحياة بعد أن أوشك على الموت.

أخبر أمه بأنه قد توظَّفَت إمرأة لعمل الشاي والقهوة حديثا بالشركة التي يعمل بها ، وعندما أتت فتاة لزيارتها ،

تحديدا بالوقت الذي نزل به لطلب فنجان قهوة ، فوجِئَ بتلك الفتاة التي ومن النظرة الأولى سرقت قلبه ،

لم يعلم حينها ماذا يفعل أو يقول ، خشي أن يسأل الفتاة إن كانت مرتبطة ، فتفهم سؤاله بأنه يعاكسها ، وتأخذ فكرة سيئة عنه.

فلم يجد سوى أن يطلب من زميلة له سؤال المرأة العاملة ، فإذا بها إبنتها الكبيرة ذات الواحد والعشرون عاما ،

فطلب عنوان منزلها كي تأتي أمه لرؤيتها بعد أن قالت أمها بأنها عزباء وأنها بالأصل تستقبل “خطّابينَ” لرؤيتها ،

لكنها ترفض الزواج كي تساعد أمها في الصرف على إخوتها الصغار الثلاثة بعد وفاة والدهم.

إقرأ أيضا: كانت جالسة كعادتها حتى أتاها وقال لها تفضلي القهوة آنستي

على الرغم من قرارها المسبق بالرفض لكنها سايرت أمها ، وخرجت لرؤية أم العريس ، وتم الإتفاق على كل شيء بما يرضي الله ،

وعندما أتى مع أمه لرؤيتها ، خرجت أمامه وبقلبها نية مسبقة بالرفض كما إعتادت أن تقول :

لم يعجبني شكله ، لم أحبه ، لم أرتح له حتى.

لكنه أصاب قلبها كما أصابت قلبه من أول نظرة ، ورأت به من الرجولة والأمان ما لم تَرَه بكل الرجال السابقين ،

مما جعلها توافق وبدون أدنى تفكير.

ولأن أموره كانت بأتم الجهوزية ، والسكن عند أهله أصلا ، تمت الخطوبة وتبعها الزفاف بشهر واحد ،

ولم يزرهم إلا ثلاثة مرات محضرا هدايا لها عدا الفاكهة والحلويات واللحوم ،

ولم يتكلما بأحاديث سوى معرفة الأشياء التي يحبها كلاهما.

عاشا أول ثلاثة أشهر براحة نفسية وحب ورومانسية لا مثيل لها وكأنهما عشاق منذ سنين ،

لم تطلب شيئا منه سوى زيارة أمها وإخوتها كل أسبوع ، إلى أن مرضت أمها بالبرد والسعال والحمّى ،

وانهارت قواها ولم تستطع الذهاب إلى العمل أيام ، مما جعلها تتذكر فجأة بعد أن كادت تنسى ، فقالت لزوجها :

أريد العودة إلى العمل.

اتَّسَعَت حدقتا عينيه من الدهشة :
عمل!، عمل ماذا ، ولماذا ، لم نتَّفق من قبل على عملك.

لم تسنَحْ الفرصة بأن أخبركَ أني أصلاً كنتُ قد أخذت الإذن من العمل ثلاثة أشهر وحان وقت العودة.

يا سلام ! ما هو عملك؟
بائعة بمحل ملابس نسائية.

فقال بنبرة سخرية ممزوجة بعصبية :
الله الله ، تريدين العمل لتأخذي” الملاليم” من النقود ،

فالذي تجنيه حتماً يكفيكِ هكذا بالكاد لتشتري الشيء القليل.

إقرأ أيضا: الهروب من الموت

حتى لو ترى أنَّ ما أجنيه لا يكفي ، لكني أريد أن أساعد أمي.

لا أقبل وانتهى الأمر ، هذه مهنة تتطلب منك الإحتكاك بالناس ومن المؤكد أنه يرتاد المحل رجالا يشتروا هدايا لزوجاتهم وحبيباتهم ،

وهذا يتطلب منك الحديث مع الرجال ، وهذا ما يغضبني وأرفضه بشدة.

إطمئن ، لا يدخل محلنا سوى النساء.

حتى لو ، النساء أحياناً أسوأ من الرجال.

سمعت حماتها كلامهما ، فقطعت الحوار : تريدين العمل خارج المنزل ، وبنهاية المطاف تعطي النقود لأمك ،

الأجدر إن عملتي أن تساعدي زوجك بالمصروف ، أو أن تعطي النقود لي كي أزيد مصروف البيت.

احتدَّ قائلاً : غير مسموح لها بالعمل ولا أريد مساعدة ، وانتهى الأمر.

عادت إلى غرفتها ودموعها تملأ عينيها ، وهي ترجو أن يغيّر رأيه.

في صباح اليوم التالي إتصل بها صاحب المحل وسألها عن الموعد المحدد لقدومها كون الثلاثة أشهر قد مضت ،

فأجابته بأنها تحتاج فقط أسبوعاً واحداً لتخبره إن كانت ستأتي أم تترك العمل.

كانت ترجو أن تستطيع إقناع زوجها بهذا الأسبوع لعله يسمح لها بالعودة إلى العمل ،

فاستغلّت عودته مساءاً وسعادته بترقيته في عمله ، فقالت له :

حبيبي ، هل تثق بي ؟
طبعاً أثق بك ، ما هذا السؤال ؟!

لأنك تخشى علي الإحتكاك بالناس وعدم الحوار حتى مع النساء.

حبيبتي ، أنتِ صغيرة بأول العشرينات وجميلة ، لا تعي خبث العالم الخارجي ،

أنا أخشى عليكِ الوقوع بمكر الناس ، وإستغلالهم طيبة قلبك لنوايا خبيثة.

إقرأ أيضا: ظلمت زوجي فتوفي بسبب القهر ولكن الله انتقم مني

أنا أعمل منذ أن كنت بعمر الخامسة عشر ، أي حتى عندما كان أبي على قيد الحياة ، كون صحته الجسدية كانت سيئة ،

وازدادت ساعات عملي عند وفاته أي عندما كنت بعمر الثامنة عشر ، فالبتالي أنا لست جديدة على العمل ،

وبكل تلك السنوات لم يضايقني أحد البتة.

وأبي على الرغم من صغر سني فقد كان مطمئنا عليَّ كون صاحب المحل إبن عم أبيه ، وهو كبير بالسن ويعتبرني كابنته ،

وبالنسبة لكلام أمك عن النقود ، سأعطيها نصف المرتب والنصف الآخر لأمي ، فابن عم أبي كريم جدا.

احتدَّ فجأة قائلا : لا تعنيني النقود إطلاقا ولا تهتمي لكلام أمي ، وحتى لو كان صاحب المحل أبيكِ وكنتِ تعملين بعمر العشر سنوات ،

أنا رجل لا أرضى بعمل زوجتي ، أغلقي الموضوع واتصلي بقريب أبيك وأخبريه أنكِ لن تأتي البتة.

بلحظة إنهالت دموعها ، فشعر بالذنب بسبب نبرة صوته الحادة ، فقام باحتضانها ومسح دموعها ثم قال :

حبيبتي أنا رجل أغار على زوجتي من أقرب الناس إليها حتى أمها وإخوتها ، وغداً عندما يصبح لنا ولداً أو بنت سأغار عليكِ منه ،

فلا تحدثيني عن ذلك العمل مرة أخرى ، أنتِ جوهرة ثمينة ، مكانك بمنزل زوجك كالملكات اللواتي لا يعملن ، عملكِ داخل بيتكِ فقط.

كيف سأستطيع أن أترك العمل بعد تلك المدة ؟! لقد تعودت على عملي وأحبه جداً ،

لا أستطيع أن أحبس نفسي بالبيت دون عمل ، فأنا أجد نفسي وسعادتي وراحتي بعملي.

تنهد ثم قال : لو كان عندكِ شهادة جامعية ، كنتُ سمحتُ لك بالعمل بها ،

لكن بشرط أن يكون عملكِ معلمة بمدرسة أو حضانة ، أي أن يكون جلُّ احتكاككِ بالأطفال ،

لكن بشرط لو كان معك شهادة ، لكن مع الأسف لا تملكين حتى الشهادة الإعدادية.

إقرأ أيضا: لم يمت كما أخبرونا

وبسبب آخر جملة لمعت برأسها فكرة.

في صباح اليوم التالي أخبَرَت صاحب المحل أنها لن تعود إلى العمل بقرار من زوجها ،

وقرَّرَت أن تعطي زوجها أسبوعا كاملاً قبل أن تفاتحه بالموضوع الذي يدور برأسها ، كي لا يتضايق منها وتنشب مشاكل بينهما ،

لكنها لم تستطع أن لا تشعر بالحزن ، كونها خسرت العمل الذي طالما أحبَّته.

إنهالَ عليها بهذا الأسبوع من كلمات الحب والغزل كالأمطار ، كان يتغزّل بكل حركة تقوم بها حتى إن قالت له :

هل أنت جائع ؟

كان يقول بابتسامة عريضة : إلحقيني يا أمي ، قلبي كاد أن يتوقف لجمال الحروف التي تخرج بصوتها ،

حتماً لا توجد إمرأة على وجه الأرض تعرف أن تقول هل أنت جائع بنفس نبرة صوتها.

كانت تذوب خجلاً من كلماته الجميلة ، وبكل مرة يغازلها كانت تشعر أن قلبها يحلّق بين ضلوعها ،

لدرجة أنها نسيت أنه لم يأبه لشعورها ورغبتها بالإستمرار بالعمل.

في اليوم الثامن ، حضرت له مائدة طعام رومانسية ، وبعد أن تناول الطعام قالت له :

حبيبي ، ألم ترغب يوماً بأن تكون زوجتك تحمل شهادة جامعية مثلك ؟

بالطبع لا ، لو كنت أبحث عن فتاة جامعية كنت تزوجتها منذ زمن ، لكني كنت أبحث عن الحب ولم أجده إلا بكِ.

احمرّت وجنتاها من الخجل : وأنا أيضا.

صمتت لبرهة ثم قالت : حبيبي ، أريد أن أدرس وآخذ الشهادة الإعدادية ثم الثانوية وأدخل الجامعة.

إتَّسعت عيناه من الدهشة : لِمَ كل هذا ؟!
بما أنك لا ترغب أن تعمل زوجتك بمحل ألبسة ،

وقد قلت لي لو أني كنت أملك شهادة جامعية لوافقتَ على عملي بحضانة أو مدرسة ، فأنا سآخذها لأجل ذلك.

إقرأ أيضا: خطيبي ليس مناسب

قال والضيق بانَ على ملامحه : أنا أقصد لو كنت تزوجتك والشهادة معك ،

لا أن تأخذيها وأنتِ زوجتي ، لكن لا حاجة لكِ للدارسة ولا للشهادة.

أريد أن تساعدني لكي أحقق ذاتي ، إما بالعمل أو الدراسة.

ستحتاجين دراسة سنتين لتدخلي الجامعة يعقبها أربعة سنين ، أي ما يعادل ست سنين وأنا أريد ولد في السنة القادمة لا أكثر.

سأنجب ولداً لا تقلق ، وسأوفّق بينه وبين الدراسة ، ثم لا تنسى أن أمك وأختك معنا ستساعدانني.

أمي لم يعد لديها بال للأولاد وأختي لا تؤتمن على قطة ،

وصدقيني لو أنّ زواجنا كان قبل الغلاء كنت أعطيت أمك نقودا بشكل شهري ، لكن ما يفيض من راتبي لا شيء يذكر.

دعك من أمي ، أنا أريد تحقيق ذاتي ، إما بالعودة إلى العمل أو الدراسة.

لا هذه ولا تلك ، ثم الآن قد عرفت سبب هذا الجو الرومانسي ، إنه لغاية في نفسك.

إنتفَضَت من مكانها وخرجت إلى الصالة وقلبها يؤلمها من الحزن ، فقد كان ذلك الموقف كفيلاً بأن ينتزعه من فؤادها رويداً رويداً.

مَضَت بضعة أيام لم تستطع أن تنسى بها كيف أنه لم يُكَلّف نفسه حتى عناء الطلب منها أن تعود وتجلس معه لتكمل طعامها ،

مما جعلها وبشكل شبه يومي تقول له : لا أستوعب رفضكَ القاطع لأي شيء يريحني ، لا عمل ولا دراسة ،

ثم إنَّني كما قلتُ لك لو أنّ ظروفنا كانت تسمح لي كنت أكملت تعليمي ،

لكن وضع أبي جعلني أعمل وأخفف عنه مصروفي ومصروف إخوتي.

فيردُّ بضيق كل مرة : ألن تكفي عن هذه الأسطوانة ، أم تحسبين بإعادتكِ للكلام أنكِ ستستطيعين إقناعي؟ ، ما برأسي سيبقى برأسي.

إقرأ أيضا: المتنمر ، التنمر

برغم ذلك حاولت تارة أن تقنعه بطريقة رومانسية ، وتارة بالغضب والإنفعال ،

إلى أن طفح الكيل بها ذات مرة وقامت بالصراخ بوجهه ، فقام بصفعها ذات مرة كي تصمت وتكف عن الكلام بنفس الموضوع ،

مما جعلها تأخذ ملابسها وتترك له رسالة كتبت بها :

خطأي الوحيد أني عندما قبلت بك ، تَبِعْتُ قلبي ولم أُحَكِّم عقلي وأطلب مدة خطوبة أطول ،

وأحاورك بأني لن أترك العمل طالما حييت ، لكنك رجل أناني لا تعرف من الحب سوى إسمه ،

تريدني أن أحيا معك كأني شيء تملكه مثل هاتفك وبيتك ، وهذا الوضع لا يلائمني ، وأمامك ثلاث خيارات

إما عودتي إلى العمل ، أو دراستي ، أو طلاقي.

إعتقد أنها لحظة غضب نتيجة صفعه لها ، لكن مضت أيام أعقبها أسابيع لم يسأل عنها ،

إعتقاداً منه أنها كما خرجت بدون علمه وبإرادتها ، ستعود إلى المنزل بإرادتها ،

وأنه رجل لن تستطيع أي إمرأة أن تركعه حتى لو كان يحبها.

وذات يوم إتصلت أم زوجته به وطلبت منه القدوم لزيارتهم ، فحلّق قلبه فرحاً بأنَّ زوجته قد لانت بآخر المطاف ،

وتريده أن يأتي شخصياً لأخذها كي تحافظ على هيبتها أمام عائلته ، لكن الصاعقة كانت بأنَّ كلام أم زوجته كان :

بعد أن أهملْتَ زوجتكَ أسابيع ، عادت إلى العمل ، وهي تنتظر منك ورقةَ الطلاق.

طلاق أي طلاق ونحن لم نكمل سنة على زواجنا.

يشهد الله عليَّ أني حاولتُ إقناعها يا بني ، لكنها مُصِرَّة على العمل كي لا تصبح مثلي يوماً ما ،

فأبيها كان رافضاً لفكرة عملي بنفس محل الألبسة عندما كنت شابة ، فكان يقول مثلك ،

بأنه لا يسمح لزوجته بالعمل ، إلى أن مَرِضَ مرضاً شديداً جعله غير قادر على العمل ، فقرر أن يسمح لابنته بالعمل في محل الألبسة ،

إقرأ أيضا: ذهبت سيدة ضخمة وطويلة وعريضة المنكبين

كي تكتسب خبرة في معاملة الزبائن كونها لا تزال صغيرة ، ولأني كنت قد كبرت بالسن ولا أجيد عمل شيء.

أصبحتُ أعمل طاهية ليلاً ونهاراً في بيوت الأغنياء ، مما جعلني أهمل أطفالي وبيتي.

لكن عند وفاة زوجي ، ساق الله لي أحداً من أقارب الأغنياء الذين أعمل عندهم ، وقام بتأمين عمل لي في شركتكم ،

كي أستطيع رعاية أطفالي بقية اليوم ، وزوجتك تخشى أن تصبح نهايتها سيئة إن لم تكن خبيرة بعمل ما ، وهذا العمل هو ما أحبَّته.

خرج من منزلهم مصدوماً حتى بدون أن يستأذنها بالذهاب ، وباتت فكرة الطلاق تراوده بالفعل ،

لأنها خالفَت كلامه وعادت إلى العمل ، كونه لم يتفَهَّما ولم يقتنع بكلام أمها.

مضَتْ أيام عليه وهو يتخيل كيف ستصبح أيامه بدونها ، وكيف سيستيقظ صباحاً بدون أن يجدها جانبه ،

وكيف أنه لن يكون وجهها آخر وجه يراه قبل نومه ، وكيف أنها لن تكون أماً لأولاده ، إلى أن قال بعد تفكير طويل :

لقد أحببتها من أعماق قلبي ، لكن من الواضح أنها لم تحبني يوماً ، كونها طلبت الطلاق ولم ترضى بأن تكون ربة منزل ،

على الرغم من أني لم ولن أنقص عليها شيء.

لكنها من النساء اللواتي يحببن أن يعملن كي يتمردن على أزواجهن ويعاندونهم بكل كلمة وفعل ، وهذا الذي لا يناسبني.

مما جعله يوافق على الطلاق ، وأثناء إنهاء أوراق الطلاق كان ينظر لعينيها متظاهراً باللامبالاة ،

وقلبه يبكي على فراقها ، لكن كبريائه كان يمنعه من الموافقة على طلبها ، أو رجائها أن تعود إليه.

لم تمضِ بضعة أسابيع ، حتى قرر أن يتزوج إمرأة تنسيه حب حياته ، وأقسم لأمه أنه سيوافق على أول فتاة تعجبها ،

إقرأ أيضا: حبة خردل

وبعد بضعة أيام ذهبت لرؤية فتاة ، فقصَّت لعائلتها سبب طلاق إبنها لزوجته قبل مرور عام على زواجه ،

وأخبرتهم أنَّ شرط إبنها الوحيد ، أن تكون زوجته ربة منزل لا تعمل ولا تفكر بالعمل أو الدراسة ،

فوافقت عائلتها والفتاة ، كونَ حلمها الوحيد كان أن تصبح أما وربة منزل.

كانت ملامحه بليلة زفافه ، كأنه يُساقُ إلى الإعد*ام ، وبكل لحظة كان يتذكر زفافه على زوجته الأولى ،

وكيف أنه كان يحلق في الأجواء من الفرح ، والإبتسامة لم تفارق وجهه لحظة.

عاش أشهراً إبتسم فيها مرَّاتاً معدودة ، إلى أن أتت زوجته إليه وهي تطير فرحا ثم قالت :
أنا حامل.

إبتسم لها بشق الأنفس ، ثم تنهَّد حزناً وقال بقرارة نفسه :

لو أنها كانت حبيبتي التي قالت ذلك كم سأكون سعيداً حينها.

مضت عشر سنوات كرس بها حياته ، لتأمين مستقبل مشرق لابنه ، واعتقد أنه قد نسيَ طليقته ،

إلى أن جاء ذلك اليوم الذي أتت به إلى الشركة التي يعمل بها بصفتها موظفة جديدة ،

شعر حينها بالندم يعتصر قلبه ، عندما تلاقت عيونهم وابتسمت له من بعيد ، فقال في قرارة نفسه :

يا ليت الزمن يعود يوماً ، يا ليتني وافقت ، يا ليتني رجوتها أن تعود إلي.

أيقن حينها أنه لم ينساها قط ، فعاد إلى المنزل في ذلك اليوم وأغلق على نفسه الباب ،

وبكى من أعماق قلبه وهو يتحسر بألم على خسارتها.

سألتها زميلتها إن كانت مخطوبة أو متزوجة ، فأجابتها أنها طلبت الطلاق ،

كون زوجها لم يسمح لها بالعمل أو الدراسة مما جعلها تضاعف مجهودها في العمل وتحرم نفسها من كل شيء ،

كي تستطيع أن توفر مصاريف دراستها ، فأخذت الشهادة الإعدادية أعقبتها الثانوية ،

وتخرجت من الجامعة وقامت بعمل ماجستير بإدارة الأعمال ،

وأنها تحمد الله على تجربة الزواج الفاشلة التي فتحت عيونها على الدراسة حيث أنها لم تكن ببالها يوماً ،

إقرأ أيضا: تشابه الأرواح في علم النفس

غير أنها لم تشعر بالحقد على طليقها ، ولم تتحسر على أيامه أو تندم على الزواج به.

فذاع صيتها بالشركة أنها المرأة التي يجب أن يُقتدى بنجاحها وإصرارها لتحقيق ذاتها ،

مما جعل زميلها بالعمل يعجب بها ويتقدم لخطبتها ، وبعد أن أبدى سعادته العارمة بأن تبقى زميلته في العمل وشريكة حياته إلى الأبد ، وافقَتْ على الزواج به.

لم يحتمل طليقها أن يراها بشكل يومي مع زوجها ،

مما جعله يتقدَّم بطلب إستقالة من عمله الذي قضى به عشرون عاماً ،

وانتقل للعمل بشركة أخرى ، وأمضى بقية حياته يحاول إنتزاعها من فؤاده.

أما هي فعاشت مع زوجها بتفاهم وإنسجام لا مثيل له ، أعقبه الإعتراف المتبادل بينهما بالحب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?