الحلم
الحلم
عندما كنت طفلة صغيرة أقيمت رحلة إلى الغابة تضم جميع أطفال المدرسة.
وبينما أنا ألعب مع صديقاتي سمعت صوتا بعيدا وكأنه يناديني ،
فتتبعت صداه الذي ينقل ما بين نسمات الرياح التي تداعب خصلات شعري كنت أسير في وسط الغابة دون خوف ،
ولا أعلم من أين رزقت بتلك الشجاعة ، في تلك اللحظة؟!
كنت مبسوطة جدا وأنا أكتشف الخضرة والنباتات الكثيفة التي تحيط بي في كل مكان من حولي ،
والذي جعلني أكمل مسيري هي تلك الزقزقات التي تناشد بأجمل الألحان من العصافير والتي كانت مصاحبة لي من بداية الطريق.
لم تعد الرياح تداعب خصلات شعري ، وسكت ذاك الصوت الخفيف نهائيا.
ففي تلك الإثناء كدت أصطدم بشيء أسود ضخم ظهر امامي فجأة ،
وما إن رجعت للخلف رفعت رأسي للاعلى لأرى ما هو ذاك الذي إصطدمت به حتى وجدت حصانا حالك السواد ،
يحمل فوقه شبحا أو بالأحرى شبه إنسان ، هنا فقط ذعرت.
وامتلكني الذعر وابتلعت لساني من شدة الخوف ، ومما زادني ذهولا هو ذاك الحصان.
فالحصان نفسه من سألني ما الذي أفعله في الغابة بمفردي؟
فأجبته بحسن نية كطفلة بريئة وأنا أتلعثم في الكلام أقول له لا شيء.
أنا فقط ذاهبة للذي يناديني منذ أن وصلت لهذا المكان.
فتعجب الحصان وصاحبه ، ولكن هذه المرة كان الكلام بادرا من الذي يمتطي الحصان.
ولا أستطيع كيف أصف لكم ضخامة وعلو صوته ، فارتعبت أكثر وأخبرته أنني اسفة سأعود لأمي.
إقرأ أيضا: القانون لا يحمي المغفلين
ولن أعيد الكرة ثانية أمشي بمفردي في الغابة ، ولكنه صرخ في وجهي أكثر وقال لي ،
ولكن فات الأوان على ندمك فلكل من رآنا نحن الإثنان يجب أن يموت فورا وأنت إكتشفتي وجودنا هنا ،
فعليك أن تقتلي وتدفني هنا تحت التراب حتى لا يظهر من جسدك شيئا.
فأخبرته أن والدتي تحبني فهي تنتظرني مع دميتي التي ستشتاق إلي كثيرا إن فقدتني.
لا أدري لما ضحكا علي هما الإثنان ، ولكن الحصان همس لي بعدها في أذني وقال لي :
سأنقذك من الوحش الذي فوق ظهري ،
وما عليك فقط أن تأخذي شعرة من ذيلي.
وستجدين نفسك في نفس المكان الذي أتيت منه.
وبالفعل أخذت شعرة من ذيل الحصان وأنا أنظر إلى عيون الوحش الذي تكاد تلتهمني من شدة توهج شرارة شرهما.
وما إن نزعتها حتى وجدت نفسي في نفس المكان في الغابة مع نفس نسمات الرياح التي تداعب خصلات شعري ،
ترميها هنا وهناك على وجهي حتى ذاك الصوت لم يختفي فاغمضت عيوني وأغلقت أذناي بكلتا يداي ،
حتى وجدت أمي تمسكهما بحنية وتنادي بإسمي وهي تقبلني على جبيني وأنا على السرير.
فتعجبت عندما فتحت عيوني مرة أخرى وأنا أسال نفسي ما الذي أتى بي من الغابة إلى سريري؟!