قصص منوعة

الزمن دوار

الزمن دوار

روى “اليافعيُّ” في كتابه “مرآة الجنان”، أن الوزير ابن الزَّيات كانَ ظَلوماً قاسياً ،

وأنه جعلَ للمساجين من خُصُومِهِ صندوقاً ضيقاً ، في جوانبِهِ مسامير ، يضعهم فيه حشراً ،

فإذا أرادَ المسجونُ أن يتحركَ جرحته المسامير في أنحاءِ جسده ، ولم يكُنْ قد سبقه إلى هذا الصنف من العذابِ أحد من الناس.

وكانَ إذا قالَ له أحدُ المساجين : أيُّها الوزير ، إرحمني.

يقولُ له : الرحمةُ خَوَرٌ في الطَّبع.

ثم دارتْ الأيام ، وغضبَ الخليفةُ المُتَوَكِّلُ على إبنِ الزيات ، وأمرَ به أن يُحبسَ في الصندوقِ الذي كانَ يحبسُ به الناس.

فقالَ للخليفة : يا أمير المؤمنين ، إرحمني
*فقالَ له المُتَوَكِّل : الرحمةُ خَوَرٌ في الطَّبع.

ولبثَ ابن الزيات أربعين يوماً في الصندوق ، ثم مات.

إنَّ من سُننِ اللهِ في الدُنيا أنه جَعَلَها دوَّارة ، وكل إنسان سيشربُ من الكأسِ التي سقى منها غيره ،

الإساءة إساءة ، والإحسان إحسانا ، من كَسَرَ كُسِرَ ، ومن جَبَرَ جُبِرَ!

ومن قسا قُسِّيَ عليه ، ومن لانَ ألانَ الله له القلوب ، بل والصخر ،

وما حُفِظَتْ دعسة إبراهيم عليه السلام في المقامِ إلا لأنه ألانَ قلبه لله فألانَ اللهُ تعالى الصخرَ تحتَ قدميه ،

وإلا إنه ما جرتْ العادة أن تنحفرَ أقدام الناسِ في الصخور.

نحن حين نُعاملُ الناس اليوم فإننا نختارُ الناس الذين سيُعاملوننا غداً ، ما نحن إلا زُرَّاع نحصدُ ما زرعناه ،

كيلاً بكيل، ولا أحد أعدل ولا أوفى من الله.

إقرأ أيضا: نهاية خائن

خرجَ النبيُّ صلَّ الله عليه وسلَّم متستراً رفقة أبي بكرٍ إلى المدينة ،

فعادَ إلى مكة ودخلَها في وضحِ النهارِ من أبوابِها الأربعة ، جزاء وفاقا ، وهذه بتلك.

وما كان إبراهيم عليه السلام أول من يُكسى يوم القيامة من الخلائق إلا بثيابه التي احترقتْ في النار ، جزاءً وفاقاً وهذه بتلك.

وما امتدَّتْ أيدي إخوة يُوسف تطلبُ الصدقة إلا لأنها باعته من قبل فقبضتْ ثمنه ، سواءً بسواء ، وهذه بتلك.

1 3 4 10 1 3 4 10

أحسِنوا سُقيا الناس اليوم تُحسنون مشاربكم غدا ، وهذه بتلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?