الزوجة الحكيمة الجزء الأخير
الزوجة الحكيمة الجزء الأخير
بعد مضي شهر من ابتعاد عماد الكلي عن زوجته ، ومعاملة أطفاله كأنه غريب عنهم ، شعر أنه لن يستطيع الإستمرار أكثر في علاقته مع زوجته ،
وأنه يجب عليه تطليقها لكي يستطيع الزواج من مها ،
كونه على يقين أنها لن تقبل أن تشاركها زوجته به ، لغيرتها الشديدة عليه ، فيكفيها أنه أبٌ لثلاثة أولاد.
وذات مساء قال لزوجته : يا ابنة الناس منذ أشهر تعرفت على فتاة صغيرة بالسن وأُعجِبتُ بها ،
وبعد حديثنا المتبادل لأشهر أحببنا بعضنا وأريد أن أتزوجها.
اتسعت حدقتا عينيها من الدهشة وهي تقول :
كنتُ أعرف أنك تكلم إمرأة أخرى ،
لكن لم يخطر ببالي ولا لبرهة أنها فتاة صغيرة في السن.
وكيف عرفتي أني أُكَلِّم إمرأة أخرى.
فقالت بابتسامة مكسورة : كيف لا أفهم سبب تبدُّلك بعد كل هذه السنين ،
فقبل أن تكون أباً لأولادي أنتَ توأم روحي وشريك حياتي.
فقال بضيق لم يستطع إلجامه : دعينا من استنزاف العواطف ، أنا أريد الطلاق ، فحبيبتي لن تقبل الزواج بي إذا لم أطلقك.
فقالت له : أتذكر في اليوم الذي دخلتُ به غرفة النوم خلسة وأنا أحسبكَ نائما ،
فكنتَ جالساً في الظلام ، وانتفضت مذعوراً حالما رأيتني؟!
نعم أذكر ، حينها أعطيتني ورقة لأوقِّعها ، وقلتي أنَّ مفادها أني راضٍ عن مستوى أولادي في المدرسة وعن اجتهاد المعلمين في التدريس.
فقالت بابتسامة : لأنك ذُعِرتَ من رؤيتي صدقْتَ ما قلته لك دون أن تقرأ الورقة ،
ثم وقَّعْتَ دون أنْ تدرك أنك قد تنازلتَ لي تنازلاً تاماً عن كل ممتلكاتك حتى التي ورثتها عن والديك ،
بما فيها السيارة التي تُقِلّك للعمل ومنزلنا الذي نعيش به ،
إقرأ أيضا: شاب يحب فتاة عمرها سبع سنوات
اذهب لحبيبتك واعرض عليها الزواج وأنتَ فقير لا تملك سوى مبلغ في المصرف التجاري ،
بالكاد يكفيكَ أن تشتري منزلاً في ضواحي المدينة وتجهيزه لها ، ولكن لا تطلقني إلا في حال موافقتها.
كادت أن تتمزق جفونه من هول الصدمة ، فصرخ قائلاً :
يا خائنة العِشرة يا غدَّارة ، والله لو عرضْتُ أملاكي على الفتاة الغريبة ، لن ترضى أن تأخذها ،
فهي تحبني لشخصي وليسَت مثلك ، فبعد كل العمر الذي عشته معكِ اكتشفتُ أنكِ تحبيني بسبب ما أملك.
فخرج من المنزل على الفور ، ولم يجد مكاناً ينام به في تلك الساعة المتأخرة من الليل سوى الفندق.
في اليوم التالي اتصل بمها ودعاها لاحتساء القهوة ، ثم أخبرها بكل ما جرى بينه وبين زوجته ، ثم قال لها :
سأنتهي من إجراءات طلاقها في القريب العاجل ، وأشتري منزلاً صغيراً لنا ومع مرور الوقت سنبني حياتنا ومستقبلنا معا.
فانتفضت قائلة : يا رجل ! كنت سأتزوجك لإغاظة حبيبي السابق وأخذ جزء من ممتلكاتك ثم رفع دعوى طلاق ضدك ،
كيف سأحتمل العيش مع رجل يُجايل أبي دون نقود ، لو على بناء المستقبل ،
سأبنيه مع شاب فقير يُجايلُني في السن ، امسح رقمي من هاتفك واعتبر أنك لم تعرفني بيوم ما.
انهمرت دموعه في نفس اللحظة ، وانطوى في غرفة الفندق أسبوعاً لا يخرج منها حتى إلى الشغل ،
مما جعل زوجته تذهب للعمل للإطمئنان عليه ، عندما لم تجد منه خبرا ،
وعندما علمت أنه لم يذهب للعمل ولا ليوم واحد قامت بإبلاغ الشرطة للبحث عن زوجها المفقود ،
وبعد بضعة ساعات أوصلوها للفندق الذي ينام به.
ما إن رآها حتى انهمرت دموعه : سامحيني على كل شيء ، فقد كانت كاذبة تريد الزواج بي لأملاكي فقط ،
والله منذ أسبوع وأنا أتمزّق بسبب ما قلته لك ، صدقيني أنا نادمٌ من صميم قلبي.
إقرأ أيضا: سرق مني هاتفي في محطة القطار دون الإنتباه له
فعانقته قائلة : سامحتك يا حب حياتي ونسيت كل شيء ، فلن أسمح لنزوة عابرة أن تمحو عمراً من الحب والسعادة عشناه معاً ،
وبخصوص الأملاك فأنا لم آخذ منك شيئا ، وقلت لك ذلك فقط لكي تكتشف تلك المخادعة على حقيقتها.
عادا معاً إلى المنزل وكأنَّ شيئاً لم يكن وبعد مرور بضعة أيام فاجأها بأنه قد تنازل لها عن كل ممتلكاته ،
وبرغم رفضها أصرَّ على أن تقبلها منه.
أكملا حياتهما بحب كما كانت قبل دخول مها على حياته وكأنها لم تكن يوماً ،
وعاشت مها شهوراً تتحسر على حبيبها الذي تزوج من المرأة الثرية التي تكبره سناً ،
إلى أنْ ارتبطَت برجل ثري أرمل يُجايل والدها على أمل أن تفعل به كالذي كانت تنوي فعله بعماد ،
لكنها أضاعت سنوات شبابها نادمة لو أنها تزوجت شاباً فقيراً بعمرها ، ونسيت حبيبها السابق ،
فزوجها لكبره في السن كان عقلانياً في التعامل معها ، حتى بالمصروف الذي يعطها إياه ،
ولأنه لم يسمح لها بالتبذير كانت تتهمه بالبخل على الدوام.