الساعة الخامسة صباحا أخذت التكتوك الخاص بي لأبدأ العمل ، وكان الجو مازال مظلما.
وبينما أنا أسير على الطريق وجدت رجلا واقفا لم أكن أعرفه ، فشاور لي كي أقف حتى أوصله لمكان ما.
وقفت وركب خلفي وبدأت حديثي المعتاد ،
لأين أنت ذاهب يا حاج ؟
رد قائلا : إلى المقابر يا بني.
انتابني الفضول وأخذت تسري في جسدي قشعريرة وتابعت كلامي قائلا :
ولماذا تذهب إلى المقابر في هذا الوقت ؟
قال لي : ذاهب لأزور ابني قبل أن أسافر.
ازددت حيرة وقلت له : تزور ابنك ؟ هو شغال هناك ولا إيه؟
قال : لا فقد مات منذ عدة سنوات وقلت أزوره قبل السفر.
تلعثمت أكثر في الكلام وبدأت أتعرق مع أن الوقت خريفا وفي تلك الفترة من اليوم يكون الجو باردا.
فأنا دائما أخاف من الأموات ، حتى أن التوكتوك توقف فجأة ، وأخذت أديره عدة مرات وسرنا مرة أخرى.
ولاحظ الرجل ذلك وقال لي : شكلك لا تحب المقابر ممكن تقول لي لماذا؟
قلت له معذرة يا حاج فأنا لا أدخلها إلا وأنا مع جنازة ومن الخارج فأنا أخاف من الأموات.
ووصلنا وتابعت كلامي : هل أنتظرك هنا يا حاج أم أذهب ؟
فرد قائلا لا بل إنتظر خمسة دقائق فقط سأخرج لك بسرعة.
قلت له لا تؤاخذني يا حاج فأنا لولا خوفي كنت دخلت معك ، ولكن كما قلت لك أخاف من الأموات والجو مظلم كذلك.
نزل الرجل وتوقف بجانبي ونظر لي دقيقة حتى كاد قلبي يخفق بقوة وتساءلت قائلا :
فيه حاجة يا حاج ؟
فرد على قائلا : أريد أن أسألك سؤالا ، لماذا تخاف منا نحن الأموات إلى هذا الحد؟!