Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

السلطان آكل صغاره الجزء الثالث

السلطان آكل صغاره الجزء الثالث

في الليل قسّم رئيس الحرس رحاله إلى فرقتين واحدة تقترب من القصر وتختفي وراء الأشجار ، والأخرى تذهب إلى البستان ،

والخطة كان إضرام النّار في النخيل ، ولمّا ينتبه أهل القصر ، ويخرجون ، تقتحم الثّانية وهي الأكثر عددا البوابة وتنهب كلّ ما يوجد هناك من مال وأشياء ثمينة وتضع النّار ،

وأوصاهم بقتل الأمير نعمان لو صادفوه في طريقهم ، ويجب أن يتمّ الأمر بسرعة ودون ترك أيّ أثر ، ولهم نصف ساعة فقط ،

وهو سينتظرهم مع الخيل.

لكنّهم ما كادوا يبتعدون قليلا حتى برز لهم رجال بيض بعيون زرقاء ، وعليهم الدّروع والخوذات ،

وشاهدوا في الظّلام عشرات المشاعل ، وجاء نعمان ومعه الفلاحون ، وهم يلوّحون بفؤوسهم وعصيّهم ،

فاندهش الحرّاس ، ورموا سلاحهم وصاح أحدهم : اللعنة ، لقد كانوا في انتظارنا ، كيف علموا بالأمر ؟

من المؤكّد أن هناك من ينقل لهم أخبار السّلطان!

جمعهم نعمان ، وقال : ألا تعلمون أنّي أطعم الفقراء من البستان ، وفي القصر جناح للأيتام أرعاهم أنا وسيّدتكم أميمة ،

تبّا لكم ، ولما كنتم ستفعلونه!

فجثا الجنود على الأرض ، وقالوا : والله لم نكن نعلم شيئا ، وقيل لنا أنّك تتآمر على السّلطان ، فجئنا لحماية مولانا ،

فنحن عبيده ، ونأكل من خيره!

فكّر نعمان لحظة ، وقال لهم :ما رأيكم أن تكونون في خدمتي؟ سأعطي كلّ واحد منكم بيتا وأزوّجه ، والمال هنا كثير.

نظروا لبعضهم ، وقالوا : نحن موافقون ، أجاب: حسنا ، والآن هيّا إلى القصر!

لمّا دخلوا ، وجدوا الموائد منصوبة وعليها أصناف الطعام والشّراب ، فغسلوا أيديهم ، وأكلوا حتى شبعوا ،

وجاءت أميمة ، فانحنوا أمامها ، وقالوا : سيوفنا في خدمة مولاتي ، فردّت عليهم : يدي ممدودة إلى السّلطان لكنكم تعلمون تعنتّه ،

إقرأ أيضا: حكاية العجوز عائشة

لذلك هو لا يتركنا في حالنا ، فوالله لا نريد جاها ولا سلطانا ، ونريد منكم مساعدتنا في إعمار هذه الأرض التي مات أهلها في وباء منذ قرن ،

وهناك كثير من القرى الفارغة.

وفي الصباح ليختر كل واحد منكم بيتا وسنساعده على تأثيثه ، ثمّ صفّقت بيديها فجاء رجال من الجنّ ،

وأعطوا كلّ واحد منهم صرّة مال ، وقالت : والآن هيّا إلى النّوم ، فلا شكّ أنّكم تحسّون بالتّعب الآن!

وفي الليل كانت الجنّية الصّغيرة تسمع ما يقولون ، وفي النّهاية إبتسمت وجرت إلى نعمان لتخبره بما سمعت ،

أمّا قائد الحرس ، فلمّا رأى رجاله يقعون في الأسر ، جرى بحصانه طول الليل ،

وفي الصّباح أخبره بما حدث فاغتمّ السّلطان ، وتعكّر مزاجه ، فهذا يعني أن لا أحد بإمكانه إيقاف نعمان بعدما إنضمّ له عشرون من خيرة فرسانه ،

ولم يعد يثق في أحد ، فمن أعلم نعمان؟ لا شك أن هناك خائن في القصر!

والآن لم تعد تنفع المكائد ، ولم تبق سوى القوّة ، ففتح الخزائن ، واشترى السّلاح وانتدب الرّجال ،

وملا القصر والبلاد بالجواسيس الذين ينقلون له كل ما يحصل ، وبالطبع كان له جاسوس عند نعمان ،

وأخبره أنّ إبنه يستصلح الأرض ، ويزرعها ، وأنّ النّاس تفد إليه من كلّ مكان ، وتستقرّ في القرى الفارغة ،

وهؤلاء يشتغلون في الزّراعة والرّعي ، وأنّه يدفع لهم أجرة جيّدة ،

ولم يكن ينقص نعمان المال ، وصارت له قوافل ، وسفن ، وتجارة مع البلدان البعيدة.

وكان ذلك يزيد في خوف السّلطان الذي زاد في الضرائب ، وبنى القلاع حتى عزل كل الإقليم الشّمالي الذي به نعمان ،

وأصبح الدّخول والخروج يتم بمشقة شديدة.

واعتقد الرجل أنّه حلّ المشكلة ، لكنّ جفافا شديدا ضرب البلاد وجفّت المراعي التي كان فيها البدو يرعون فيها إبلهم وماشيتهم ،

ولم يعد لديهم ما يأكلونه فأرسلوا وفدا إلى السلطان يطلبون فيه المساعدة ، لكن الخزائن كانت فارغة ،

إقرأ أيضا: ليتني لم أرى ذاك الوجه الكامن أسفل القناع

وكلّ المال ينفقه على القلاع والجيش ، فبدأ البدو يهاجمون القرى القريبة منهم وينهبون كل ما يجدونه.

ولمّا أعلمه الوزير بما يحصل ، إبتسم السلطان ، وقال هل نسيت أن تلك القرى الغنيّة رفضت مساعدتي لتحصين مملكتي؟

وقال لي أشرافها : أنّ ما تفعله سينشر الفقر والجوع ، وفي النهاية أنت من ستقضي على نفسك ، وليس إبنك نعمان!

وأنا لم أغفر لهم ذلك الكلام ، والله لولا أني مشغول بذلك الولد اللعين لعرفت كيف أعلّمهم الأدب!

ظهر الإنزعاج على وجه الوزير ،زفالسّلطان أصبح يفتقد إلى الحكمة ، وما قاله القرويون صحيح ،

فكلّ النّاس الآن ناقمة عليه سيّده ، ولولا فرسانه لثاروا على حكمه ،

فقال: أصلح الله مولاي ، أرسل فرقة من جيشك ، وسيهرب أولئك البدو!

لكن السّلطان قال : كفى هراء ، لن يكف ذلك لإيقافهم ، والخسائر ستكون كبيرة ، وأنا بحاجة إلى كلّ فرد لمّا تحين المعركة مع نعمان ، هل فهمت أيّها الأحمق؟

ابتلع الوزير الإهانة ، وسأله : هل يأذن سيّدي أن أقترح حلاّ يرضيه؟

أشار له السّلطان أن يتكلّم ، فقال له : لو طلبنا من نعمان مهاجمة البدو في الصّحراء ، فإنّهم سيرجعون للدّفاع عن خيامهم ،

فإن قتلوا الولد إسترحت منه ، وإن هزمهم تخلصت من البدو!

حكّ السّلطان ذقنه ، وقال : ولكن كيف سنقنعه بذلك ، وهو يعلم أني أحقد عليه؟

أجاب الوزير وهو يبتسم : تعترف أنّه إبنك ، وهذا لن يكلفك شيئا ، مجرّد كلام في الهواء!

وقف السّلطان ، وأشار له بإصبعه ، وقال : لقد قرّرت أن أجعلك مستشاري ، وأطرد أولئك المشايخ الذين أوصوا بالتّصالح مع إبني ،

وتوحيد المملكة ، لكن في جميع الحالات فأنا من سيخرج منتصرا لو تحارب نعمان مع البدو ،

سأكتب لك رسالة تحملها إليه على جناح السّرعة ، قبل أن ينهب أولئك الأوغاد قرى جديدة.

إقرأ أيضا: قصة شاب كان يعمل في محل لبيع الحلويات الشعبية

وصلت الرّسالة لنعمان ، فاندهش لما جاء فيها ، فأبوه يعترف به وريثا له ، ويسامح أمه ،

لكنه لم يحسّ بالفرحة فالّناس الذين معه يثقون فيه ، ولا يريد زجهم في حرب لا تخصّهم.

فكّر قليلا ، ثم ذهب إلى ملك الجنّ ، وحكى له عن ما يشغل باله ، فأجابه : لو لم تتحرّك للدّفاع عن مملكتك لاستاءت الرعية من ضعفك ،

وخسرت محبّتها لك ، فلا تضيع الفرصة ، واضرب البدو في عقر دارهم ، فهم لا يتوقّعون مجيئك ، وسنساعدك بالسّلاح ،

فلنا الكثير منه وسيكون رجالي تحت أوامرك ، فهيّا أسرع ، ولا تضع الوقت!

أطلق نعمان النّفير ، وجمع ما قدر عليه ، ثمّ زحف بجيشه من الإنس والجنّ ،

وكان يعرف أن أكثر من معه ليسوا من المقاتلة لذا لن ينتصر إلا إذا إستعمل الحيلة ،

فاقترب من مضارب أكبر قبائل البدو في الظلام ،

وقال للجنّ : أنتم لا تحسّ بكم الكلاب لذلك ستسوقون جمالهم ، ثمّ تلقون مشاعلكم على الخيام ، وتهربون!

وفي نصف الليل كان أهل القبيلة يصرخون ، ويصبوّن الماء على الخيام التي إحترقت بما فيها من طعام وأغراض ،

ولمّا طلع الصّباح تبّددوا في الصّحراء ، وأشرفوا على الهلاك ، فجاء نعمان إلى ساداتهم ،

وقال : لقد هزمتكم بسهولة ، ودون حرب ، فإن وعدتم بالكفّ أنتم وبقية القبائل عن مهاجمة القرى ،

فسأعطيكم ماء وطعاما وأرجع لكم أموالكم ، وسأرسل لكم قافلة من التمر والرمّان فلا شكّ أنكم سمعتم عنه ، وأرضي لا تعرف الفقر.

تشاور القوم ، ثمّ أجابوا بالقبول ، وبعد أياّم توقفت الغارات ، وجاءت قافلة عظيمة محّملة بالماء والخيرات والكباش والماعز ،

وأصبح نعمان صديقا لزعماء البدو بعدما رأوا أنه قد أوفى بوعده ،

وازدادت شعبيته بين النّاس بعد هذا الانتصار الذي تم دون إراقة الدّماء.

إقرأ أيضا: السلطان آكل صغاره الجزء الرابع

أمّا السّلطان فقال : كلما نصبت فخّا لذلك الولد ، خرج منه أقوى ممّا كان عليه من قبل ،

والآن أصبح وليّ العهد ، لكن لن أدعه يربح ، لذلك يجب أن أعرف ما هو سر قوّته؟

أنا متأكّد أنّ هناك من ساعده في الذّهاب إلى أرض الأغوال وفي أسر حرسي الأقوياء ، وفي حربه ضد البدو ،

فكيف دخل خيامهم دون أن تحسّ الكلاب؟

ثمّ استدعى كبار السّحرة الذين أخذوا يهمهمون ويعزّمون ، ثم قالوا له :لقد عرفنا سرّ قوّته!

إنّهم قبيلة من الجنّ المسلم الذين جاءوا ، وسكنوا قصرا مهجورا ، تحيط به الأراضي ، ولسّيدهم بنت صغيرة يحبّها حبا شديدا.

صاح السّلطان عرفت كيف أفعل لأقضي على مصدر قوّته!

سأختطف إبنة ملك الجنّ ، وأجعلها رهينة عندي ، وبذلك سيفكّر أبوها مرّتين قبل أن يقرّر مساعدته في المجيئ إلى قصري.

يتبع ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?