Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

السلطان آكل صغاره الجزء الرابع

السلطان آكل صغاره الجزء الرابع

في أحد الأيام جاء رجل بحمار عليه زنبيلين ، أحدهما مملوء بالحلوى ، والآخر فارغ ، واقترب من القصر ثمّ أخذ يصيح :

أنا حلواني أصنع أطيب الحلقوم بالفستق وماء الورد ، وكعك اللوز ، تعالوا تذوّقوا!

فتجمّع النّاس حوله ، وبدأوا يشترون ، وهم يشكرون بضاعته ، وكانت الجنّية الصّغيرة تطلّ من النّافذة ،

واشتهت أن تأكل من تلك الحلوى الذيذة المتعدّدة الألوان ، فتردّدت قليلا ، ثم نزلت تجري ، وفتحت الباب ،

لمّا رآها الحلواني قال لها : تعالي يا بنيّة ، وخذي ما تشائين من ذلك الزّنبيل!

لكن حين نظرت البنت وجدته فارغا ، وقبل أن تتكلّم دفعها الرّجل في ظهرها ، فوجدت نفسها مكوّمة داخله ،

ثمّ رمى عليها غطاء شدّه بإحكام ، وهمز الحمار الذي سار بسرعة.

رجع نعمان من البستان ، فتعجّب من وجود الباب مفتوحا ، وسأل أمّه : يبدو أنّ أحدا ما قد خرج ، وهذا شديد الغرابة!

فالجنّ يعيشون تحت القصر ، والأيتام الذين نرعاهم صغار ، وعليهم من يحرسهم ، لكنّي سأسئل ظريفة ،

فهي الوحيدة التي يمكنها الصّعود إلى القصر ، واللعب فيه لأنّها إبنة الملك.

إلتفت نعمان حوله وناداها ، لكن لم يجبه أحد فبحث في كل القصر ، وبدأ يتحيّر فهي لا توجد في أيّ مكان ،

ثم ذهب إلى أبيها ، وسأله ، لكن لم يرها طول النهار ، وخرج الجنّ ، وعادوا بعد قليل ،

وقالوا : لقد كان هناك بائع حلوى قرب باب القصر ، ولقد رحل بسرعة!

ضرب نعمان كفّا بكفّ ، وقال : لا داعي أن تبحثوا عنها ، فلقد خطفها أحدهم ، وأعرف من قام بذلك.

ظهرت الدّموع في عيني ملك الجنّ وقال لنعمان : سأعطيك ما تريد ، أحضر لي فقط إبنتي أرجوك!

ثم بدأ يبكي ، قال الفتى : إهدأ ، فالسّلطان يفعل كلّ شيء لأجل العرش وهو يخشى اتّفاقنا ضدّه ،

والله يعلم أني لم أفكّر في ذلك رغم تأييد الأمراء لأتولّى الحكم ، فلقد أصبح أبي يشكّ في كلّ من حوله ، ويخاف حتى من ظله !

لكن إسمع ، سأخبرك عن سرّ ، هناك جاسوس في القصر ، وسأكتب إليه لكي ينقذ ظريفة ، ويخفيها في مكان آمن.

إقرأ أيضا: قصة المنديل السحري

ظهرت الرّاحة على ملك الجنّ ، وسأله : هل تثق في ذلك الشّخص؟ أجابه نعمان : كلّ الثّقة.

وضع الملك البنت في حجرة صغيرة داخل برج مرتفع لكي لا تقدر على الهرب وكان هناك خادم أكبر منها ببعض السنوات يأتيها بطعامها كل يوم ،

ولاحظت أنّه لطيف جدّا معها ، ودائما يحضر لها في جيبه الحلوى التي تحبّها.

وفي أحد الأياّم قال لها سآتي في الليل لإخراجك ، فاليوم يقيم الملك حفلة ، ويكون الجميع منهمكين في الأكل والشّرب ،

وأنت تلبسين ثياب الجواري وأنقلك لمكان في القصر لا يعرفه سواي!

سألته : لماذا تريد إنقاذي؟ رد ّعليها : لقد طلب منّي نعمان ذلك هل استرحت؟

فرحت الجنّية الصّغيرة ، وشعرت بالاطمئنان ، وفي الموعد المحدّد جاء الولد ، ثمّ أطلّ من الشّباك ورمى حبلا ،

فقالت له : ويحك ، لا أستطيع النّزول من هناك!

ضحك الخادم ، وقال : هذا لكي نخدع القوم ، والآن ضعي هذه الملابس ، وسأنتظرك أمام الباب.

وحين خرجت لم يكن أحد يميّزها عن جواري السّلطان ، كان الحارس نائما وفي يده قنينة نبيذ ، فجريا حتى وصلا البهو ،

وهناك اندسّا وسط المدعوييّن ، وبعد قليل نزلا درجا يقود إلى أسفل القصر ، وكانا يسمعان من فوق صوت القيان وهنّ يغنين ،

ثم وقف الخادم ، وفتح بابا لا يكاد يظهر ، وقال لها : أدخلي الآن فهذه غرفتي التي أعيش فيها.

ثمّ أشعل مصباحا ، فرأت ظريفة مكانا أنيقا مفروشا بالزّرابي ، فسألته بدهشة ، من أين لك المال لتشتري هذا الأثاث الغالي؟

إبتسم ، ثم قال : ستعرفين كل شيء في أوانه.

هذا القبو قديم جدا ، وكان يختفي فيه الملوك عند وقوع ثورات ، ويدخله الهواء وفيه بئر ماء ،

ومنذ زمن طويل لم يعد أحد يأتي إلى هنا ، بعدما فتحوا سردابا يقود إلى خارج المدينة ،

كوني مطمئنة فلا أحد يعرف دهاليز القصر وأسراره أكثر منّي.

إقرأ أيضا: الجائع

في الصّباح جاء الخادم للسّلطان ، وقال له : لقد هربت ظريفة ، ويبدو أنّ أحدا قد ساعدها ، فجنّ الرّجل ، وجرى إلى البرج ،

فرأى الحبل يتدلّى من النافذة ، فأمر رجاله بإغلاق المدينة وتفتيش البيوت ، وكان السّلطان غاضبا ،

وجمع كلّ من في القصر ليسألهم ، وهدّد بتعذيبهم إن لم يتكلموا ، ولمّا جاء دور الخادم ، واسمه حسن ،

قال له : لقد جاع النّاس بسبب نبوءة أفسدت تدبيرك ، وصنعت بسببها عدوّا ، واليوم سيتحقّق ما كنت تخشاه يا مولاي!

كان السّلطان يستمع بدهشة ، وهو يتميّز غيضا ، ثم صاح : أنت إذا هو الخائن الذي ينقل أخباري!

ثم ضحك ، وقال : أخبرنا إذا أيها الأحمق كيف ستتحقّق النبوءة ، ونعمان بعيد عني ، ودونه الوديان والجبال!

قال حسن : القابلة أنقذت ولدا آخر من الموت ، وأخفته في دهاليز القصر ، وعاش طول عمره يحلم بالانتقام ،

ولقد جاء أخيرا هذا اليوم ، ثم أخرج عقدا من الذّهب وضعه في رقبته ، وقال : ألا تذكر هذا العقد؟ فلقد أهديته إلى أمّي ليلة عرسها.

وقف السّلطان ، وصاح في الحرس : أقتلوا هذا الفتى!

لكن الوزير قال : هل هذا صحيح يا مولاي؟

أجاب بحنق : وما يهمّك ، هيا نفّذ ما أمرتك به.

وقف أحد الحرّاس بجانب حسن ، وقال : إذا أقتلوني مع الأمير ، وبكى كلّ الحرس ، وقالوا :

نحن أيضا نموت معه ، فلم نرى منه سوى الخير ، ثمّ التفّ حوله الطباخون والخدم ، والجواري ، فصاح السلطان : إذا هي مكيدة!

وأراد الخروج ، لكن أحد الخدم جرى وأغلق الباب ،

قال السّلطان : لمّا يرجع رجالي من المدينة سيقتلونكم.

هتف أحد الرّجال : بل أنت من سيموت الأوّل أيّها الظالم ، حان الوقت لتترك العرش لابنك حسن!

جرى السلطان ناحية النافذة ، وقال: لن تلمسني أيديكم القذرة ، صاح حسن لا تفعل ذلك!

لكن أبوه أجابه : إياك أن تقترب مني ، ثم قفز من النافذة وتحطمت عظامه ،

إقرأ أيضا: القبيلة المتوحشة الجزء الأول

جلس الفتى على العرش ، وقال : افتحوا المخازن ، وفرّقوا القمح عن الجياع ، وانتشر الخبر ،

فلاحق النّاس أعوان السلطان ، ومحقوهم ، وأعلن قادة الجيش ولاءهم لحسن ، ورفعوا الحصار عن نعمان ،

الذي سار في موكب عظيم ، وهو يفرّق الأموال ، ويطعم الفقراء.

ولمّا وصل إلى القصر عانق أخاه ، وبايعه على الملك ، ثمّ التقى بحبيبته ظريفة ، وهنّأها على سلامتها ، وفكّر قليلا ،

ثم قال سأبقى مع أخي الذي حرمت منه كل هذه السّنوات.

فرح حسن لما سمع ذلك ، وقال له : سأعيّنك قائد الجيش ، فلا أحد في المملكة له شجاعتك ، والآن سنجهّز لعرسك.

فجاء ملك الجنّ مع قومه ، ونصبت الموائد ، وأكل الناس وانبسطوا ، ونست الرّعية ما حلّت بها من حرب وجوع سببه الخوف السّلطان على العرش ،

وفي الأخير أنهى حياته بيده ، وبطلت النّبوءة.

في الليل جاءت أمّ حسن لإبنها ، وقبّلته ، وقالت : كلّ هذه الفترة إعتقدت أنك قد متّ ،

ولمّا سمعت الخبر لم أصدّق نفسى حتى رأيتك ، فقصّ عليها حكايته ، وكيف أشفقت القابلة عليه ،

ثمّ قالت له : لقد أخطئت بإبقاء أخيك هنا ، ومنحته قيادة الجيش ، وأعطاه ولاية العهد ،

وسيأتي اليوم الذي يطالب فيه بحقّه ، وأنت لا تقدر عليه فمعه الجنّ والبدو وأهل الشمال ، وأمواله لا حصر لها.

والرّأي أن تخلص منه ما دام بين يديك ، فكّر قليلا ، ثم أجابها : ويحك!

ما الفرق بينك وبين أبي؟ لا تفكرّون إلا في العرش ، ونسيتم أنّنا بشر نريد أن نحيا كغيرنا ،

وأنا لا أعادي أخي من أجل الحكم ، والله لو أراده لمنحته له ، ورجعت لدهليزي الذي عشت فيه.

أرجوك أمّي ، لقد مات أبي فلا أريد أن أكون مثله ، وهناك أحد جواري القصر إسمها سارّة ، أريد أن أتزوّجها ،

فأجابته : إنتظر حتى أختار لك أحد بنات الملوك ، فتساعدك على توطيد حكمك!

لكنّه أجاب : ما دام أخي بجانبي فالمملكة بخير ، ثم أنا لن أتزوج إلا من يحبّها قلبي.

وتزوّج حسن من سارّة ،وأصبحت الفتاة من أعظم الملكات ، عاش الأخوين في سعادة وتوحدت المملكة وكثر الخير ،

حتى أصبح صاع الشّعير بدرهم والتمر والرمان بنصف درهم وصار الجن يتزوجون من الإنس ويحضرون أعراسهم ،

لقد تعلم الجميع من الأخوين المحبة ، فصلحت حالهم ، أما أبوهم ، فأدى به الحقد إلى نهايته ، وأساء لنفسه ورعيته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?