الصحابي الذي قتل مائة رجل مبارزة في معركة تستر
الصحابي الذي قتل مائة رجل مبارزة في معركة تستر وهزم الفرس وحده مجزأة بن ثور؟!
عسكرت جيوش المسلمين حول خندق مدينة تستر الفارسية ، وظلت ثمانية عشر شهراً لا تستطيع اجتيازه ،
وخاضت مع جيوش الفرس خلال تلك المدة ثمانين معركة.
وقد أظهر مجزأة بن ثور في هذه الحروب شجاعة نادرة ، أذهلت العقول ، قد تمكَّن من قتل مائة فارس مبارزة ،
فأصبح اسمه يثير الرعب في نفوس الفرس ، ويبعث النخوة والعزة في صدور المسلمين.
وبعدما استعصت المدينة على المسلمين وقف أبو موسى الأشعري يتأمل سور تستر العظيم يائساً من اقتحامه ،
حتى سقط أمامه سهم ، قُذف نحوه من فوق السور.
فنظر فيه فإذا فيه رسالة تقول : ” لقد وثقت بكم معشر المسلمين ، وإني أستأمنكم على نفسي ومالي ،
ولكم عليَّ أن أدلَّكم على منفذ تنفذون منه إلى المدينة.
فكتب أبو موسى أماناً لصاحب السهم وقذفه إليه ، حتى تسلل صاحب السهم إلى المسلمين في الليل ، وقال لأبي موسى :
” لقد آثرتُ عدلكم على ظلم الهرمزان ـ فقد عدا علينا وقتل ونهب ، وعزمت أن أساعدكم في الوصول إلى داخل المدينة ،
فأعطني إنساناً قوياً عاقل ، يتقن السباحة حتى أرشده إلى الطريق “.
فقال مجزأة : ” اجعلني ذلك الرجل أيها الأمير “. فقبل أبو موسى.
مضى مجزأة بن ثور تحت جنح الظلام مع ذلك الرجل الفارسي ، فأدخله في نفق تحت الأرض يصل بين النهر والمدينة.
وعاد مجزأة بن ثور بعد أن تعرف على الطريق ، وكان أبو موسى قد أعدَّ ثلاثمائة فارس من أشجع جنود المسلمين ،
وأقدرهم على السباحة ، وجعل التكبير علامة على دعوة جند المسلمين لاقتحام المدينة ، ومضى بهم تحت جنح الظلام.
إقرأ أيضا: في غزوة الأحزاب
ظل مجزأة بن ثور وجنده البواسل وقتاً طويلاً يصارعون عقبات الطريق ،
ولما بلغوا المنفذ المؤدي إلى المدينة ، وجد مجزأة أن الطريق لم يُبق له من أصحابه سوى ثمانين رجلا ،
وما إن وصلوا أرض المدينة حتى جردوا سيوفهم.
وانقضوا على حماة الحصن فأغمدوها في صدورهم ، ثم فتحوا الأبواب وهم يكبرون ، وتدفق المسلمون على المدينة عند الفجر ،
ودارت بينهم وبين أعداء الله معركة حامية الوطيس ، قلما شهد تاريخ الحروب مثله.
وفيما كانت المعركة قائمة أبصر مجزأة بن ثور الهرمزان في ساحتها فقصده ؛ وتبارزا مجزأة والهرمزان بسيفهم ،
فضرب كل منهما صاحبه ضربة قاضية ، فارتد سيف مجزأة وأصاب سيف الهرمزان.
فخرَّ البطل الباسل صريعاً على أرض المعركة وعينه قريرة بما حقق الله على يديه ،
وواصل جند المسلمين القتال حتى كتب الله لهم النصر ، ووقع الهرمزان أسيرا.
وانطلق المسلمون إلى المدينة يحملون بشائر النصر للفاروق عمر ،
ويعزونه باستشهاد الصحابي الفارس مجزأة بن ثور السدوسي رحمه الله.
المصادر :
تاريخ الطبري : محمد بن جرير الطبري.
البداية والنهاية : ابن كثير.
الكامل في التاريخ : ابن الأثير.
سير اعلام النبلاء : الذهبي.