الصداقة قصة قصيرة
الصداقة قصة قصيرة
في إحدى القرى الصغيرة عاش الشاب أحمد الأكبر لإخوته والذي قام على رعايتهم بعد وفاة والده.
فتخرج الأخ الأوسط من الجامعة وأصبح محاميا وأصبح الثاني مدرسا ،
وأسعده أن أخويه أصبحا في درجة ممتازة ، وأما أمه ، فقد عمل المستحيل لكي تحج بيت الله.
وفي أحد الأيام قالت له أمه يا ولدي البار الآن أصبحتُ كبيرة في السن وأتمنى أن أرى أولادك ،
فياليتك تختار أي بنت تعجبك أو دعني أختار لك.
فلديك في الأسرة بنات جميلات إختر من تريد وأنا سأخطبها لك يا ولدي.
قال لها يا أمي أنا لا أفكر بالزواج الأن وبعد أن يتزوجوا إخوتي عماد ومحمد ، أفكر بالزواج إن شاء الله.
وبعد أيام حضر للمنزل وهو يحمل كيسا من الخضروات والفاكهة لأمه ،
وأثناء دخوله لبابِ المنزل خرجت من المنزل فتاة جميلة جدا لفتت نظره.
دخل المنزل وهو مبهور بجمالها فسأل أمه ، من كانت هذه الفتاة التي خرجت الأن يا أمي؟
فقالت له إنها جارتنا بنت ممتازة من عائلة طيبة وقد سكنوا الحي من فترة.
فقال لها دون أي تفكير هل هي متزوجة أو مخطوبة يا أمي؟
ضحكت الأم وقالت لا يا حبيبي وقد فكرت بها عروسة لك.
قال لها وهو ينظر للأرض خجلا وكأنه بنت ، يا أمي أنا لا أفكر بالزواج ، وكان مجرد سؤال عابر.
فقالت له الأم الله يهديك يا أحمد يا ولدي.
وبعد أسام حصل نفس الموقف والتقيا وجها لوجه ، فإذا به يشعر بأنها خطفت قلبه كأي شاب.
صارح أمه فكادت تطير من شدة الفرح وتم الزواج ، وعاشا في نعيم ورزق منها بأول طفل ، أسمياه محمود.
وكان البيت كبير فسكن في الطابق العلوي وترك الطابق الأوسط والأرضي لإخوته ،
أما أمه فقد إختارت أن تسكن الطابق الأرضي لكونها سيدة كبيرة ولا تستطيع الصعود والنزول.
عاشا في سعادة وكان أحمد شاب مؤمن فكان في كل صلاة يشكر الله على النعمة والرزق ،
وأن يجعلهُ رزقاً حلالا ويطلب من الله أن يرزق كل محتاج.
إقرأ أيضا: عروس تخون زوجها بأول أسبوع زواج
كان لأحمد صديق من أيام الطفولة إسمه مصطفى متزوج وله طفلان بنت وولد ،
وكان شاب محترم وشاءت الأقدار أن يحتاج لمبلغ كبير ، فاقترض المبلغ من أحد التجار مقابل كل ما يملك.
وبعد أن طالت المدة بدأ هذا التاجر يطالب بماله، ومرة بعد مرة شعر مصطفى بأنه غير قادر على إرجاع الدين للتاجر ،
لأنه مبلغ كبير كان قد إقترضه لعلاج أمه في الخارج.
لم يستطع مصطفى إرجاع الدين للتاجر فتذمر التاجر وقام بتهديد مصطفى بالحجر على بيته الذي يسكن فيه ،
وطَردِهم من المنزل هو وأمه وزوجته وطفليه.
سمع أحمد بالخبر تألم وقال له لِمَ لَمْ تخبرني يا أخي أين الصداقة والأخوة بيننا.
فقال مصطفى إنه مبلغ كبير خجلت أن أطلبه منك يا أخي ، وقد إقترضته من التاجر فلان مقابل كل ما أملك ،
ولكني لا أقدر على رده الآن وأنا مهدد بالتشرد وأسرتي لأن لديه أوراق تثبت حقه.
فكر أحمد بمصير هذا الصديق وأسرته فقال لزوجته بكل لطف ، ما رأيك لو أبيع منزلنا الثاني وأسدد له الدين ،
لأن المنزل صغير ولا نحتاجه ونحن نسكن هذا المنزل الواسع والحمد لله ، ومصطفى صديقي من أيام الطفولة.
إعترضت وبشدة فقال لها لِمَ تعترضين والمنزل لسنا بحاجة له ، وإن شاء الله أشتري منزلا غيره بالمستقبل.
لم تقتنع وقالت له لقد وعدتني أنك ستكتب المنزل باسمي والأن تريد بيعه كي تساعد صديقك ،
لن أوافق على هذا وعليك أن تختار بيني وبين صديقك وهذا قراري الأخير.
اشتد غضب أحمد فقال لها أختار صديقي ولا أفرط بك وبإبني لأنكم أسرتي.
فقالت له لا ، وعليك أن تكتب المنزل بإسمي الأن ، كي أضمن أنك لن تبيعه.
اشتد الخلاف بينهما لعنادها وقسوة قلبها فتركت المنزل لتعود لمنزل أهلها.
ومرت الأيام والسنين وأصبح مصطفى الشاب المحتاج صاحب محل كبير واستطاع تسديد المبلغ لصديقه الوفي أحمد.
إقرأ أيضا: قصة أمسكني من ثيابي وحملني وألقاني خارج السيارة
وفي أحد الأيام كانت هناك سيدة عجوز تريد أن تعبر الشارع فصدمتها سيارة ، فوقعت مغشياً عليها.
فأسرع إليها شاب وحملها بين ذراعيه لقد كان هذا الشاب إبن مصطفى الذي كان عائدا من الجامعة.
حملها لمنزلهم فقد كان المنزل قريب في الشارع نفسه ، واستدعى بسرعة الطبيب الذي يسكن في الشارع الثاني وتم نقلها للمستشفى.
وفي المستشفى أراد الطبيب أن يعرف من هي ولكن وضعها الصحي كان لا يسمح.
وعندما إستفاقت سألوها عن أهلها كي يحضروا.
وكانت صدفة عجيبة وغريبة لقد عرف مصطفى الذي كان يقف بجانب إبنه الشهم الذي قام بهذه العملية الإنسانية وسعيد به وفخور ،
عرف أنها زوجة أحمد التي رفضت مساعدة والد هذا الشاب وضحت بأسرتها عندما عرض زوجها عليها مساعدة صديقه.
عندما عرفت هذه العجوز القصة بكت وقالت لمصطفى سامحني فقد كنت مخطئة ولم أدرك حجم خطأي ، إلا الأن.
وبعد أن عرفت أن من أنقذني من الموت هو نفس الشخص الذي كنت سأعرض حياته وأسرته بالتشرد والجوع وربما الهلاك.
إبتسم مصطفى هذا الرجل الطيب وقال لا عليك ، الأن أنا سعيد بهذه الصدفة فنحن أخوة وأهل وعلينا أن نسامح بعض ،
لأن ما فعله أحمد صديق عمري عمل لا أنساه طوال حياتي فقد أنقذ أسرتي من التشرد.
وساعدني الله أن أرد له دينه وأن يقوم ولدي بهذه المساعدة البسيطة لك وقد أكرمني الله بنعمه الواسعة والحمد لله.
عادت لمنزلها وهي تستغفر الله من ذنبها وقد عرفت أن للصداقة قيمة كبيرة ،
ويمكن للإنسان المخلص أن يضحي من أجل صديقه بأعز شيء يملكه كما فعل أحمد تجاه مصطفى
الصداقة كنز لو حافظ الإنسان عليها يكون قد ملك كنوز الدنيا.