نحو حياة أفضل

الصورة الحقيقية

الصورة الحقيقية

زياد مصور شاب ، برز نجمه في الأشهر القليلة الماضية ، بعد إلتقاطه لصور مثالية تنبض بالحياة ، حققت له مكاسب كبيرة.

لذا قرر هذه المرة الذهاب إلى الأماكن المظلمة ومحاولة إيجاد صورة مذهلة وجذابة.

ذهب إلى أحد الأحياء الفقيرة جدا ، وأثناء تصوريه لبعض المباني المهترئة ،

لمح طفلان مشردان يقفان عند الناصية وينظران إليه بلهفة وتعجب ، كان الطفلان بنت وولد.

إتجه نحوهما وعند إقترابه منهما ، أمسك الفتى بيد الفتاة ،

حياهما المصور بابتسامة عريضة قائلا:
هل تريدان أن ألتقط لكما صورة جميلة.

نظرا الطفلان إلى بعضهما وهما يضحكان وردا عليه بالموافقة ، بعدما ظهرت على وجهيهما ملامح السعادة.

وفي أثناء بحث المصور عن زاوية التصوير المناسبة ، همس الفتى في أذنه أخته
لا تضحكي ، لكي لا يحسب أننا سعداء.

ردت متعجبة
ولماذا؟

لأنه لو أدرك أننا سعداء لن يدفع لنا
هي : وهل يدفعون مقابل إلتقاط الصور ؟

نعم في أغلب الأحيان ، لا تضحكي إذا كنت تريدين شراء حذاء لقدميك ،
أقفلت فمها بعدما نطقت كلمة حاضر.

إلتقط المصور لهما صورا عديدة دون أن يبتسما إبتسامة واحدة مما أقلق المصور ، لأن نيته كانت إسعادهما بعدما رآهما حزينين.

فأخبرهما أنه سيلتقط لهما آخر صورة ، لكن عليهما أن يبتسما.

هنا نظرت الفتاة إلى أخيها نظرة تعجب وإفتخار ، فحقا الآن يمكنهم المساومة على الإبتسامة.

نطق الفتى
سيدي عليك أن تدفع لنا مقابل هذه الصورة ،
تعجب المصور ثم قال ،
ولماذا ؟

ولماذا أنت حريص على إلتقاط صورة لنا ونحن مبتسمين ، لتظهر للعالم أننا سعداء وأننا بخير.

وهكذا لن يدفع لنا أحد ، ولن أتمكن من شراء حذاء لأختي.

صعق المصور على نحو مهوول وهو ينظر إلى قدميها ، قائلا :
هل هذه أختك.

إقرأ أيضا: إحذر من صناعة المعاق في بيتك

الفتى : نعم
إنها في خطر ، يمكن أن تصاب في قدميها بجرح أو مرض خطير.

1 3 4 10 1 3 4 10

فرد عليه الغلام ، لا تقلق فهي بلا حذاء عندما تكون واقفة فقط ، أما عند المشي فأعطيها حذائي.

تعجب المصور لهذا الكم الهائل من الحب ، ثم نظرا إليهما مشفقا ، فسألهما
أين والديكما.

لا يوجد لدينا
أين تسكنان ؟
في أحد البيوت المهجورة عند نهاية هذا الحي.

ماذا تأكلان ؟
بقايا الطعام.

وما هو حلمكما ؟
الأخ : أن تملك أختي حذاء ملون وجميل.

كان درسا قاسي للمصور ، أعطاهما بعض النقود ثم إنصرف وهو مهزوم شر هزيمة.

غادر المصور وهو مشمئز من نفسه بعدما أيقظ الطفلان ضميره ، ثم قال محدثا نفسه
حقا.

فالمصور النزيه عليه إلتقاط الحقيقة كما هي ، وما نفع أن يبتسموا لحظة أو بضع لحظات وهم في باقي الأوقات بؤساء.

نحن المصورن نبحث عن الصور المثالية فنعرضها للعالم على أساس أنها حقيقة الأشياء ، وهي ليست كذلك.

رغم أن نيته كانت إسعادهما ليس إلا ، إلا أنه إكتشف في قرارة نفسه أنه كان يريد جلب مبيعات أكثر للصورة.

لهذا كشفه ذكاء الصبي لقد عراه أمام نفسه ، لم يغمض له جفن تلك الليلة ظل يراسل جمعيات مهتمة بالأطفال.

وفي الغد ذهب إليهما وقد جلب معه الحذاء الملون ولباسا كاملا للفتاة وكذلك للفتى ،

وأخدهما معه إلى إحدى الجمعيات التي تهتم برعاية الأطفال الأيتام والمشردين.

وعاهد نفسه أنه سيجعلهما سعيدين وسيهتم بهما ويقوم بزيارتهما كلما أتحيت له الفرصة لفعل ذلك.

لقد غيرت هذه الحادثة رؤية المصور إلى الأشياء ، إن على المصور إلتقاط الصورة الحقيقية التي تكون في أغلب الأحيان.

وليس الصورة الإسثنائية الشاذة التي يفسرها الذهن على أنها الحقيقة المطلقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?