قصص منوعة

الغابة المسحورة الجزء الثاني

الغابة المسحورة الجزء الثاني

ينتظر الراعي الإجابة عن سؤاله ، واستمر في تكملة القصة قائلا : إن الآنسة أمينة كانت معروفة في قريتنا بالجمال ، وكمال الخلق ،

والعطف على فقراء القرية والمحتاجين فيها.

ولم ترد فقيرة تذهب إليها في بيتها من غير أن تساعدها وتعطيها ما تحتاج إليه.

وفي ليلة قمرية من الليالي كان في بيت عمدتنا حفل عيد ميلاد لابنته الواحدة أمينة.

فدخل الساحر بيت العمدة مختبئاً في مظهره مع المدعوين من الأقارب ، ولم يحس به أحد.

كان الجميع معجبين بالآنسة أمينة ، وفجأة حدثت زوبعة شديدة داخل البيت ، فاضطرب الحاضرون ، وشغلوا بالزوبعة ،

وتغيرت صورة الساحر.

اختبأت بنت العمدة ، وحملها الساحر ، وطار بها في السماء ، وأخذها إلى غابته المسحورة.

وحار الجميع في الأمر ، وعجبوا كل العجب ، ولم يروا أمامهم إلا سحبا كثيفة سوداء ، ولم يعرفوا ماذا يفعلون.

وقد حدثت ضجة في القرية ، وانتشر الخبر فيها سريعاً ، وجرى العمدة وأقاربه ومن عنده من الحرس ،

وخرج كثيرون من القرية للبحث عن الفتاة المحبوبة التي خطفها الساحر ، وخاطروا بحياتهم لإنقاذها ، وإعادتها إلى أهلها.

ووصلوا إلى مدخل الغابة ، ومعهم أسلحتهم ، ولكنهم لم يستطيعوا أن يفعلوا شيئا ، ورجعوا جميعا مهزومين.

ولم يمكنهم أن يتغلبوا على ذلك الساحر الشيطان ، فقد قوبلوا عند وصولهم بزوبعة فظيعة ، فتفرقوا ، وتاه بعضهم.

ورجعوا بدونها إلى القرية بعد أيام ، ولم يتمكنوا من دخول الغابة السوداء ، وعادوا أقل عددا مما ذهبوا.

تألم نبيل كل الألم ، واغتاظ كل الغيظ ، واحمرت عيناه ، بعد أن سمع تلك القصة ،

ونسي كل شيء عن العروس التي فكر في أن يتزوجها ، وأخذ عصاه الغليظة، وقام بالبحث عن الفتاتين المخطوفين في الغابة المسحورة.

فصاح الراعي ، وقال له : ، لا أيها الشاب ، لا تحاول أن تدخل تلك الغابة السوداء.

وأمسك بنبيل من يديه ، وحاول أن يمنعه من الذهاب إلى الغابة ، ويرجعه عن قصده ، ولكنه لم ينجح في إقناعه ومنعه.

إقرأ أيضا: قصة واقعية حقيقية فيها من العجب!

وسأله نبيل : كيف أعرف مدخل الغابة السوداء؟

1 3 4 10 1 3 4 10

أجابه الراعي : إن عند مدخل الغابة ثلاثة من الطيور الكبيرة البيضاء ، تحرس الباب ، وتطير حوله ، وتراقب كل من يحوم حول الغابة ، أو يقترب منها.

فإذا رأت أحدا غريبا أخبرت الساحر في الحال ، ويظن بعض الناس أن تلك الطيور هي التي تعمل الزوابع والعواصف بأجنحتها إذا أراد الساحر.

فاتعظ يا بني ، واستمع النصيحة ، وابتعد عن ذلك المكان الخطر ؛ فلن تسمح لك الطيور الثلاثة بالدخول.

تألم نبيل مما سمع ، وإجابة عن هذه النصيحة ، طلع فوق الشجرة ، وقطع فرعا منها ،

وصنع منه بالسكين الذي في جيبه قوساً وسهما ، ليدافع بهما عن نفسه.

وقال للراعي : لا تخف علي ، وانتظر كل يوم رجوعي إليك.

وتأكد أني سأحضر لك معي عروسك التي خطفت ، أو أخباراً عنها على الأقل.

حزن الراعي لفراق نبيل ، وخاف عليه ، ودعا له بالنجاح في مغامرته ، وودعه نبيل ، وسار في طريقه إلى الغابة السوداء.

استمر في سيره حتى رآها عن بعد ورأى الطيور الثلاثة الكبيرة البيضاء تطير فوق مدخل الغابة ،

وسمع حركة أجنحتها كأنها صوت رياح شديدة ، أو مياه كثيرة متدفقة.

رأته الطيور الكبيرة البيضاء ، وهي تراقب كل حركة عند مدخل الغابة ، وأخذت تطير وتحلق فوق المدخل بشكل دائري.

وقد مالت الشمس نحو الغرب ، وقربت أن تغرب.

كان نبيل يعرف حيوانات الغابة وطيورها ، وعرف أنها تتأثر بالموسيقي ونغماتها ،

فاستعد بقوسه وسهمه ليستعملهما عند الضرورة ، وجلس في داخل فجوة (فتحة) في شجرة ضخمة كبيرة ،

وبدأ يصفر ويزمر بمزمار معه ويحدث نغمات موسيقية هادئة ،

ويرسل تلك الموسيقى العذبة الهادئة نحو الطيور البيضاء القريبة من المكان الذي اختبأ فيه.

إقرأ أيضا: بينما كان مدير مصنع الورق الشهير منهمكا في الأحاديث والضحكات

تأثرت الطيور بنغمات الموسيقى ، وتغيرت حركاتها ، فبعد أن كانت تطير بشكل دائري لتهجم عليه ، توقفت عن الطيران ،

وأمالت رؤوسها لتصغي وتتمتع بالموسيقى العذبة الهادئة ، ونزلت ثم وقفت على صخرة كبيرة مسطحة بجانب مدخل الغابة.

استمر نبيل يصفر ويزمر ، ويلعب الموسيقى ، وغير النغمة ، وجعلها نغمة منومة ؛ حتى نامت الطيور البيضاء متأثرة بالموسيقى ،

ووضعت رؤوسها تحت أجنحتها ، ونامت نوماً عميقاً.

اطمأن نبيل ، ونجح في تنويم الطيور البيضاء ، ومر بينها ، ودخل الغابة المسحورة ، التي لم يدخلها إنسان قبله.

دخلها بهدوء خوفاً من أن يسمعه أحد ، أو يراه حراس آخرون للساحر.

دخل الغابة المخيفة وقد أظلم الليل ، وأحس بالتعب ، بعد رحلته الطويلة ، ومشيه طول النهار ،

فجلس ليستريح ، وانتظر حتى يطلع القمر.

ولشدة تعبه نام نوماً عميقاً.

وحينما استيقظ من نومه لم يعرف مقدار المدة التي نامها ، ووجد القمر مضيئاً ،

ورأى بجانبه قطة بيضاء ، واقفة على رجليها الخلفيتين ، تنظر إليه بعينيها الزرقاوين ،

نظرة كلها عجب واستغراب وحول رقبتها شريط من الحرير البرتقالي اللون ، وتلبس فوق جسمها رداء (فستاناً) حريرياً ، ذهبي اللون.

وقد عجب نبيل حينما رآها ، واعتقد أن هذا هو الساحر نفسه في صورة قطة ، فأمسك القوس والسهم بيديه ،

واستعد لقتلها، وسألها : هل أنت صاحبة الغابة المسحورة؟

أجابت القطة البيضاء : لا تخف ، فأنا مثلك ، وقد كنت عروساً ، فسحرني هذا الساحر الشرير ،

وجعلني تحت سيطرته ونفوذه.

ثم سألته : من الذي أتى بك إلى هذا المكان الموحش ، والسجن المنقطع عن العالم؟

إقرأ أيضا: الغابة المسحورة الجزء الثالث

قص عليها نبيل قصته ، حتى وصل إلى الجزء الخاص بالطيور التي عند مدخل الغابة ،

فارتعدت القطة البيضاء خوفاً عليه ، وقالت له : إني خائفة عليك ؛ لأن من دخل هذه الغابة استعبده الساحر ،

وجعله خاضعاً له بطريقته السحرية.

قال نبيل : صفي لي هذا الساحر ؛ فقد أتيت إلى هنا لأبحث عنه ، وإني أريد أن أعرفه عندما أقابله.

فحذرته القطة ، وقالت له : اخفض صوتك ، ولا تتكلم بصوت مرتفع ؛ فقد يأتي إلينا في أي لحظة.

وإننا لم نره بصورته الحقيقية ، فأحياناً نراه في صورة رجل ، وأحياناً في صورة قزم من الأقزام ،

ومرة نراه بشكل زوبعة شديدة ، أو سحابة كثيفة سوداء ، فإذا أعجب بشيء خطفه ، ثم سحره ، وجعله عبدا له.

وفي تلك اللحظة سمع نبيل صوت رياح شديدة بين الأشجار ، فصاحت القطة : أسرع ، وادخل المغارة البعيدة ،

وازحف على الأرض ؛ حتى لا يراك ؛ لأن عينيه كعين الصقر.

يتبع ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?