Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
قصص منوعة

الغولة الجزء الأول

الغولة الجزء الأول

عاشت في قديم الزمان عائلة تتكون من رجل وزوجته وطفلاهما كانوا في سعادة وهناء لا يكدر صفوها ولا يعكر هنائها شيئا ،

والطفلان يملآن جو البيت مرحا وسرورا.

لكن الهناء لا يدوم ، فقد بدأ صفو حياة هذه الأسرة يتكدر عندما مرضت الأم ،

وأخذ المرض يشتد عليها يوما بعد يوم حتى أدى إلى وفاتها فخيم الحزن على البيت ،

وملأت الحسرة قلب الرجل لوفاة زوجته
وبقي يفكر في حياة الطفلين بعدها.

فقرر أن لا يدخل بيته أو حياته إمرأة تحل محل زوجته وبأن يتفرغ لتربيتهم والعناية بهم خوفا من أن يعاملا عكس ما ألفا واعتادا في عهد أمهم ،

وكانت الفتاة التي تكبر أخاها تساعده على ذلك.

مضت الأيام والشهور والرجل يحاول جهده أن يملأ الفراغ الذي تركه وفاة زوجته في نفس الطفلين ، لئلا يشعران باليتم.

حتى كان ذات يوم عندما اقتحم على عالمهم أرملة من صديقات زوجته ،

أخذت تتردد عليهم ما بين وقت وآخر لتنظيف البيت أو تغسل الملابس ،

وكانت لا تنسى أن تمسح على رأس الطفلين وتقبلهما عند مجيئهما ، ووقت رواحها.

ومع الأيام تطورات علاقتها بالأسرة وتدرجت إلى العناية بالطفلين واعداد وجبات الغداء لهما وقضاء أكثر الأوقات بينهم ،

عمل تصرفها هذا على التخفيف من هموم الرجل وأحزانه يوما بعد يوم.

فكان يذهب إلى عمله مطمئنا إلى وجود من يرعى الأولاد في غيابه ،

فزاد ذلك من ارتباط الأرملة بهم وغدت تتصرف كما لو كانت ربة البيت.

كان هم الرجل أن لا يسمع من ينهر أبناءه أو يسيء معاملتهم أو يشعرهم باليتم.

إقرأ أيضا: زوجتي الثانية

أخذت مشاعر الرجل نحوها تتقوى يوما بعد يوم ، غير متلفت إلى ما سيتركه هذا التصرف من أثار نفسية على أبنائه ،

وذلك ما لم تقم به الأرملة فرآها خير من يخلف زوجته المرحومة.

ففاتحها ذات يوم في الزواج منها فلم تمانع ، فتزوجها لتعيش معهم ولتكون هي سيدة البيت.

كانت الفتاة التي عاشت مرتابة من الأرملة يوم دخلت عليهم البيت مظهرة الاهتمام بهم ،

تتابع تحول مشاعر أبيهم نحوهما شيئا فشيئا ، حتى كاد أن ينساهم.

وبقيت تنتظر اليوم الذي ستعاملهم فيها كخالة إلا أن انتظارها لم يدم طويلا ، فما أن أصبحت الأرملة سيدة البيت ،

حتى بدأت تقلل من اهتمامها بالأولاد تدريجيا مركزة اهتمامها على الرجل ،

لتأخذ في التذمر منهم والشكوى الدائمة من عندهم.

وأخذ الرجل يزداد تقربا منها كلما أبدت له تذمرها من انشغاله الدائم عنها بأولاده وطلبها منه الجلوس معها.

أخذ الرجل يستجيب لها ويقلل من اهتمامه بالأولاد ، وكان كلما لبى لها طلبا قدمت له آخر ، حتى صرف اهتمامه عن الطفلين نهائيا ،

وتركهما يعيشان بمفردهما.

فكانت الفتاة كبيرة وفاطنة وراشدة تولي عطفها وحنانها على أخيها.

قالت الخالة للرجل ذات يوم: لم أعد أطيق بقاء أبنائك بيننا.

كان قولها مفاجئا له ، إذ لم يكن يتوقع منها ذلك القول ، فحاول تجاهل طلبها ،

إلا أنها عادت فكررت قولها من جديد قلت لك لم أعد أطيق بقاء أبناؤك بيننا.

التفت أليها وسألها متعجبا إذا لم يعيشوا بيننا فأين سيعيشون.

فردت عليه متبرمة : لا أعرف ، في أي مكان وفي أي بيت؟

ابتسم الرجل في وجهها وهو لا يعرف ما إذا كانت جادة أو هازلة في طلبها فقال يخاطبها :

إنهم أبناؤنا يا بنت الحلال ، ولا يمكن لهم أن يعيشوا إلا بيننا.

فردت علية بحنق : إنهم أبناؤك من الأولى وإني أتعب نفسي في تربية أبناء إمرأة أخرى.

إقرأ أيضا: الغولة الجزء الثاني

لم يحاول الرجل أن يدخل معها في جدل أو نقاش ، لئلا يتعكر صفو حياته الزوجية ، فلاذ بالصمت ولم يرد عليها ،

إلا أنها فاجأته بطلبها : وقالت له وبلهجة حادة اسمع يا رجل أنت بين أمرين إما أن أخرج أنا من البيت ، أو يخرج منه أبناؤك.

رأى الرجل في موقفها الإصرار على طرد الأولاد وأحس بأنها جادة فيما تقول بتركها البيت والخروج منه ،

إذا لم يخرج منه أبناؤه.

ووجد نفسه في حيرة أشد من التي وقع فيها بعد وفاة زوجته ،

لا يعرف كيف يتصرف إزائها لأولاده.

بحيث يستحيل أن يعيشا بمفردهما خاصة الولد أما البنت فهي كبيرة وممكن تعتمد على نفسها أو تعتني بأخيها.

وأخذ يفكر هل يطاوعها ويطردهم من البيت أم يطردها هي ويتركها تغادر البيت ليفرغ لتربيتهما.

بقى الرجل يوازن بين عواطفه نحوها وعواطفه نحو أبناؤه ،

فرأى بأنه يقوى على فراق أبنائه ولا يقوى على فراقها.

فراح يسألها : إذا أخرجتهم من البيت إلى أين سيتجهون ومن الذي سيرعاهم.

أجابته وهي تغالب فرحها بالانتصار : احملهم إلى خارج القرية واتركهم هناك ليذهبوا إلى قرية غيرها والله سيتكفل بأمرهما.

كانت تشير في كلامها إلى مكان إذا تركهم فيه لن يبقوا أحياء لكثرة السباع والوحوش والأغوال الموجودة هناك.

لاذ الرجل بالصمت وأخذ يفكر في نتائج موافقته على رأيها قبل أن يقول لها :

إذا عليك باعداد ما يتزودون به في غربتهم من كعك ودقيق.

هبت المرآة من مكانها مسرعة والفرحة تغمرها فور سماعها موافقته على التخلص من أبنائه ،

وقامت لساعتها تدقق الطعام ، وتعد الكعك وتولى هو بنفسه وضع الكعك والدقيق في كيسين منفردين أحكم ربطهما ،

ثم قام بوضعهما عند إحدى زوايا الحجرة.

يتبع ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?