الفتوى
الفتوى
الفتوى شأنها عظيم وخصوصا في عصرنا التي أصبحت الفتوى تنقل فيه عبر وسائل الإعلام وقنوات التواصل في برهة من الزمن ، إلى الملايين من الناس.
فرحم الله من جعل بينه وبين الفتوى التي تبث مباشرة حاجزا ، وسداً منيعاً.
فالفتوى إبتلاء ، وقد تحرز منها الكثير من أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين ،
فالمتقدمين أخبارهم في ذلك مشهورة مبثوثة في كتب التراجم والسير.
قال الإمام مالك من فقه العالم أن يقول لا أعلم ،ط
وقد ذكر الإمام ابن الجوزي في كتابه (صيد الخاطر) في فصل «من قال لا أدري فقد أفتى» ،
أنّ مالك بن أنس روى أنّ رجلاً سأله عن مسألة فقال «لا أدري» ،
فقال سافرت البلدان إليك ، فقال : إرجع إلى بلدك وقل : سألت مالكاً فقال «لا أدري»
وكان علماء الصدر الأول يفصحون عما لا يعلمون باعتداد ودون حرج ، حتى لا يقولوا على الله ورسوله مالا يعلمون.
سئل الإمام الشافعي عن مسألة ؛ فسكت!
فقيل : ألا تجيب؟!
فقال رحمه الله : حتى أدري الفضل في سكوتي ، أو في الجواب!
إعلام الموقعين (4/168)
قال ابن أبي ليلى رحمه الله : أدركت مائة وعشرين من الأنصار ، من أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم ،
يُسأل أحدهم عن المسألة فيردها هذا إلى هذا ، وهذا إلى هذا ، حتى ترجع إلى الأول.
وما منهم من أحد يحدث بحديث ، أو يسأل عن شيء ؛ إلا ود أن أخاه كفاه!
إعلام الموقعين (4/168)
قال أبو الحسين الأزدي رحمه الله : إن أحدهم ليفتي في المسألة ؛ لو وردت على عمر بن الخطاب ؛ لجمع لها أهل بدر.
إقرأ أيضا: الفرق بين رغدا حيث شئتما وحيث شئتم رغدا؟
سئل القاسم بن محمد (أحد الفقهاء السبعة) عن شيء ، فقال رحمه الله :
إني لا أحسنه !
فقال له السائل : إني جئتك لا أعرف غيرك؟
فقال له القاسم : لا تنظر إلى طول لحيتي ، وكثرة الناس حولي ، والله ما أحسنه!
فَقال شيخ من قريش جالس إلى جنبه : يا ابن أخي ! إلزمها
فوالله ما رأيناك في مجلس أنبل منك اليوم.
فقال القاسم : والله لأن يقطع لساني ، أحب إلي من أن أتكلم بما لا علم لي به.
إعلام الموقعين (4/168).