الفلاح والذئب

الفلاح والذئب

طارد الصيادون ذئبا ، صدم الذئب في فراره ، فلاحا كان يخرج من مخزنه ومعه مدقة وكيس.

قال الذئب : أيها الرجل ، خبئني ؛ فالصيادون يطاردونني.

أشفق الفلاح عليه وخبأه في الكيس الذي ألقاه على كتفه.

ووصل الصيادون عدوا ، وسألوا : هل رأيت الذئب؟

أجاب الفلاح : لم أر ذئبا قط.

وانصرف الصيادون ، فوثب الذئب من الكيس وأراد أن يفترس الفلاح.

يا ذئب ، لا بد أن تكون بلا ضمير : لقد أنقدتك وتريد أن تفترسني!

فرد عليه الذئب : معروف الآخرين سرعان ما ينسى.

كلا ، إسأل الناس يقولون لك إن المعروف الذي أسدي إليك لا ينسى.

إقترح الذئب : لنمضي في طريقنا معا ، أتريد؟

وسنطرح على أول عابر طريق السؤال التالي : هل ينسى بسرعة المعروف الذي أسدي إلينا أو لا ينسى؟

فإذا كان الجواب : لا ينسى تركتك وشأنك ؛ لكن إذا كان الجواب : ينسى بسرعة ، إلتهمتك.

صادفا فرسا مُسنّةً لا تكاد ترى طريقها.

سألها الفلاح : قولي لنا يا فرس ما رأيك : هل ينسى المعروف الذي أسدي إلينا قديما ، أو لا ينسى؟

أجابت الفرس : لقد عشت إثنتي عشرة سنة عند معلمي ، وأعطيته إثني عشر مهرا ، دون أن أكفّ عن النقل والحراثة.

وفي العام الماضي ، فقدت بصري ، لكنني تابعت عملي ، كنت أطحن الحبوب.

وفي ذات يوم لم أعد أحتمل الدوران ووقعت
تحت العجلة ، فكم لطمتُ ، وكم ضربت ، سحبوني بذيلي إلى الوادي وقذفوني فيه.

وجدت نفسي فجأة في هذا القاع ، ولم أخرج منه إلا بشق النفس ، وإلى أين أذهب؟ لست أدري.

إقرأ أيضا: دجاجة القاضي

قال الذئب : أنت ترى أيها الرجل! معروف الآخرين ، سرعان ما ينسى.

أجاب الفلاح : إنتظر ، ولنسأل أيضا.

وجدوا على طريقهم بعد ذلك كلبا مسنا يجر نفسه على مؤخرته جرا ويتقدم ببطء.

قال له الفلاح : قل لي ما رأيك يا كلب هل ينسى بسرعة المعروف الذي يسدى ، أو لا يُنسى.

لقد عشت عند معلمي خمسة عشر عاما ، حرست فيها البيت ، ونبحت في الوقت المناسب ، وهجمت لأعض.

لكنني كبرت ، وفقدت أسناني ، فطردوني من المزرعة ، ثم أوسعوني ضربا بعريش مكسور.

وها أنت ترى أنني أسير بقدر ما أستطيع ، على غير هدى ، وعلى كل حال سأتوقف في موضع هو أبعد ما يكون عن معلمي القديم.

قال الذئب إذ ذاك : سمعته؟

لكن الفلاح كرر : إنتظر أيضاً اللقاء الثالث.

لقيا ثعلبا قال الفلاح له : يا ثعلب ، ما رأيك بهذه القضية : هل ينسى بسرعة المعروف الذي يسدى إلينا أو لا ينسى؟

قال الثعلب : ماذا يهمك من ذلك؟ لم هذا السؤال؟

لماذا؟ الذئب الذي تراه كان هاربا من الصيادين.

توسل إليّ فخبأته في هذا الكيس ، وهو يريد أن يأكلني في هذه الساعة.

ذئب كبير في هذا الكيس الصغير ، قل هذا لغيري! هذا غير ممكن.

لو رأيت ذلك ، إذن لقلت لكما من المحق منكما.

أجاب الفلاح : إنه يدخل بكامله في الكيس : ما عليك إلا أن تسأله.

قال الذئب : هذا صحيح.

قال الثعلب حينئذ : لن أصدق شيئاً من ذلك ما لم أره بعيني.

أرني كيف فعلت لتدخل ذلك الكيس!
أدخل الذئب رأسه إلى الكيس ، قال : هكذا فعلت.

إقرأ أيضا: من مذكرات شخص تخطى الثمانين عاما

قال الثعلب : قلت لك : أدخل بكاملك ؛ لست أرى بعد كيف إستطعت أن تفعل.

دخل الذئب بكامله في الكيس ،حينئذ قال الثعلب للفلاح : الآن ، أربط الكيس ربطة محكمة.

ربط الفلاح الكيس بحبل.

فقال الثعلب: یا فلاح ، حان الوقت لتُريَ إن كنت تعرف كيف يدق القمح على البيدر.

سر الفلاح كثيراً وأخذ مدقته ودق الذئب.

ولما كف الذئب عن الحركة إلتفت إلى الثعلب وقال له : يا ثعلب ، أتريد أن تعلم كيف يُدقّ القمح على البيدر.

وضربه الفلاح بالمدقة ضربة قاضية مات منها الثعلب.

قال الفلاح في نفسه : من المؤكد أن المعروف الذي يسدى سرعان ما ينسى!

Exit mobile version