الفن في جبر الخواطر
قصة حقيقية : روى لي هذه القصة أحد الأطباء ، قال : أنه وقبل عدة أعوام وفي حارته القديمة ، كان له جار متحدث لبق ،
مستمع جيد ، ومحاور هادئ ، وكان إنسانا إجتماعيا ومحبوبا.
يقول : في أحد الأيام إلتقيت به وهو يجهز سيارته ليذهب إلى مكان ما ،
ومما أثار إستغرابي علب شوكولا فاخرة ، حوالي أكثر من عشرين علبة موجودة بالمقعد الخلفي للسيارة!
فألقيت عليه السلام وسألته : إلى أين أنت ذاهب يا جار ؟
فرد علي السلام وابتسم إبتسامة جميلة لم أفهم معناها ، وقال : ما رأيك أن ترافقني ؟
قلت : لا مشكلة أرافقك ، ولكن أتمنى ألا يكون المكان بعيداً ؟
قال : إن شاء الله لن نتأخر.
فتوجهنا إلى حي فقير جدا ، يبعد عن حارتنا مسافة ساعة إلا ربع بالسيارة ، ثم أوقف السيارة ونزلنا منها ،
وحمل مجموعة من علب الشوكولا وتوجه إلى مجموعة من البيوت!
دق على الباب الأول ففتح الباب أولاد صغار ، وعندما رأوه قفزوا فرحاً ونادوا أمهم :
صاحب الشوكولاتة جاء يا أمي ، صاحب الشوكولاتة جاء يا أمي. ،
فأعطاهم علبة الشوكولاتة وتكلم مع الأطفال قليلا ، ثم استأذن!
ثم دق الباب على البيت الثاني ، ففتحت إمرأة كبيرة بالعمر وعندما رأته دعت له كثيرا :
الله يفتحها عليك يا إبني ، الله يرضى عليك ، الله يطعمك من ثمار الجنة ، والله يا إبني إنك تجبر خاطرنا ، الله يجبر خاطرك ،
ثم أعطاها علبة الشوكولاتة واستأذن.
وهكذا مع بقية البيوت ، وكل بيت كان قصة بحد ذاته ،
وفي كل بيت سيمفونية جميلة ورائعة من المشاعر والأحاسيس والدعاء.
المهم إنتهينا من توزيع علب الشوكولاتة ورجعنا إلى السيارة وتوجهنا إلى البيت!
فسألته سؤال المتردد : جزاك الله خيراً ، والله يعطيك العافية يا جار ، شيء جميل ما صنعته ، ولكن لدي سؤال ونصيحة لك ؟
إقرأ أيضا: نعمة الستر
قال : تفضل
قلت : لماذا لا تعطيهم مالا أليس أفضل لهم ، ويستطيعون شراء ما يحتاجون بنفسهم ؟!
ضحك جاري ضحكة قوية وكأن سؤالي أعجبه!
ثم إلتفت إلى الكرسي الخلفي وتناول علبة شوكولاته وقدمها لي ، وقال : إفتحها يا دكتور.
فتحت العلبة وأنا مترقب وكلي شوق لرؤية ما تحتويه العلبة ، فوجدت فيها بالإضافة للشوكولاتة ، مغلف فيه مبلغ مالي جيد!
فزادت حيرتي أكثر !
قلت له : لماذا لا تعطيهم المال مباشرة يا جار ؟
لماذا بداخل علبة الشوكولاتة ؟
فنظر إليَّ وابتسم كعادته وقال :
يا دكتور ، أنا شخص أحب الشوكولاته كثيرا ،
وهي أكثر شيء أحبه في حياتي ، وآكل منها يومياً ، والله عز وجل قال :
{ لَن تَنالُوا البِرَّ حَتّى تُنفِقوا مِمّا تُحِبّونَ }
وأنا أنفق مع الصدقة ما أحب في هذه الحياة.
ثم قال لي :
يا دكتور ، الصدقة فن ، والفقير يشتهي كما نشتهي.
العبرة :
لا تتعجبوا من فعله أبداً !
إنها الصدقة حين تأتي من القلب قبل اليد.
قالوا : الصدقة أنواع
بالإنعام ، والإكرام ، والإحترام ، والإبتسام.
( ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة )
{ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ }