قصص منوعة

القبيلة المتوحشة الجزء الثاني

القبيلة المتوحشة الجزء الثاني

وبعد أن أنهكه التعب ، غفى قليلا ، إلى أن أيقظه رجلان يشيران بيدهما أن يرافقهما ، فذهب معهم مُرغما وقد وضعوه في خلفية شاحنة صغيرة قديمة ، وأقفلوا عليه بابها.

وقد تجمّع أفراد القبيلة حول السيارة يودّعونه بابتسامة ، وكأنهم يشكروه على أخذهم لأصابعه!

وكم رغب جون بشدّة في فهم ما يحصل حوله ، مثل : أين هم أصدقائه الآن؟ ولما بُترت هذه القبيلة أصابعه ؟

وهل كان المترجم يعرف بأن هذا سيحصل له ، ولهذا طلب منه الهرب؟

وهل فعلوا الشيء ذاته مع جاك وبقيّة فريق العمل؟

عشرات الأسئلة كانت تدور في ذهنه ، لكن الرجلين اللذين كانا معه في الشاحنة لا يعرفان الإنجليزية.

وفي منتصف الطريق ، أغميّ على جون مجدّداً ، فتوقفت السيارة وركب أحد الأفريقين معه بالخلف ،

وصار يُشربه الماء ويغيّر له الضّماد الذي غرق بدمائه.

فاستفاق جون بإرهاقٍ شديد وسأله : أرجوك أخبرني لما قطعوا أصابعي ؟ وإلى أين نذهب ؟ وأين هم أصدقائي ؟

لكن الرجل لم يجيبه ، بل ظلّ يغير له الضّماد بصمت.

في المساء ، استيقظ جون داخل معسكرٍ مليء بالمهاقين! رجال ونساء وأطفال جميعهم من الإفريقين المصابين بمرض المهق ،

وكان كثير منهم مقطّعي الأطراف! ومن حسن حظ جون أنه وجد أحدهم يعرف الإنجليزية ، لكن ما أخبره به أفزعه تماما.

حيث قال له الرجل : هنا في تنزانيا توجد أسطورة قديمة تقول : أن المهق عبارة عن لعنة ،

وبأن المصابين به ليسوا بشراً بل شياطين ، وعلى أهاليهم التخلّص منهم كيّ لا يصابوا بالفقر والعار.

ومن جهةٍ ـخرى يعتبرون السحرة والمشعوذين بأن أعضائنا تُساعدهم في إستخراج الذهب ،

أما المرأة المهقاء فالإعتداء عليها يساعد في الشفاء من بعض الأمراض المستعصية كالإيدز.

فصرخ جون بعصبية وخوف : ما هذا الغباء؟! أيقتلوننا ليستخدموا أجسادنا بالسحر؟!

إقرأ أيضا: بشير ونوسة العروسة الجزء الأول

الرجل الأفريقي الأمهق بحزن : ليتهم يقتلوننا لنرتاح من هذا العذاب ، فأنا كما ترى أكبر الموجودين هنا ،

وقد عشت سنواتي الأربعين في قلقٍ تام ، وبالنهاية وقعت في أيديهم.

1 3 4 10 1 3 4 10

فنحن في معسكرٍ لبعض التجّار الذين يجرون الصفقات مع أهم المشعوذين الذي يأتونهم من كافة دول أفريقيا ليحصلوا على أجزاءٍ منا.

وتعتبر أنت محظوظاً جداً لأنك خسرت فقط ثلاثة أصابع ،

أنظر لذلك الطفل الصغير الذي لم يصل بعد لعمر السنتين , فقد باع والده أطرافه الأربعة ،
جون بخوف : والده؟!

نعم ، فبيع أعضاء المهق تعتبر تجارة ناجحة هنا ، ويمكنك تخيّل ألم هذا الصغير وهو يقطّع دون استخدام أيّ بنج أو دواءٍ مسكّن.

جون بخوف : يا الهي ! لابد أن أهرب من هنا ، وفي أسرع وقت.

الرجل بيأس : لا تحاول ، فالمكان مقفلٌ علينا بإحكام.

ثم عاد الرجل إلى سريره ، تاركاً جون يفكّر طوال اليوم بطريقة للهروب من هذا المعسكر اللعين.

وبعد ثلاثة أيام ، وصل الدور على جون ، حيث تمّ بيع رِجله اليمنى بمبلغٍ كبير لمشعوذ قدِمَ من أواسط أفريقيا إلى تنزانيا ،

وبعد أن حملاه رجلان ضخام البنية إلى وسط ساحة المعسكر ، حيث كان يقف الجلاّد ومعه ساطورٌ كبير ،

استطاع حينها جون تنفيذ خطته التي فكّر بها البارحة ،

حيث أسرع بطعن أحد الرجلين ( اللذين كانا يقتادانه للمشرحة ) بشظيّة من الزجاج كان وجدها في زاوية المعسكر ،

فأسقطه الرجل من يده بعد أن شعر بألم الطعنة ، ثم أسرع جون بسحب الشظية من كبد الرجل ، ليفقأ بها عين الرجل الثاني ،

وبينما كان الرجلان يتألمّان ، ركض بسرعة ناحية سيارة المشعوذ المركونة قرب الساحة ، ولحسن حظه وجد المفاتيح في مكانها.

وعلى الفور! هرب من أمام المعسكر , بينما لاحقته سيارات تجّار الأعضاء بغضبٍ شديد ، ووصلت المطاردة لأعلى الجبل.

إقرأ أيضا: القبيلة المتوحشة الجزء الثالث والأخير

كان ـمام جون طريق واحد للنجاة بحياته ، وهو أن يقفز ناحية النهر الموجود بالأسفل.

ودون تردّد منه ، قفز إلى هناك ليبتعد عن القتلة الذين ظلّوا يراقبون الوضع من فوق ،

إلاّ أنهم لم يروا أثراً لجون ، وكأن الأسطورة الأفريقية القديمة صحيحة والتي تقول :

أن جثث المهق الشيطانية تختفي بعد موتهم ، تماماً كالأشباح!

وبهذه النهاية ، عادوا بخيبة أمل إلى المعسكر ، في محاولة من قائدهم لإقناع المشعوذ الغاضب باختيار أمهقٍ آخر من المعسكر ،

بدلاً من جون الذي خسروه بالمطاردة.

استيقظ جون بعدها في سريرٍ بلاستيكي دافىء داخل خيمةٍ صغيرة ، فخرج منها قلقاً وهو يصرخ : أين أنا؟!

لكنه ارتاح كثيراً حين رأى صديقه جاك خارج الخيمة ، فأسرع بحضنه وهو يعاتبه بحزن :
لما تركتموني مع تلك القبيلة المتوحشة؟

يتبع ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?